سريلانكا.. تاريخ من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي

time reading iconدقائق القراءة - 6
متظاهرون يحتجون أمام الأمانة الرئاسية بعد فرار الرئيس السريلانكي جوتابايا راجاباكسا - 9 يوليو 2022 - REUTERS
متظاهرون يحتجون أمام الأمانة الرئاسية بعد فرار الرئيس السريلانكي جوتابايا راجاباكسا - 9 يوليو 2022 - REUTERS
كولومبو -أ ف ب

سريلانكا، التي فر رئيسها جوتابايا راجابكسا من مقر إقامته الرسمي، السبت، جزيرة تقع في جنوب آسيا وذات تاريخ مضطرب مع حرب أهلية طويلة الأمد لم تنته إلا في العام 2009.

فمئات المتظاهرين الذين هاجموا قصر الرئيس في العاصمة كولومبو يحمّلونه مسؤولية الأزمة الاقتصادية الكارثية التي تشهدها البلاد.

والجزيرة، التي كانت مركزاً أساسياً للتجارة في المحيط الهندي في حقبة روما القديمة، وكانت تطلق عليها تسمية سيلان، سيطر عليها البرتغاليون من العام 1505 حتى العام 1656، لتنتقل بعد ذلك إلى الهيمنة الهولندية حتى العام 1796، حين أصبحت مستعمرة بريطانية، وحكم آخر الملوك السنهاليين الجزيرة من العام 1798 حتى العام 1815.

ونالت الجزيرة استقلالها عن بريطانيا في العام 1948، وهي مذّاك عضو في مجموعة دول الكومنولث، وأصبحت جمهورية في العام 1972 كما أصبح اسمها رسمياً سريلانكا.

تقع سريلانكا على بعد نحو 20 كيلومتراً من أقصى جنوب شرق الهند، وتبلغ مساحتها 65 ألف كيلومتر مربع ويبلغ عدد سكانها 21,9 مليون نسمة، وفق أرقام البنك الدولي في العام 2020، وعاصمتها كولومبو.

والسريلانكيون بغالبيتهم بوذيون، 70% خصوصاً من أبناء العرقية السنهالية، فيما يتركّز انتشار الهندوس وخصوصاً التاميل في الشمال والشمال الشرقي ويشكلون 12% من السكان، بينما يشكل المسلمون 10% والمسيحيون 7%.

مقاتلو "النمور"

في العام 1972 شكّل الطالب السابق فيلوبيلاي براباكاران، وهو من أبناء عرقية التاميل ومتحدّر من إقليم جافنا الشمالي، "نمور التاميل الجدد"، وهي مجموعة متمردة تناضل ضد التمييز الذي تمارسه الأكثرية السنهالية ضد هذه الأقلية.

وبعدما انتقل إلى العمل السري، عاود الظهور في العام 1975 معلناً استهداف رئيس بلدية جافنا، في أول عملية اغتيال سياسي له.

في العام 1976 تحوّلت مجموعته إلى "نمور تحرير إيلام التاميل"، التي خاضت تمرداً من أجل إقامة دولة مستقلة للتاميل في شمال سريلانكا وشرقها، في أراض تعادل مساحتها ثلث المساحة الإجمالية للجزيرة.

وشعار المنظمة نمر يزأر، بينما يتشكل شعار سريلانكا من أسد ذهبي يحمل سيفاً.

في العام 1991 اغتال "النمور" رئيس الوزراء الهندي الأسبق راجيف غاندي، وفي العام 1993 اغتالوا الرئيس راناسينغي بريماداسا، وأعقبت ذلك هجمات انتحارية عدة.

في العام 2009 سحق الجيش التمرد، في عملية دامية قتل خلالها قادة المجموعة، لا سيما براباكاران.

في تلك الفترة كان الرئيس الحالي غوتابايا راجابكسا قائداً للقوات المسلّحة فيما كان شقيقه ماهيندا، الذي يتولى حالياً رئاسة الوزراء، رئيساً للبلاد.

وتتّهم جهات تعنى بالدفاع عن حقوق الإنسان الرجلين بارتكاب جرائم حرب، وتشير إلى سقوط 40 ألف مدني من عرقية التاميل في الأشهر الأخيرة للنزاع، وهو ما تنفيه السلطات على الدوام.

وبحسب الأمم المتحدة، أوقعت الحرب الأهلية، التي شهدتها سريلانكا على مدى 37 عاماً، نحو 100 ألف ضحية.

في 21 أبريل 2019 نفّذ 7 من عناصر "جماعة التوحيد الوطني" هجمات انتحارية في 3 كنائس خلال إحياء مراسم عيد الفصح وفي فنادق فاخرة، ما أوقع 279 ضحية بينهم 45 أجنبياً، فيما أعلن تنظيم "داعش" مسؤوليته عن الهجمات.

وفاقمت هذه الاعتداءات الاستياء تجاه الأقلية المسلمة، وهو ما كان يعمل رهبان بوذيون متشددون على تأجيجه على مدى سنوات.

أزمة اقتصادية

وكانت للهجمات، التي وقعت في عيد الفصح في العام 2019 وما تلاها من تفش لجائحة كورونا، تداعيات كارثية على اقتصاد البلاد، ما حرم سريلانكا رافعتها السياحية والتحويلات المالية للشتات، التي تعد المصدر الرئيسي للعملات الأجنبية.

كذلك فاقمت قرارات سياسية خاطئة مشاكل البلاد، وفق خبراء اقتصاديين.

وبعدما تخلّفت سريلانكا في أبريل الماضي عن سداد دينها الخارجي البالغ 51 مليار دولار، طلبت البلاد الحصول على مساعدة من صندوق النقد الدولي، الذي طالب كولومبو بوضع حد للفساد وزيادة الضرائب بشكل كبير.

وفي الأشهر الأخيرة تضاعفت الاحتجاجات الشعبية، التي تخلّلتها أحيانا أعمال عنف، على خلفية تقنين التغذية بالتيار الكهربائي والنقص في المواد الغذائية وتسارع التضخم.

وجاء مشهد هروب الرئيس جوتابايا راجابكسا من مقر إقامته الرسمي، الذي اقتحمه مواطنون غاضبون، وإعلانه التنحي الأسبوع المقبل، ليشكل حلقة جديدة من تاريخ الجزيرة المضطرب، الذي يبدو أنه ليس على موعد مع الهدوء والاستقرار على المدى المنظور.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات