
تضع وزارة الدفاع الأميركية (بنتاجون) خطة مستقبلية تعتمد على صواريخ شركة "سبيس إكس" الفضائية بهدف نقل قوات من الجيش الأميركي والمؤن والأسلحة ومركبات طائرة، بين أي نقطتين على سطح الأرض في أقل من 60 دقيقة، في وقت نجحت فيه الشركة في القيام بأسرع سلسلة عمليات إطلاق للفضاء في التاريخ الحديث، الأحد.
وكشفت وثائق لقوة النقل الفضائي التابعة للبنتاجون حصل عليها موقع "ذي إنترسبت" بموجب قانون حرية المعلومات ونشرها الأحد، أن قيادة النقل بالجيش الأميركي USTRANSCOM، وهي الوحدة المكلفة من البنتاجون بتولي مهمة نقل مختلف المعدات والقوات والمؤن، تعاونت في أكتوبر 2020 مع "سبيس إكس" لدراسة إمكانية إطلاق المعدات العسكرية والمؤن إلى الفضاء والهبوط بها إلى الأرض من جديد على متن صواريخ الشركة، وذلك بدلاً من التحليق بها بطائرات تقليدية.
"هجوم بنغازي 2012"
وقال "إنترسيبت" إن المحرك وراء تلك الخطة هو رغبة البنتاجون في الحصول على قدرات تمكنه من نشر قوة رد سريع لإحباط أي مخطط يشابه هجوم بنغازي في ليبيا عام 2012 والذي راح ضحيته السفير الأميركي في ليبيا حينها كريستوفر ستيفينز حين هاجم إرهابيون مجمع السفارة الأميركية في بنغازي.
وألقي الموقع باللوم في وفاة السفير خلال هذا الهجوم على تأخر وصول قوات أميركية إلى ليبيا.
ويمكن لصاروخ سبيس إكس "ستارشيب" نقل حمولة تزن نحو 100 طن، ويستهدف إنجاز مهمات فضائية مثل إطلاق الأقمار الصناعية بتكلفة أقل من صاروخ الشركة "فالكون 9" المستخدم حالياً بكثافة، إلى جانب نقل رواد الفضاء والمؤن من وإلى محطة الفضاء الدولية، إضافة لرحلات إلى مختلف الكواكب المحيطة والقمر.
وتتميز صواريخ "ستارشيب" بإمكانية العودة إلى الأرض مرة أخرى، وإعادة استخدامها بعكس الصواريخ التقليدية التي عادة ما تنفجر في الفضاء بعد وضع شحنتها في المدار.
ويتمثل التصور، الذي قدمه العقيد بالجيش الأميركي ستيفين ليونز، في إمكانية الاستعانة بصاروخ "سبيس إكس" العملاق Starship، بحيث يتمكن من نقل حمولة تعادل ما يمكن لطائرة من طراز C-17 التحليق بها إلى أي مكان في العالم خلال أقل من ساعة زمنية حسب ما ذكر موقع القوات الجوية الأميركية.
وقدمت وزارة الدفاع الأميركية 3 أمثلة حول الاستخدامات المستقبلية لإدخال صواريخ "ستارشيب" إلى حيز قطاع نقل البضائع والمؤن والقوات العسكرية، وكان المثال الأول يتمثل في استخدام تلك الصواريخ لتسهيل عمليات نقل وتسليم اللوجيستيات العسكرية في منطقة المحيط الهادئ، دون إثارة توترات مباشرة بين الجانبين الأميركي والصيني.
أما المثال الثاني فيأتي في صورة موقف يحتاج إلى دعم القوات الجوية بنظام إسقاط جوي لمجموعة من المؤن والمركبات ومعدات البناء، بالاعتماد على صواريخ "سبيس إكس".
بينما جاء السيناريو الثالث ليستعرض إمكانية إتمام عملية إنزال قوات أميركية أمنية مدربة إلى أي مكان على وجه الأرض بشكل سريع ومباشر خلال أقل من ساعة واحدة، وذلك لحماية أي منشآت أو أفراد تابعين لوزارة الخارجية الأميركية.
