إلى أي مدى اقتربت إيران من إنتاج قنبلة نووية؟

time reading iconدقائق القراءة - 9
قسم من منشأة فرودو لتخصيب اليورانيوم قرب مدينة قم شمال إيران، 6 نوفمبر 2019  - AFP
قسم من منشأة فرودو لتخصيب اليورانيوم قرب مدينة قم شمال إيران، 6 نوفمبر 2019 - AFP
فيينا-رويترز

يتعرض الاتفاق النووي المبرم بين إيران والقوى العالمية في 2015 للتآكل، وتواجه الجهود الرامية لإحيائه تحدياً جديداً بمقتل أبرز العلماء النوويين الإيرانيين.

يهدف الاتفاق النووي الذي عُقد في فيينا عام 2015 إلى حل إحدى أخطر وأطول أزمات الانتشار النووي في الشرق الأوسط، وضمان الطابع السلمي للبرنامج النووي الإيراني، فضلاً عن وضع نظام رقابي يعزز دور الوكالة الدولية للطاقة الذرية في التحقق من أنشطة إيران النووية.

وبالنظر إلى القيود التي يفرضها الاتفاق على إيران، سيتطلب الأمر من طهران سنة كاملة لجمع المادة الضرورية لصنع قنبلة باستعمال اليورانيوم، إذا ما قررت خوض سباق التسلح. 

وفي حال التزام طهران، يحدُّ الاتفاق من حصولها على مادة البلوتونيوم (عنصر قابل للانشطار النووي) التي تستخدم لتصنيع الأسلحة النووية، لمدة لا تقل عن 10 أعوام إلى 15 عاماً.          

من جهتها تصر إيران على أنها لم تسعَ قط للحصول على الأسلحة النووية وأنها لن تفعل ذلك، مشيرة إلى أن أعمالها في هذا المجال تقتصر على الأغراض المدنية فقط.  

بدأت طهران في العام الماضي خرق القيود التي ينص عليها الاتفاق، رداً على قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب بالانسحاب من الاتفاق في مايو 2018 وإعادة فرض العقوبات الأميركية على طهران.         

وأدى ذلك إلى تقليل الفترة اللازمة لإيران لإنتاج المواد الكافية لصنع سلاح نووي، غير أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تشرف على تنفيذ الاتفاق تشير إلى أن إيران تمضي قدماً في عملها النووي وبسرعة كبيرة. 

سعت دول أوروبية لإنقاذ الاتفاق النووي ومارست ضغطاً على طهران للالتزام به، رغم تشديد واشنطن للعقوبات والتمسك بالأمل في تغيّر السياسة ما إن يتولى الرئيس المنتخب جو بايدن الذي فاوض إلى جانب الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما على اتفاق عام 2015. 

ما مدى تقدّم إيران نووياً؟              

خالفت إيران الكثير من قيود الاتفاق، غير أنها لا تزال تتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وتتيح لها العمل مع مفتشيها بموجب واحد من أشد برامج التحقق النووي المفروضة على أي دولة.

ويقصر الاتفاق النووي مخزون إيران من اليورانيوم المخصب على 202.8 كيلوغرام، وهو ما يعد نسبة ضئيلة مقارنة بما قامت إيران بتخصيبه قبيل الاتفاق (8 أطنان من اليورانيوم). 

وتجاوزت إيران هذا الحد العام الماضي، وقدّر تقرير الوكالة الدولية لشهر أن المخزون يبلغ 2442.9 كيلوغرام.

ويفرض الاتفاق حداً أعلى للمستوى الانشطاري الذي يمكن لإيران أن تخصب اليورانيوم به عند 3.67%، وهذا يقل كثيراً عن المستوى الذي حققته قبل الاتفاق (20%)، وأقل بكثير من المستوى اللازم لصنع السلاح النووي (90%).               

وخالفت إيران هذا القيد في يوليو 2019 عندما رفعت مستوى التخصيب إلى 4.5%، والذي بقي ثابتاً منذ العام الماضي. 

