ابتكر باحثون في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا "إم آي تي"، شرائح متطورة لتعويض وحدة المعالجة المركزية التي تشكل "عقل" الروبوتات، تجعلها أسرع وأكثر إدراكاً بمحيطها، ما يؤهلها للقيام بمهام بشرية غير مسبوقة.
ونقل موقع "إم آي تي" عن سابرينا نومان، التي شاركت في البحث، قولها إن الروبوتات الحديثة، التي تعمل بوحدة المعالجة المركزية الموحدة، تأخذ وقتاً طويلاً في الحوسبة من أجل إدراك محيطها ثم القيام بردة فعل جسدية.
ولفتت نومان إلى أن البحث ابتكر طريقة حوسبة جديدة تُدعى robomorphic computing تعتمد على شرائح معدلة حسب تصميم الروبوتات لتعوّض وحدة المعالجة المركزية، من أجل تقليص مدة تفاعل الروبوتات مع ما يجري في محيطها.
وتختلف هذه الشرائح المعدلة حسب تصميم جسد الروبوت والمهام التي يقوم بها، وفقاً لنومان، التي أشارت إلى أن التقنية الجديدة ستسمح باستخدامات غير مسبوقة للروبوتات.
وقالت إن التقنية الجديدة قد تؤهل الروبوتات لتحل مكان عمال الصحة في الصفوف الأمامية، والتعامل مع المرضى المصابين بعدوى سريعة الانتشار، وهو ما سيقلص مخاطر إصابة العمال في المستشفيات.
تحسينات غير كافية
وأوضحت نومان أن تفاعل الروبوتات الحديثة مع المحيط يتضمن 3 خطوات أساسية: الأولى تتمثل في تصور المحيط عبر جمع البيانات من خلال المستشعرات والكاميرات، بينما تكمن الخطوة الثانية في تحديد موقع الروبوت داخل محيطه، قبل اتخاذ أي ردة فعل في المرحلة الثالثة.
ولفتت إلى أن هذا الأمر يأخذ وقتاً طويلاً وهو ما يصعّب من إمكانية استخدام الروبوتات في محيط بشري يعج بالحركة، إذ يتطلب ذلك ضمانات السلامة، والسرعة في التفاعل.
وقالت الباحثة إن الأبحاث السابقة حاولت تطوير خوارزميات وحدة المعالجة المركزية لكي تصبح أكثر سرعة، لكنها شددت على أن التحسينات البرمجية وحدها غير كافية، وأن الأمر يتطلب أيضاً تحسينات على مستوى المكونات المادية (هاردوير) للروبوتات.
وأوضحت نومان أن التقنية الجديدة ذهبت أبعد من الأبحاث السابقة وتخلت عن وحدة المعالجة الموحدة، التي تعد دماغ الحاسوب، وعوضتها بشريحة معدلة وخاصة بكل روبوت حسب طبيعة مهامه.
وقالت صحيفة "إندبندنت" البريطانية إن الشريحة المعدلة تعمل مثل حاسوب متطور يمكن الروبوتات من إدراك قدراتها الجسدية، مثل طريقة عمل الدماغ في جسم الإنسان.
وأوضحت الصحيفة أن الشرائح المعدلة تمكن الروبوتات من التفاعل بطريقة أسهل وأسرع مع البشر والقيام بمهام كانت مستحيلة في السابق، حسب طريقة تصميم الروبوت وقدراتها على الاستشعار.
وأثبتت الشرائح المعدلة أنها أسرع 8 مرات من وحدة المعالجة المركزية الموحدة، لكنها ليست سريعة بما يكفي، وفق موقع "إم تي آي".
شريحة لكل روبوت
وقال الباحث في جامعة هارفارد، براين بلانشر، الذي شارك في البحث، إن هناك مؤهلات كبيرة لانتشار تقنية الحوسبة الجديدة robomorphic computing في المستقبل.
وأضاف، في تصريح لموقع "إم آي تي"، أنه يمكن "في المستقبل صنع شريحة معدلة لكل روبوت، تمكنها من القيام بالحوسبة واتخاذ ردود الفعل بطريقة سريعة وآمنة وفعالة".
ولفت بلانشر إلى أنه لن يستغرب إن أصبح كل روبوت في العشرين سنة المقبلة، يتوفر على أكثر من شريحة معدلة واحدة، تعزز قدراتها بشكل غير مسبوق.
المهندس في شركة "بوسطن دينامكس" الرائدة في صناعة الربوتات المتقدمة، الذي لم يشارك في البحث، قال لـ"إم آي تي"، إن "التقنية الجديدة ممتازة"، مضيفاً أن سرعة التفاعل أمر حاسم؛ "لأنه لا يوجد أحد قد ينتظر الروبوت لمدة طويلة حتى يكمل تفكيره للتفاعل معه".
ولفت إلى أن التقنية الجديدة "قد تمكن الروبوتات من التفكير بشكل أسرع وبالتالي إفساح المجال أمام سلوكيات غير مسبوقة للروبوتات في تعاملها مع البشر".