التطبيق خلال سنوات
وفيما لم ترد "سبيس إكس" على طلب "ذا إنترسيبت" للتعليق على الأمر، قال المتحدث الرسمي باسم قيادة النقل بالجيش الأميركي، جون روس، في رسالة للموقع، إن الجيش الأميركي بالفعل يستكشف الآفاق والفرص التي تفتحها عمليات إنزال المعدات والقوات من نقطة إلى نقطة عبر الصواريخ، وذلك للوقوف على مدى إمكانية تطبيقها على أرض الواقع، لذلك يتم إجراء العديد من الدراسات والشراكات بهذا الشأن.
وأوضح روس، أن النقل الفضائي السريع للمعدات والمؤن والقوات على سطح الأرض يفتح الباب أمام رؤية أفضل أمام القادة والمسؤولين عند اتخاذ القرارات كما أنه يشكل معضلة أمام الخصوم.
وأشار إلى أن عملية إنزال فرق التدخل السريع المدربة عبر الصواريخ سيتحول لحقيقة خلال مدة 5 إلى 10 سنوات من الآن.
تحديات لوجيستية ومسائل قانونية
ورغم الطموح الأميركي في هذا الشأن، إلّا أن العديد من المتخصصين في الشؤون الاستراتيجية والفضائية، أشاروا إلى وجود مجموعة من التحديات اللوجيستية والقانونية التي تحيط بمدى إمكانية تطبيق تلك الرؤية المستقبلية الفريدة بحسب "إنترسيبت".
على رأس تلك التحديات، كيفية الهبوط بصواريخ بحجم وقوة محرك "ستارشيب" في أماكن على سطح الأرض، فارتفاع صاروخ سبيس إكس العملاق يبلغ 50 متراً، ما يجعله الأضخم في العالم.
كذلك مدى قانونية تحليق مثل تلك الصواريخ فوق دول العالم، وهي تحمل معدات وقوات أميركية لتنفيذ مهام عسكرية.
تلك النقطة تثير السؤال بشأن ما إذا كان يحق لأي دول تطبيق قوانينها الخاصة بحماية سلامة وأمان نطاقها الجوي على تلك الصواريخ، أم أن "ستارشيب" سيحلق خلال رحلاته الأرضية من نقطة إلى نقطة في نطاق يفوق النطاق الجوي، والذي تنطبق عليه القوانين الجوية، والتي توفر القليل من الإرشاد في هذا الشأن.
ولكن التساؤل الأكثر إثارة للحيرة هو هل ستقبل الولايات المتحدة الأميركية، أن تقوم دول أخرى بتسليح جيشها بنفس نوعية تلك الصواريخ، واستخدام نفس الأسلوب لترقية القدرات العسكرية لمختلف جيوش العالم؟
وقال "إنترسيبت" إن تلك التحديات والتساؤلات ما زالت مطروحة بلا إجابة تضيء ظلام هذا المجال المجهول.
أسرع سلسلة إطلاقات
وحققت "سبيس إكس" المملوكة للملياردير الأميركي إيلون ماسك، إنجازاً تاريخياً الأحد، إذ نجحت في 3 إطلاقات متتالية، حيث وضعت قمر الاتصالات التجاري Globemaster في مداره صباح الأحد حسب ما أعلنت الشركة عبر مقطع فيديو على تويتر، انطلاقاً من قاعدة كايب كارنيفال بولاية فلوريدا.
كما وضعت قمر راداري ألماني في مداره انطلاقاً من كاليفورنيا السبت، بالإضافة لإطلاق 53 قمراً صناعياً تابعاً لشركة "ستارلينك" التي تقدم خدمة الإنترنت الفضائي الجمعة انطلاقاً من مركز كينيدي للفضاء.
وبإتمام عملية إطلاق قمر Globemaster الأحد، تكون الشركة حققت أسرع سلسلة إطلاقات ناجحة في التاريخ الحديث للفضاء، إذ تمت العمليات الثلاث في 36 ساعة و18 دقيقة، باستخدام صواريخ فالكون 158 و159 و160.
ومن المتوقع أن تقوم "سبيس إكس" بأكثر من 50 عملية إطلاق بنهاية العام الجاري.