شيلادزي الكردية.. هُنا نقطة الهروب من العراق إلى أوروبا

time reading iconدقائق القراءة - 7
جنود من الجيش الليتواني يقومون بتثبيت أسلاك شائكة على طول الحدود مع بيلاروسيا في دروسكينينكاي - 9 يوليو 2021 - REUTERS
جنود من الجيش الليتواني يقومون بتثبيت أسلاك شائكة على طول الحدود مع بيلاروسيا في دروسكينينكاي - 9 يوليو 2021 - REUTERS
شيلادزي (العراق) -رويترز

اختار العشرات من سكان بلدة واحدة في المنطقة الكردية داخل العراق، الهروب إلى دول الاتحاد الأوروبي عبر روسيا البيضاء، على الرغم من خطر تقطع السبل بهم في أوروبا أو الموت في الطريق إلى هناك، بحسب روايات مهربين محليين.

وقال أحد المهربين الأكراد العراقيين، إنه رتب رحلة لنحو 200 مهاجر يرغبون في مغادرة بلدة شيلادزي والمنطقة المحيطة، أولاً بالطائرة بشكل قانوني إلى مينسك عاصمة روسيا البيضاء، ثم براً بشكل غير قانوني.

وشيلادزي، بلدة يبلغ عدد سكانها نحو 40 ألف نسمة، وهي إحدى نقاط الانطلاق الرئيسية، وفقاً للمهربين والسكان المحليين.

وتقع المدينة في منطقة الحكم الذاتي المستقرة نسبياً في كردستان العراق. لكن مشكلات مثل قلة الوظائف وانخفاض الأجور، فضلاً عن التوتر بسبب الغارات العسكرية التركية على المسلحين الأكراد المتمركزين في العراق، تدفع الناس منذ فترة طويلة إلى البحث عن ملاذ وحياة أفضل في الغرب.

وأضاف المُهرب، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن عمله بدأ في أواخر ربيع هذا العام، عندما ارتفع عدد المهاجرين الذين يحاولون دخول الاتحاد الأوروبي من روسيا البيضاء، على الرغم من إقراره بالانزعاج لوفاة البعض أثناء محاولتهم العبور إلى دول الاتحاد الأوروبي.

وتابع: "لكنهم يريدون المغادرة، ماذا يمكنهم أن يفعلوا غير ذلك؟".

ورقة ضغط

ولقي مهاجر عراقي حتفه الشهر الماضي بعد عبوره إلى بولندا من روسيا البيضاء، وهو واحد من عدة متوفين في الآونة الأخيرة من المنطقة الحدودية، بالتزامن مع زيادة الهجرة غير الشرعية عبر الحدود الشرقية للاتحاد الأوروبي.

واتهمت بولندا وليتوانيا والاتحاد الأوروبي، روسيا البيضاء ، بتشجيع المهاجرين، ومعظمهم من العراق وأفغانستان، على عبور حدودها كشكل من أشكال الضغط على الاتحاد الأوروبي، فيما يتصل بعقوبات فرضتها بروكسل على مينسك بسبب انتهاكات حقوق الإنسان.

وزاد تدفق المهاجرين منذ فتح طريق روسيا البيضاء، إذ يعتقد المهاجرون أنه يوفر مخرجاً أسرع وأكثر أماناً.

والجمهورية السوفييتية السابقة واحدة من الوجهات النادرة التي يحصل العراقيون بسهولة على تأشيرات سياحية لدخولها، وبمجرد وصول المهاجرين إلى مينسك بالطائرة، يتم التعامل مع رحلتهم المستمرة بواسطة مهربين هناك في العادة.

لكن العراق علق الرحلات الجوية المباشرة من بغداد إلى مينسك في أغسطس بضغط من الاتحاد الأوروبي، وينتقل المهاجرون الآن عبر تركيا، وفقاً للمهربين والمقيمين ووكالات السفر والقنصل الفخري لروسيا البيضاء في أربيل.

ولم ترد حكومة إقليم كردستان ومقرها أربيل حتى الآن على طلبات للتعليق. وفي بغداد، قالت وزارة الداخلية العراقية إن "الاتجار بالبشر جريمة"، وإنها تتخذ إجراءات عند حدوث ذلك، لكنها لم توضح تفاصيل رداً على طلب للتعليق.

تكاليف باهظة

وقال المهرب من شيلادزي، إن شريكه في أوروبا رجل التقى به في تركيا، مضيفاً: "ساعدت نحو 200 شخص على المغادرة إلى أوروبا في الأشهر الخمسة الماضية"، على الرغم من أنه غير معروف إذا كانوا جميعاً وصلوا إلى أراضي الاتحاد الأوروبي من عدمه.

وأوضح أنه يعرف ما لا يقل عن ثلاثة مهربين آخرين يعملون في منطقته.

ولم يتمكن المسؤولون المحليون من توفير أرقام محددة لعدد المهاجرين. وبين صحافي محلي أن العدد ربما يصل إلى 400 من شيلادزي وبلدات أخرى في المنطقة منذ ربيع هذا العام، مشيراً إلى أن الأعداد آخذة في الازدياد.

وذكر عبد الله عمر، وهو حلاق يبلغ من العمر 38 عاماً، "رحل العديد من أقاربي وأصدقائي عبر هذا الطريق. ويريد كثيرون آخرون أن يفعلوا الشيء نفسه".

وأضاف "باع الناس منازلهم أو سياراتهم لتحمل تكاليف (الرحلة)".

ويمكن أن تصل تكلفة الرحلة إلى 12 ألف دولار، شاملة السفر جواً والتهريب براً بعد الوصول إلى أوروبا، وفقاً للمهرب ووكالات السفر المحلية المشاركة في حجز الرحلات الجوية.

أزمة اقتصادية

وأشار المحلل العراقي أمين فرج، إلى أنه " في حين أن كردستان أكثر استقراراً وتعتبر أكثر ازدهاراً من باقي أنحاء العراق، فإن الأزمة الاقتصادية المستمرة التي جعلت السلطات غير قادرة على دفع رواتب العاملين في القطاع العام ألقت ضغوطاً على الكثيرين من الأكراد العاديين".

وفضلاً عن ذلك، يعيش سكان شيلادزي في منطقة جبلية بالقرب من الحدود التركية، حيث يمكن أن يكون الأمن هشاً.

وتشن تركيا ضربات جوية في شمال العراق ضد حزب العمال الكردستاني الذي يتخذ من الشمال قاعدة له.

واعتبرت الحكومة الكردية هذا العام، أن الصراع المزمن "أدى إلى تفاقم انعدام الأمن وأجبر آلاف السكان من مئات القرى على الفرار من منازلهم وفقدان سبل عيشهم".

وقال هلكفت محمد، وهو من سكان شيلادزي: "منطقتنا محاصرة، إنها في أيدي حزب العمال الكردستاني والأتراك. منطقتنا جميلة، لكننا خائفون ولا نطمئن للبقاء هنا"، مضيفاً أن نجله البالغ من العمر 19 عاماً وصل إلى ألمانيا الشهر الماضي.

من جانبه، تحدث إبراهيم محمود إبراهيم، وهو مسؤول أمني محلي يبلغ من العمر 27 عاماً، "قرانا مهجورة، ولم يعد بإمكاننا الذهاب إلى الحقول".

ويتقاضى إبراهيم 400 دولار شهرياً، وهو راتب مناسب إلى حد ما في العراق لمن في درجته الوظيفية، لكنه قال إنه يفكر أيضاً في الهجرة.

وأضاف عزيز عبد الله، وهو صاحب متجر وأب لطفلين، أنه سيهاجر حتى لو كان ذلك يعني أن ينتهي به المطاف في مخيم في أوروبا انتظاراً للحصول على وضعية لاجئ.

يبيع عبد الله فساتين الزفاف في سوق البلدة، لكنه يقول إنه لا يأتيه أي زبائن تقريباً. وتساءل "لماذا تنفق عشرة آلاف دولار أميركي على الزواج، بينما يمكنك إنفاقها على المغادرة؟".