ويسمح الاتفاق لإيران بإنتاج اليورانيوم المخصب باستخدام نحو 5000 جهاز من الجيل الأول "آي آر-1" (AR-1) من أجهزة الطرد المركزي في وحدة نطنز التي أنشأتها تحت الأرض، والتي تتسع لنحو 50 ألف جهاز. 

ويمكن لهذه الوحدة تشغيل أعداد صغيرة من أجهزة أكثر تقدماً فوق الأرض دون أن يتراكم فيها اليورانيوم المخصب، ولدى إيران نحو 2000 جهاز للطرد المركزي كانت عاملة قبل الاتفاق.             

في 2019 قالت الوكالة الدولية إن إيران بدأت التخصيب بأجهزة متقدمة للطرد المركزي في معمل تجريبي فوق الأرض في نطنز. ومنذ ذلك الحين شرعت إيران في نقل 3 مجموعات من أجهزة الطرد المركزي المتقدمة إلى مصنعها تحت الأرض.      

هل اقتربت إيران من امتلاك القنبلة؟  

في نوفمبر قالت الوكالة الدولية إن إيران قامت بتغذية أولى تلك المجموعات التي أعدتها تحت سطح الأرض بسادس فلوريد اليورانيوم (الحالة الغازية لليوارانيوم الصلب، وهو أسرع في الانتقال عبر الحاجز النفوذي"permeability").

ويحظر الاتفاق تخصيب اليورانيوم في موقع "فوردو" الذي بنته إيران سراً في أحد الجبال وكشفته أجهزة المخابرات الغربية عام 2009، ويسمح بأجهزة الطرد المركزي في هذا الموقع لأغراض أخرى مثل إنتاج النظائر المستقرة (عناصر غير مشعة). 

 وتملك إيران في الوقت الحالي نحو 1044 جهازاً من نوع "آي- آر 1" (AR-1) للتخصيب في فوردو، بحسب ما نقلت وكالة رويترز للأنباء. 

تتباين التقديرات الخاصة بالفترة التي تحتاجها إيران لامتلاك المواد اللازمة لصنع السلاح النووي، إذ يقول خبراء ودبلوماسيون إن نقطة البداية التي كانت عاماً بموجب الاتفاق هي تقدير متحفظ وإن إيران تحتاج وقتاً أطول، وفقاً لرويترز.            

وفي نوفمبر، قدّر ديفيد أولبرايت، مفتش الأسلحة السابق في فرق الأمم المتحدة، والذي يميل إلى التشدد في ما يتعلق بإيران، أن الفترة اللازمة قد تكون قصيرة تصل إلى 3 أشهر ونصف، رغم أن ذلك قائم على افتراض أن إيران ستستخدم 2000 جهاز طردي مركزي متقدم، وذلك استُبعد سابقاً بموجب الاتفاق.

ما الذي تحتاج إيران لفعله؟

إذا جمعت إيران مواد انشطارية كافية فستحتاج لتجميع قنبلة، وعلى الأرجح ستكون صغيرة بما يكفي لتركيبها على صواريخ باليستية. والفترة التي يستغرقها ذلك على وجه الدقة ليست واضحة، غير أن تخزين كمية كافية من المواد الانشطارية يعتبر على نطاق واسع أكبر عقبة في إنتاج السلاح النووي.

وتعتقد وكالات الاستخبارات الأميركية والوكالة الدولية أن إيران امتلكت في فترة من الفترات برنامجاً للتسليح النووي وأنها أوقفته. وثمة أدلة تشير إلى أن إيران حصلت على تصميم لقنبلة نووية ونفذت أعمالاً مختلفة تتصل بتصنيعها.

ولا تزال إيران تتيح للوكالة الدولية تفتيش منشآتها النووية المعلنة، وتسمح للمفتشين بزيارات مفاجئة في أماكن أخرى.

وهذا العام سوّت إيران والوكالة الدولية خلافاً استمر عدة أشهر حول السماح بدخول موقعين سابقين حامت حولهما الشبهات.