
نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن 3 مسؤولين أميركيين، أن "مفاوضي الولايات المتحدة يحاولون انتزاع تأكيدات من حركة طالبان أنهم لن يهاجموا السفارة الأميركية في كابول، إذا استولت الحركة على السلطة، وأرادت الحصول على مساعدات أجنبية".
وتسعى الجهود، التي يقودها زلماي خليل زاد، كبير المبعوثين الأميركيين في المحادثات مع طالبان، إلى تفادي الإخلاء الكامل للسفارة وسط سقوط سريع للمدن الأفغانية في قبضة طالبان، وفق "نيويورك تايمز".
وأعلنت الخارجية الأميركية الخميس، استعدادها لنشر قوات إضافية في مطار كابول لتأمين إجلاء قسم من موظفي سفارتها. كذلك، كشف الناطق باسم الوزارة نيد برايس، في الإفادة اليومية، أنّ واشنطن ستسرع في إجلاء المترجمين والمساعدين الأفغان الآخرين للجيش الأميركي في ضوء احتمال تعرضهم لخطر الانتقام إذا ما استولت طالبان على السلطة.
كما حثت السفارة الأميركية رعاياها الذين لا يعملون لديها على مغادرة أفغانستان على الفور على متن رحلات تجارية.
ووضع تقدم طالبان السريع، السفارات في كابول في حالة تأهب قصوى لمواجهة تصاعد أعمال العنف خلال الأيام المقبلة، وأجبرت القنصليات والبعثات الدبلوماسية الأخرى في البلاد على الإغلاق.
ويحاول الدبلوماسيون الأميركيون الآن تحديد المدة التي قد يحتاجون فيها إلى إخلاء السفارة بالكامل إذا أثبتت طالبان أنها عازمة على التقدم أكثر من اللجوء إلى المفاوضات، بحسب "نيويورك تايمز".
وقال نيد برايس: "اسمحوا لي أن أكون واضحاً للغاية بشأن هذا: السفارة لا تزال مفتوحة. ونخطط لمواصلة عملنا الدبلوماسي في أفغانستان"، مؤكداً أن "الوتيرة المتزايدة لتقدم طالبان، والتي أدت إلى زيادة العنف وعدم الاستقرار في جميع أنحاء أفغانستان، كانت مصدر قلق بالغ".
وفي سياق متصل، أعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية "البنتاجون" جون كيربي، الخميس، أن الولايات المتحدة تعتزم إرسال 3 آلاف جندي إضافي من المشاة الأميركية إلى العاصمة الأفغانية كابول، خلال اليومين القادمين، للمساعدة في إجلاء الدبلوماسيين الأميركيين.
وأضاف كيربي، أن الجيش الأميركي سينقل الأفراد من السفارة إلى مطار كابول جواً، كما ستنقل الولايات المتحدة 1000 فرد من المتعاونين الأفغان إلى قطر للإسراع بنظر طلبات تأشيرات الهجرة.
"شبح سايجون يثير قلق واشنطن"
وصف 5 مسؤولين حاليين وسابقين الحالة المزاجية داخل السفارة الأميركية في كابول، بأنها "متوترة وقلقة بشكل متزايد"، وأشار الدبلوماسيون في مقر وزارة الخارجية في واشنطن إلى شعور بالاكتئاب بسبب شبح إغلاق السفارة، بعد 20 عاماً من استعادة مشاة البحرية الأميركية المبنى في ديسمبر 2001، بحسب "نيويورك تايمز".
وأعاد العديد من الأشخاص إحياء مقارنة أراد الجميع تجنبها بشكل كئيب: سقوط سايغون في عام 1975، عندما تم إجلاء الأميركيين المتمركزين في السفارة من على سطح أحد المنازل بواسطة مروحية.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول أميركي كبير "قلقه" من سقوط عواصم المقاطعات في جميع أنحاء أفغانستان، وقال "إذا سقطت مدن أخرى، ولا سيما مزار الشريف، المدينة الشمالية الرئيسية الوحيدة التي لا تزال تحت سيطرة الحكومة، فقد يتفكك الوضع بسرعة".
وقال مسؤولون في واشنطن وكابول، إن السفارة تعقد اجتماعات منتظمة للجنة العمل الطارئة، والتي تم تشكيلها في كل مركز دبلوماسي أميركي لتقييم ما إذا كان الإجلاء ضرورياً أم لا. ولم يناقش المتحدثون الرسميون من مقر وزارة الخارجية في واشنطن والسفارة الأميركية في كابول عدد المرات التي تجتمع فيها اللجنة، لكن مسؤولين آخرين قالوا إن أعضاءها يجرون مناقشات يومياً.
ويأمل خليل زاد خلال المفاوضات، في إقناع قادة طالبان بأن السفارة يجب أن تظل مفتوحة وآمنة، إذا كانت المجموعة تأمل في تلقي مساعدات مالية أميركية ومساعدات أخرى كجزء من الحكومة الأفغانية المستقبلية، وفق الصحيفة.
وقالت قيادة طالبان إنها تريد أن يُنظر إليها على أنها وكيل شرعي للبلاد، وتسعى إلى إقامة علاقات مع قوى عالمية أخرى، بما في ذلك روسيا والصين، لتلقي الدعم الاقتصادي.
وأكد مسؤولان رفضا الكشف عن هويتهما، الجهود التي يبذلها خليل زاد، والتي لم يتم الإبلاغ عنها من قبل، فيما قال مسؤول ثالث إن "طالبان ستفقد أي شرعية، وبالتالي المساعدة الخارجية، إذا هاجمت كابول أو استولت على الحكومة الأفغانية بالقوة".
كما تحذر حكومات أخرى طالبان من أنها لن تتلقى مساعدات إذا استولت على الحكومة، نظراً لمستوى العنف المرتفع في جميع أنحاء البلاد خلال الأيام الأخيرة. وكان وزير الخارجية الألماني هايكو ماس قال الخميس، إن برلين لن تقدم أي دعم مالي لطالبان إذا حكموا أفغانستان في نهاية المطاف.
"تأثير قطع الدومينو"
ومنذ أبريل الماضي، بدأت السفارة الأميركية في كابول، إعادة موظفيها غير الأساسيين، نظراً للوضع الأمني المتوتر في أفغانستان، وسُمح للموظفين الآخرين بالمغادرة، بلا عقوبة مهنية، إذا شعروا بالخطر، وفق "نيويورك تايمز".
وخلال الشهر الماضي، أعرب كبار المسؤولين في السفارة في كابول عن ثقتهم في إمكانية إجلاء الموظفين هناك بسرعة إذا لزم الأمر، مشيرين إلى أن عدداً كافياً من الرحلات الجوية التجارية المغادرة من مطار كابول الدولي يومياً يمكن أن يستوعب الموظفين.
ومع ذلك، ليس من الواضح ما إذا كان الإخلاء سيشمل جميع الموظفين الأجانب بالسفارة إلى جانب المواطنين الأميركيين، كما أن مصير الموظفين الأفغان الذين سيكونون مستهدفين من قبل طالبان لمساعدة الولايات المتحدة، أمر مثير لقلق شديد لدى كبار المسؤولين، وفقاً لأشخاص مطلعين على المناقشات.
وأبلغ مسؤولون "نيويورك تايمز" بأن "إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن قلقة من أن إخلاء سفارتها في كابول يمكن أن يخلق تأثير الدومينو، الذي يسرع من مغادرة البعثات الدبلوماسية الأخرى والدعم الدولي، ويؤدي بدوره إلى انهيار الحكومة الأفغانية بشكل أسرع".
اقرأ أيضاً: