هل تنتقل مشكلة السلاح الأميركية إلى كندا؟

time reading iconدقائق القراءة - 8
ضابط شرطة يحرس منزلاً في حي مونكتون السكني بكندا بعد حادثة إطلاق نار - 5 يونيو 2014 - REUTERS
ضابط شرطة يحرس منزلاً في حي مونكتون السكني بكندا بعد حادثة إطلاق نار - 5 يونيو 2014 - REUTERS
دبي-الشرق

بعد أيام من أسوأ حادث إطلاق نار جماعي شهدته كندا في 2020، تعهد رئيس الوزراء، جاستن ترودو بفرض حظر فوري على نحو 1500 نوع وطراز من الأسلحة العسكرية و"الهجومية" في البلاد، عقب تنكر مسلح في زي ضابط شرطة وإطلاقه النار بشكل مكثف من أسلحته، في منطقة ريفية كندية، ما أسفر عن سقوط 23 شخصاً.

وقال ترودو حينها، إن "هذه الأسلحة صممت لغرض واحد، وهو إسقاط أكبر عدد من الأشخاص في أقصر فترة زمنية ممكنة، ومن ثم فلا فائدة ولا مكان لها في كندا"، مشدداً على أنه "منذ هذه اللحظة، لم يعد مسموحاً شراء، أو بيع، أو نقل، أو استيراد، أو استخدام أسلحة هجومية عسكرية في البلاد".  

ولم تثر قرارات ترودو جدلاً، كما لم تلق معارضة سياسية، وذلك على النقيض مما حدث في الولايات المتحدة، إذ سلطت حوادث إطلاق النار الجماعي الأخيرة الضوء على"جدل فرض ضوابط على حيازة الأسلحة النارية في بلد غير راغب، أو غير قادر على مواجهة عنف هذا النوع من الأسلحة"، وفقاً لصحيفة "الجارديان" البريطانية.  

قيود غير كافية

ورغم تلك القيود، إلا أن خبراء ومؤيدون لوضع ضوابط حيازة الأسلحة النارية حذروا بقوة من أن القوانين الصارمة نسبياً المعمول بها في كندا "لا تحميها بشكل كامل من العنف المنتشر في الولايات المتحدة"، وفقاً للصحيفة. 

ففي بلد يشيع فيه الصيد، تمتلك كندا أعلى معدلات الملكية الفردية للأسلحة في العالم. فوفق دراسة استقصائية عن الأسلحة الصغيرة "Small Arms Survey"، أجريت في عام 2018، "يمتلك كل 100 شخص في كندا ما يقدر بـ 34.7 سلاحاً نارياً".  

لكن كندا لا تزال خلف جارتها الجنوبية بمسافة، سواءً في ما يتعلق بمعدلات ملكية الأسلحة النارية، أو الحوادث المرتبطة بها.  

وترجع "الجارديان" الفضل في ذلك، إلى "نظام ملكية الأسلحة الذي يفرض ضوابط شاملة، ويشترط بقاء الأسلحة النارية في وضع الإغلاق، ومفرغة من الأعيرة النارية".  

"وضع جيد مقارنة بأميركا"

وتحد القوانين من حمل سلاح المفتوح في كندا، ويتعين على مالكي الأسلحة "الحصول على رخصة"، كما يتعين تسجيل جميع الأسلحة اليدوية وشبه الآلية لدى شرطة الخيالة الملكية الكندية".

وقال كين برايس، أحد المدافعين عن مراقبة الأسلحة، والذي أصيبت ابنته، سامنتا، في حادث إطلاق نار جماعي، في 2018، في تورنتو، أسفر عن سقوط اثنين وإصابة 13 آخرين، لـ "الجارديان": "عندما تقارننا بالولايات المتحدة، التي تنتشر فيها الأسلحة بكثافة إلى درجة لا تكاد تصدق، فإننا نبدو في وضع جيد للغاية".  

 حوادث إطلاق نار جماعي

وانضم حادث إطلاق النار الجماعي الذي وقع في مقاطعة نوفا سكوشا، في 2020، إلى قائمة الحوادث التي تثبت أنه "حتى القيود المشددة نسبياً في كندا، لم توفر لها الحماية الكاملة من أهوال عنف السلاح".  

ففي عام 1989، استهدف مسلح مجموعة من النساء في مدرسة الفنون التطبيقية "إيكول بوليتكنيك"، في مونتريال، ما أسفر عن وفاة 14، وجرح 14 أخريات. 

وفي عام 2017، اقتحم شاب يحمل بندقية نصف آلية ومسدس، المركز الثقافي الإسلامي في مدينة كيبيك سيتي، ما أسفر عن سقوط 6 مصلين، وإصابة 19. 

واستلهم الرجل الذي كان وراء الهجوم بشاحنة في تورنتو في 2018، والذي خلف 10 ضحايا، جريمته من حادث إطلاق نار جماعي أميركي.

نظرة مختلفة للسلاح

بعكس فظائع جرائم السلاح التي شهدتها الولايات المتحدة، فقد وقعت حوادث إطلاق النار في كندا بصورة منعزلة إلى حد كبير، وأدت إلى حدوث تغييرات في القواعد المنظمة لامتلاك واستخدام الأسلحة النارية هناك.  

ففي أعقاب مذبحة مدرسة "إيكول بوليتكنيك"، مرر البرلمان الكندي قوانين أدت إلى إنشاء سجل أسلحة على مستوى البلاد.

وتبرز قدرة ترودو على حظر أسلحة بعينها في كندا من دون إثارة معارضة سياسية، الطريقة المختلفة التي ينظر بها كثير من الكنديين إلى الأسلحة. 

وفي هذا السياق، يشير جويونج لي، أستاذ علم الاجتماع المشارك في مركز دراسات الولايات المتحدة، التابع لجامعة تورنتو إلى الدور الذي يلعبه التعديل الثاني من الدستور الأميركي في نظرة الأميركيين للسلاح وهو ما يصنع الفارق بين النظرة الكندية والأميركية في هذا السياق.

وقال لي لـ"الجارديان"، "التعديل الثاني من الدستور الأميركي يضطلع بدور محوري في فضاء الخطاب العام الأميركي، فالأميركيون بوجه عام يتشككون في تقييد الدولة لحرياتهم، أو أن تملي عليهم ما يمكنهم، أو لا يمكنهم، عمله".

لكن لي، حذر أيضاً من أن مشكلة السلاح في أميركا، تصبح وبشكل متزايد هي نفسها مشكلة الأسلحة في كندا".  

وتابع: "حتى بالرغم من أن الولايات المتحدة أصبحت المثال الحي عالمياً على قوانين الأسلحة التي ضلت طريقها، إلا أن هناك عدداً من القواسم المشتركة هنا في كندا يفوق استعدادنا للاعتراف به". 

ويعتبر المدافعون عن قوانين تنظيم حيازة الأسلحة النارية في كندا، مثل برايس، أن "النظام الكندي لا يزال يعاني من بعض الثغرات، ما يسمح بحدوث حوادث إطلاق نار جماعي"، مثل حادثة نوفا سكوشا.

وأَضاف: "أنت لا تحتاج فقط إلى تشريعات لتقول لك ما هو نوع السلاح والذخيرة التي يمكنك امتلاكها، ولكنك تحتاج أيضاً إلى مؤسسات لديها القدرة على تعليم الناس والقدرة على التدخل، فالشرطة يجب أن تكون قادرة على التحرك بسرعة لمصادرة الأسلحة حين تتشكك في أنها تشكل خطراً".

أسلحة خارج إطار القانون

وكشفت دراسة أجريت مؤخراً أن غالبية الكنديين، خاصة الذين يقطنون المراكز الحضرية، قلقون من تزايد العنف باستخدام الأسلحة النارية في مجتمعاتهم، وهي الحقيقة التي تعكسها بيانات الهيئة الكندية للإحصاءات، حيث بلغت حوادث الأسلحة النارية في 2020 ضعف ما كانت عليه في 2010.  

كما تشكل عمليات الشراء غير القانونية وسرقات متاجر الأسلحة مشكلة في كندا (كانت البندقية التي أصابت ابنة برايس مسروقة من موقع في منتصف الطريق)، إذ قال خبراء لـ "الجارديان" إن "عدداً كبيراً من الأسلحة النارية يدخل إلى كندا خارج إطار القانون عبر حدودها مع الولايات المتحدة". 

اقرأ أيضاً:

تصنيفات