
شهد اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب في القاهرة، الثلاثاء، خلافاً بعد انسحاب وزير الخارجية المصري سامح شكري والوفد المرافق له من الجلسة الافتتاحية، بسبب تولي نجلاء المنقوش، وزيرة الخارجية في حكومة عبد الحميد الدبيبة التي أقالها البرلمان الليبي، رئاسة أعمال مجلس وزراء الخارجية العرب.
وقال المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية المصرية أحمد أبو زيد في تصريح لـ"وكالة أنباء الشرق الأوسط" المصرية، إن سبب مغادرة شكري والوفد المرافق له للجلسة هو "تولي نجلاء المنقوش الممثلة لحكومة منتهية ولايتها، رئاسة أعمال مجلس وزراء الخارجية العرب".
وأضاف أن "هذا الموضوع كان محل نقاش في الاجتماع التشاوري لوزراء الخارجية العرب قبل بدء الجلسة الرسمية".
وتوجد في ليبيا حالياً حكومتان متنافستان منذ مارس الماضي، عندما عيّن البرلمان الليبي فتحي باشاغا ليحل محل الدبيبة، الذي رفض تسليم السلطة إلا لحكومة مُنتخبة. وشهدت العاصمة طرابلس مؤخراً مواجهات دامية بين مسلحين موالين للحكومتين، ما أوقع العديد من الضحايا.
وتسلمت نجلاء المنقوش رئاسة الجامعة في دورتها الحالية من نظيرها اللبناني عبد الله بوحبيب، الذي ترأست بلاده الدورة 157.
المنقوش: نحترم موقف شكري ولكن نختلف معه
في المقابل، جاء رد المنقوش بشأن أسباب عدم اعتذار ليبيا عن رئاسة مجلس الجامعة، تجنباً لحدوث أزمة، قائلة: "ما حدث ليس أزمة بل اختلاف في وجهات النظر، كان هناك وجهة نظر سياسية معينة ووجهة نظر أخرى".
وأضافت المنقوش: "نحترم موقف شكري، بمغادرة الاجتماع ولكن لا نتفق معه"، معتبرة أن "تمثليها للوفد الليبي في الاجتماع يتفق مع المواثيق الدولية وميثاق الجامعة، والاتفاقات السياسية الليبية التي أبرمت برعاية الأمم المتحدة". وتابعت: "نتمنى أن نصل لحوار واتفاق بشأن هذه المسألة".
ورداً على سؤال بشأن أسباب استمرار الأزمة في بلادها، قالت المنقوش إن "ليبيا تمر بمرحلة انتقالية، والوضع السياسي فيه الكثير من التهويل من قبل الإعلام".
كما أضافت أن "حكومة الوحدة الوطنية شرعية وحاولت أن تكون توافقية"، بحسب تعبيرها، مشيرة إلى أن "الحكومة كانت تريد إجراء الانتخابات، ولكن لم يتم ذلك لأسباب أمنية". كما أوضحت أن "الانتخابات سيتم إجرائها بعد استكمال القاعدة الدستورية".
ووفق بيان لوزارة الخارجية في حكومة الدبيبة، دعت المنقوش إلى إعادة تفعيل "اللجنة الرباعية الخاصة بليبيا"، حتى تتمكن جامعة الدول العربية من "العمل سوية مع الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي" أعضاء اللجنة الرباعية، و"تنسيق الجهود الإقليمية والأممية لتنفيذ التزامات جميع الأطراف بمقررات ملتقى الحوار السياسي الذي رعته الأمم المتحدة ومؤتمري برلين الأول والثاني".
ولفتت المنقوش في كلمتها أمام الجامعة إلى ضرورة "بذل جهود استثنائية تحافظ على استقرار الدول العربية، ومنع تطور الأحداث بشكل سلبي بالدول الشقيقة التي تعاني ويلات الحرب والانقسام وخطر الإرهاب وتداعيات الأزمات الاقتصادية".
وتطرّقت إلى الأوضاع في ليبيا بالقول إنه: "بالعمل الدؤوب والإرادة الوطنية لليبيين، وبدعم أشقائهم العرب الذي يجب أن يتواصل، سنتمكن من إجراء انتخابات وطنية في ليبيا وفق قوانين نزيهة وعادلة وقبلها تهيئة الظروف الملائمة لإجرائها في كافة مناطق ليبيا".
وطالبت المنقوش في كلمتها "بانعقاد اللقاء التشاوري المقبل على مستوى وزراء خارجية العرب في طرابلس التي سبق لها قبل ما يقرب من عام، استضافة مؤتمر دولي لدعم استقرار ليبيا"، مؤكدة الإصرار على "استعادة دور ليبيا الداعم للاستقرار والسلام في المنطقة ومحيطها الإفريقي والأوروبي".
ونوّهت إلى أنها "أول امرأة عربية ووزيرة خارجية تستلم مهام هذا المنصب الدوري، ودلالة هذا الأمر على تطور العمل السياسي بالمنطقة، رغم كل الصعوبات التي تواجه المشاركة السياسية للمرأة العربية".
أبو الغيط: قادرون على الاستجابة للتحديات
وفي كلمة خلال الجلسة، قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إن "العالم العربي، على ما يعانيه من أزمات وبرغم ما يواجهه من تحديات، لا يزال قادراً على الاستجابة للتحديات، ككتلة إقليمية صلبة ومتراصة".
وأضاف أن "العالم يعيش حالة خطيرة، نلمسها جميعاً، من تلاحق الأزمات وتداخلها وتسارع وتيرتها، وما من دولة إلّا وتجد نفسها اليوم في خضم هذه الأزمات بصورة أو بأخرى، مضطرة للتعامل مع تبعاتها والتجاوب مع مجرياتها".
وتابع: "وليس عالمنا العربي ببعيد عن هذه الأزمات ومخاطرها، وليست دولنا العربية بمنأى عن ارتدادات شديدة نشأت بالأساس عن الحرب في أوكرانيا، وقبلها أزمة كورونا وما خلّفته من تباطؤ اقتصادي واضطراب في الأسواق وسلاسل التوريد على صعيد عالمي".
وأكد أن "هذه الأزمات كشفت، من بين ما كشفت، عن ترابط القضايا والمشكلات في سلسلة متصلة، فالطاقة والأمن الغذائي والتغير المناخي على سبيل المثال، جميعها قضايا مترابطة لا انفصال بينها، وهي قضايا ترتبط بالأمن العالمي، وبالعلاقات بين القوى الكبرى، صراعاً أو اتفاقاً" .
أزمة العراق
وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية، إن الرأي العام العربي يتابع ما يجري في العراق "بقلقٍ بالغ"، مضيفاً: "لقد وُئدت خلال الأيام الماضية فتنةٌ كادت أن تلقي بالبلاد في أتون المزيد من الصراع والعنف"، وحذر من مخاطر استمرار الأزمة السياسية.
وطالب كافة القوى السياسية والمكونات في العراق باللجوء للحوار السياسي سبيلاً وحيداً لمعالجة الخلافات، والابتعاد عن العنف أو التهديد به، والإبقاء على مشاكل العراق في داخل العراق.
ولفت إلى أن الشعب العراقي عانى كثيراً، وهو يتطلع بكل أطيافه إلى الاستقرار السياسي والأمان الاقتصادي، ويسعى لأن ينأى ببلده عن الاستقطاب الإقليمي.
اقرأ أيضاً: