هبة الله أخوند زاده.. زعيم طالبان العائد إلى كابول

time reading iconدقائق القراءة - 9
زعيم حركة "طالبان" الملا هيبة الله أخوند زاده في صورة غير مؤرخة  - REUTERS
زعيم حركة "طالبان" الملا هيبة الله أخوند زاده في صورة غير مؤرخة - REUTERS
دبي – الشرق

مع سيطرة حركة طالبان على أفغانستان بالتزامن مع الانسحاب الأميركي، تتجه الأنظار إلى زعيم حركة "طالبان"، الملا هبة الله أخوند زاده، الذي استطاع قيادة الحركة بعد اغتيال سلفه، أختر محمد منصور، في عام 2016، متجاوزاً انقسامات داخلية.

ينتمي أخوند زاده (60 عاماً) إلى قبيلة نورزاي، وينحدر من معقل "طالبان" في منطقة بانجواي بمقاطعة قندهار جنوب البلاد، كما قال سيد محمد أكبر آغا، وهو عضو مؤسّس للحركة، مقيم في كابول ويقول إنه يعرف زعيمها، بحسب شبكة "سي إن إن".

وأضاف آغا أن أخوند زاده شارك في مواجهة الغزو السوفياتي لأفغانستان، مستبعداً أن يكون انخرط في النشاطات العسكرية على الخطوط الأمامية. وتابع أنه عمِل في جهاز القضاء، بين عامَي 1996 و2001، حين كانت "طالبان" تحكم البلاد. وبعد سقوطها إثر الغزو الأميركي، في عام 2001، عمل رئيساً للقضاء في الحركة.

أصبح أخوند زاده نائباً للملا منصور، عندما خلف الأخير الملا عمر، مؤسّس "طالبان"، في عام 2013. ونشِط في الإدارة اليومية للحركة، وأدى دوراً أساسياً في التفاوض على وقف للنار مع فصيل منشق من "طالبان".

مقرّب من الملا عمر

ونقلت "سي إن إن" عن مايكل سمبل، وهو أكاديمي في جامعة كوينز بلفاست، إن أخوند زاده صاغ "فتاوى كثيرة استخدمها منصور لتأمين غطاء ديني لأفعاله"، علماً أن الأخير قُتل بضربة نفذتها طائرة مسيّرة أميركية، قرب الحدود الأفغانية – الباكستانية، وكان عائداً من إيران.

ونسبت الشبكة إلى مصدر في "طالبان" قوله، في عام 2016، إن أخوند زاده "سيعيد عهد الملا عمر"، من خلال "حياة بسيطة، والولاء، وترهيب الأعداء"، علماً أن آغا ذكر آنذاك أنه شخصية محترمة داخل الحركة، مضيفاً أن سلطته تنبع بشكل أساسي من سمعته بوصفه مدرّساً دينياً وعالم دين، ممّا يعني أن التفاوض معه سيكون أكثر سهولة من أسلافه، من أجل التوصّل إلى تسوية سلمية في أفغانستان.

لكن وكالة "فرانس برس" نقلت عن محللين إن دور أخوند زاده في قيادة "طالبان" سيكون رمزياً أكثر منه عملياً. وأضافت أنه تولّى مهمة حسّاسة تمثلت في توحيد الحركة، التي مزقها صراع عنيف على السلطة بعد وفاة الملا منصور، وكشف عن إخفائها لسنوات وفاة مؤسّسها الملا محمد عمر. وتابعت أنه نجح في تحقيق وحدة الحركة، وكان يميل إلى التحفظ، مكتفياً ببثّ رسائل سنوية نادرة في الأعياد الإسلامية، علماً أن زعيم تنظيم "القاعدة" أيمن الظواهري بايعه.

"الخيار الطبيعي" لخلافة منصور

وشدد أعضاء مجلس شورى الحركة، في مدينة كويتا الباكستانية، لدى إعلانهم اختيار أخوند زاده زعيماً لها، على أن الولاء له هو "واجب ديني". وفي هذا الصدد، أعلن المجلس تعيين مولوي سراج الدين حقاني ومولوي محمد يعقوب نائبين له. وحقاني يتزعّم "شبكة حقاني"، التي اتُهمت بتنفيذ هجمات دموية في أفغانستان، وخصّصت وزارة الخارجية الأميركية مكافأة قيمتها 10 ملايين دولار لاعتقاله، فيما أن يعقوب هو نجل الملا عمر، وفق "سي إن إن".

ولمدة 15 سنة، حتى اختفائه المفاجئ في مايو 2016، درّس أخوند زاده وألقى خطباً في مسجد بكوتشلاك، وهي بلدة في جنوب غربي باكستان، كما أفادت وكالة "رويترز".

"سي إن إن" نقلت عن توماس روتيغ، من "شبكة المحللين الأفغان" إن أخوند زاده كان "الخيار الطبيعي" لخلافة منصور، إذ "كان النائب الأول له"، مضيفاً: "إنه اختيار ذكي، لأنه عالم دين من الجيل المؤسّس لطالبان، وكان مقرّباً من الملا عمر".

محاولة اغتيال فاشلة

لكن صحيفة "نيويورك تايمز" اعتبرته، لدى اختياره زعيماً للحركة، "لغزاً بالنسبة إلى طالبان"، مضيفة أن كثيرين يعتبرون أنه يفتقر إلى نفوذ سلفه، الذي شهد عهده حملات "تطهير وتمرداً صريحاً". وتابعت أن قياديين رفضوا مبايعة أخوند زاده، مشيرة إلى أن سلطة اتخاذ القرار في الحركة كانت تعود إلى مجلس شورى كويتا، وهو مكتب سياسي يضمّ حوالى 20 رجل دين وقادة ميدانيين.

وذكرت الصحيفة أن أخوند زاده تعرّض لمحاولة اغتيال، قبل نحو 4 سنوات من تزعمه "طالبان"، واتهمت الحركة أجهزة الاستخبارات الأفغانية بتنفيذها. ونقلت الصحيفة عن الملا إبراهيم، وهو من طلاب أخوند زاده، قوله: "خلال إحدى محاضراته في كويتا... وقف رجل بين الطلاب وصوّب مسدساً على مولوي هيبة الله من مسافة قريبة، ولكن المسدس لم يعمل. كان يحاول إطلاق النار عليه، لكنه فشل، وهرع (أعضاء) طالبان للتصدي" للرجل. وذكر أن أخوند زاده لم يتحرّك خلال تلك الفوضى.

وخلال خطاب في يوليو الماضي، تحدث الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترمب، عن لقاء مع أخوند زاده، لكنه لم يتذكّر اسمه. ووصفه بأنه "رجل فظّ"، وزاد أنه أبلغه أن الأميركيين "سيغادرون" أفغانستان.

"علاقات جيدة مع كل العالم"

ومع سيطرة "طالبان" على البلاد، ثمة ترقب للسياسات التي ستنتهجها، وإمكان أن تكرّر نهجها قبل سقوط حكمها. وفي رسالة نشرها قبل عطلة عيد الأضحى، في يوليو، أعرب أخوند زاده عن تأييده "بشدة لتسوية سياسية" للنزاع، مؤكداً أن "الإمارة الإسلامية ستستغلّ كل فرصة تسنح، لإرساء نظام إسلامي وسلام وأمن". وأضاف: "بدلاً من الاعتماد على الأجانب، دعونا نحلّ مشكلاتنا في ما بيننا، وننقذ وطننا من الأزمة".

وتابع: "نريد علاقات دبلوماسية واقتصادية وسياسية جيدة ووثيقة مع كل دول العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة. نؤكد لدول الجوار والمنطقة والعالم، أن أفغانستان لن تسمح لأحد بتهديد أمن أيّ دولة أخرى، انطلاقاً من أراضيها".

وشدد على "التزامه حيال حرية التعبير، ضمن حدود الشريعة والمصالح الوطنية"، مكرراً تعهده بضمان سلامة الدبلوماسيين والسفارات والقنصليات والمنظمات الإنسانية والمستثمرين الأجانب في أفغانستان.

اقرأ أيضاً: