
شددت رئيسة وزراء نيوزيلندا جاسيندا أرديرن، على ضرورة معالجة الموقف الصارم بشكل متزايد الذي تتخذه الصين في المحيط الهادئ، من خلال الحوار والدبلوماسية.
وأثار توقيع الصين اتفاقاً أمنياً مع جزر سليمان، في أبريل الماضي، صدمة في أستراليا ونيوزيلندا، إذ اعتُبر نصراً دبلوماسياً ضخماً لبكين وأول اتفاق من نوعه في المحيط الهادئ، كما أفادت وكالة "بلومبرغ".
وقالت أرديرن، خلال القمة التي عقدها حلف شمال الأطلسي "الناتو" في مدريد، الأسبوع الماضي، إن الصين، وهي أبرز شريك تجاري لبلادها، باتت أكثر حزماً واستعداداً لتحدي القواعد والأعراف الدولية. فيما وصفت بكين تعليقات أرديرن بأنها كانت "خاطئة" و"مؤسفة".
"الانخراط مع بكين"
أرديرن قالت، في خطاب ألقته أمام "معهد لوي" بسيدني، الخميس: "بعد التوترات التي نشهد تصاعدها، بما في ذلك في منطقتنا بالمحيطين الهندي والهادئ، يجب أن تصبح الدبلوماسية أقوى أداة وتخفيف التصعيد بأعلى صوت. ومع ذلك، لن ننجح إذا كانت تلك الأطراف التي نسعى إلى التعامل معها، معزولة بشكل متزايد، وتصبح المنطقة التي نقيم فيها منقسمة وتشهد استقطاباً في شكل متزايد".
وأضافت أن نيوزيلندا التي تتطلّع إلى المحيط الهندي الأوسع، تسعى إلى "ضمان تعزيز كثافة انخراطنا، وندعو الآخرين إلى فعل الأمر ذاته".
واعتبرت أرديرن، أن التجارة لم تعُد وسيلة حصرية للنموّ الاقتصادي، بل أيضاً وسيلة لدعم القيم المشتركة، موضحة: "حتى عندما تصبح الصين أكثر حزماً في السعي إلى (تحقيق) مصالحها، لا تزال هناك مصالح مشتركة يمكننا، ويجب علينا، التعاون بشأنها. إن نظام ما بعد الحرب (العالمية الثانية) والقواعد التي ترتكز إليه، دعم صعود الصين، وباعتبارها عضواً دائماً في مجلس الأمن، لدى الصين دور حاسم في الحفاظ على هذا النظام".
ونبّهت إلى أن العالم بات "فوضوياً بشكل دموي" الآن، واستدركت: "من بين كل التعقيدات، ما زلنا نرى في أحيان كثيرة، ملفات مصوّرة بطريقة سوداء وبيضاء"، في إشارة إلى غياب التسويات والحلول الوسط.
وقالت أرديرن: "هذا أحد التحديات التي تواجه سياسة خارجية مستقلة. إنه تحدٍ أيضاً لجميع الذين يسعون إلى السلام والاستقرار، من خلال الحوار والدبلوماسية، في وقت لا يوجد فيه مجال للخطأ وسوء الفهم".
أستراليا والصين
في سياق متصل، أعلنت وزارة الخارجية الصينية أن وزيري الخارجية، الصيني وانج يي والأسترالية بيني وونج، سيلتقيان في بالي، على هامش اجتماع لمجموعة العشرين، في أول اجتماع لوزيري خارجية البلدين منذ نحو 3 سنوات، سيحاولان خلاله إحياء علاقات اتسمت غالباً بالتوتر.
وقالت وونج في وقت سابق، في بالي حيث تحضر، هي ووانج يي، اجتماع مجموعة العشرين: "نعتقد أن استقرار هذه العلاقات سيكون من مصلحة الصين وأستراليا. يبقى الوزراء الأستراليون منفتحين على الانخراط" مع زملائهم الصينيين.
وتدهورت العلاقات بين كانبيرا وبكين في السنوات الخمس الماضية، مع تصاعد توترات وانتقادات ثنائية، بلغت ذروتها إثر فرض الصين تعريفات جمركية على صادرات أستراليا من النبيذ والشعير، في عام 2020، وعرقلتها التبادل التجاري في سلع أخرى. ولكن في الأسابيع الستة بعد تشكيل حكومة جديدة في كانبيرا، إثر فوز حزب العمال في الانتخابات، حاول الجانبان إصلاح علاقاتهما، بحسب "بلومبرغ".
وقال السفير الصيني لدى أستراليا، شياو تشيان، الشهر الماضي: "كانت السنوات الأخيرة في علاقاتنا فترة صعبة". واستدرك أن الانتخابات "أتاحت لنا فرصة لتحسين العلاقات الثنائية بين الصين وأستراليا".
توترات وخلافات
بعد تفشّي فيروس كورونا، في عام 2020، أثار طلب أستراليا بأن تسمح الصين بإجراء عمليات تفتيش لتحديد منشأ الفيروس، غضباً في بكين، التي ردّت بفرض تعريفات وإجراءات أخرى.
ورغم الاجتماع المرتقب بين بيني وونج ووانج يي، ثمة عقبات كبرى على الجانبين التغلّب عليها من أجل تحسين علاقاتهما بشكل جدي. وإضافة إلى التجارة، انتقدت كانبيرا مرات الإجراءات الصينية في هونج كونج وإقليم شينجيانج وبحر الصين الجنوبي، وفي ما يتعلّق بتايوان. أما بكين فاستاءت من أن أستراليا حظّرت مشاركة شركة "هواوي" الصينية في تشييد شبكة الجيل الخامس للإنترنت في البلاد، ومنعت استثمار شركات صينية على أراضيها.
وشدد الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية تشاو ليجيان، قبل أيام، على أن تحسين العلاقات بين بلاده وأستراليا يتطلّب "إجراءات ملموسة". أما رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز، فأكد الشهر الماضي أن هذا الأمر سيعتمد على موافقة الحكومة الصينية على رفع العقوبات التجارية والحواجز المفروضة على الصادرات الأسترالية.
وزير التجارة الأسترالي دون فاريل، قال الخميس إن "التعريفات الجمركية على الصادرات الأسترالية يجب أن تُرفع"، وزاد: "إذا فعلت الصين ذلك، فيمكن لأستراليا أن تسحب شكاويها إلى منظمة التجارة العالمية بشأن تصرّفات الصين".
كان وزير الدفاع الأسترالي ريتشارد مارليس، أعلن أنه أجرى "محادثة صريحة جداً" مع نظيره الصيني وي فنجي، على هامش مؤتمر "حوار شانجريلا" الأمني في سنغافورة منتصف الشهر الماضي.
واعتبر أن الاجتماع يشكّل "خطوة أولى حاسمة" لإجراء محادثات بين دولتين مهمتين في المنطقة، مشدداً على اهتمام أستراليا بتجنّب "عسكرة" المحيط الهادئ. وتابع: "نقدّر العلاقات المثمرة مع الصين. ولكن... لدينا الكثير من المصالح الوطنية ولن نتردد في تأكيدها بأقوى العبارات الممكنة"، بحسب "بلومبرغ".
اقرأ أيضاً: