بدأت في لبنان، الجمعة، مراسم تشييع ضحايا إطلاق النار الذي وقع في منطقة الطيونة بالعاصمة بيروت، الخميس، وسط أجواء متوترة ودعوات دولية للتهدئة.
وخرجت في منطقة كفردان جنازة أحد الضحايا الذين ينتمي معظمهم لحزب الله وحركة أمل، وشهدت الجنازة إطلاق أعيرة نارية في الهواء، كما حمل المشيعون رايات حركة أمل.
وانطلق موكب تشييع جنازة عضو آخر بالحركة، من منزله في بلدة النميرية جنوب لبنان، وجابت الجنازة شوارع البلدة وسط إطلاق الأعيرة النارية ورفع رايات الحركة.
"الأحداث مدبرة"
واعتبر رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله، هاشم صفي الدين، أن أحداث الخميس مدبرة، وقال في جنازة أحد الضحايا: "نحن لن ننجر إلى فتنة مذهبية ولن ننجر إلى حرب أهلية، لكن في نفس الوقت لن نترك دماء شهدائنا تذهب هدراً"، بحسب تصريحات نقلها تلفزيون "المنار".
وأضاف صفي الدين، أن الحزب "لا يريد فتنة داخلية"، متهماً حزب القوات اللبنانية بأنه "كان يسعى إلى إحداث حرب أهلية جديدة في لبنان"، مشدداً على ضرورة أن "تتحمل قوات الأمن والقضاء مسؤولية تقديم المسؤولين عن الأحداث للعدالة".
ارتفاع الضحايا لـ7
وأعلنت وزارة الصحة اللبنانية وفاة جريح متأثراً بإصاباته البالغة، ليرتفع عدد الضحايا إلى 7 سقطوا خلال اشتباكات عنيفة، تزامناً مع تظاهرة دعا لها حزب الله وحركة أمل ضد المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت طارق بيطار.
وأضافت الوزارة أن العدد الأكبر من الجرحى غادروا المستشفيات بعد تلقيهم الإسعافات اللازمة، فيما لا يزال أربعة مصابين يتلقون العلاج وحالتهم جيدة.
ومن بين الضحايا امرأة، أصيبت بطلق ناري في رأسها أثناء تواجدها في منزلها.
وشهدت بيروت الخميس، واحدة من أعنف المواجهات الأمنية منذ سنوات في تصعيد خطير يُنذر بإدخال البلاد في أزمة جديدة بعد نحو شهر على تشكيل حكومة هاجسها الوحيد هو وضع خطة لإخراج البلاد من دوامة الانهيار الاقتصادي المستمر فيها منذ أكثر من عامين.
عون يتابع
وأعلنت الرئاسة اللبنانية الجمعة في تغريدة على تويتر، أن الرئيس اللبناني، ميشال عون، بحث مع وزير الدفاع موريس سليم، الأوضاع الأمنية في البلاد، والدور الذي قام به الجيش لضبط الوضع وإعادة الأمن بعد أحداث الطيّونة.
وقال الوزير، إن المؤسسة العسكرية لن تسمح بأي تجاوزات من شأنها إحداث اضطرابات أو تهديد السلامة العامة.
في السياق نفسه، بحث عون مع وزير العدل التحقيقات الجارية في أحداث الطيونة وشدد على ضرورة "الإسراع في إنجازها لتحديد المسؤوليات".
ونفت الرئاسة اللبنانية قيام محقق قضية انفجار مرفأ بيروت طارق بيطار، بزيارة إلى الرئيس ميشال عون لـ"يبلغه رغبته في التنحي عن التحقيق"، موضحةً أن الخبر "مختلق ولا أساس له من الصحة، ولاسيما أن عون لم يلتق القاضي بيطار مطلقاً".
أوروبا تدعو للهدوء
وأعرب الاتحاد الأوروبي، عن أسفه لسقوط ضحايا داعياً إلى الهدوء وضبط النفس. وجدد الاتحاد في بيان التأكيد على ضرورة استكمال التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت، وأن "يتم [التحقيق] بمصداقية وشفافية واستقلالية". وقال إنه يجب السماح بالمضي في الإجراءات القانونية و"محاسبة المسؤولين عن هذه المأساة".
وطالب وزير شؤون الشرق الأوسط البريطاني، جيمس كليفرلي، جميع الأطراف بضبط النفس، مشدداً على ضرورة استعادة الهدوء لمصلحة شعب لبنان.
وقال كليفرلي في بيان، إن تبادل إطلاق النار في بيروت يزيد من آلام بلد عانى بما فيه الكفاية.
قلق روسي وأسف إيراني
ودعت وزارة الخارجية الروسية الجمعة في بيان "السياسيين اللبنانيين إلى ضبط النفس والحكمة"، معربةً عن قلقها "بشأن تنامي التوتر السياسي في لبنان"، ومتوقعةً أن "تواجه الحكومة المشكلة برئاسة نجيب ميقاتي هذا التحدي الخطير بعمل كبير، وألا تسمح بتدهور الوضع في البلاد".
وأضافت: "ندعو جميع السياسيين اللبنانيين إلى إظهار ضبط النفس والحكمة والعودة إلى العمل البناء المشترك من أجل حل القضايا الراهنة على الأجندة الوطنية على أساس الاحترام المتبادل والتوافق، وبدون تدخل خارجي".
وفي سياق متصل، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زادة إن بلاده "تؤمن بأن الشعب والحكومة والجيش والمقاومة اللبنانية سوف يتغلبون بنجاح على الفتن والمؤامرات".
وأعرب زادة عن أسفه "العميق لإطلاق النار على اللبنانيين الأبرياء الذين كانوا يتظاهرون سلمياً"، داعياً "الحكومة والسلطات اللبنانية إلى تحديد واعتقال مرتكبي هذه الجرائم ومثيري الفتن في أوساط اللبنانيين"، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء الإيرانية "إرنا".
تضامن سعودي
في غضون ذلك أكدت وزارة الخارجية السعودية الجمعة في بيان أنها "تتابع الأحداث الجارية في لبنان باهتمام"، معربة عن أملها في "استقرار الأوضاع بأسرع وقت"، ومشيرة إلى أن المملكة "تؤكد وقوفها التام وتضامنها مع الشعب اللبناني".
وأعربت الوزارة السعودية عن تطلعاتها بأن "يعم لبنان الأمن والسلام، بإنهاء حيازة واستخدام السلاح خارج إطار الدولة، وتقوية الدولة لما فيه مصلحة جميع اللبنانيين دون استثناء"، لافتةً إلى أن "الشعب اللبناني الشقيق يستحق استقراراً في وطنه ونماءً في اقتصاده وأمناً يبدد الإرهاب".
تبادل الاتهامات
وتحولت الطيونة، على بعد عشرات الأمتار من "قصر العدل"، حيث مكتب المحقق العدلي طارق بيطار، إلى ساحة حرب شهدت إطلاق رصاص كثيف وقذائف ثقيلة وانتشار قناصة على أسطح أبنية، رغم تواجد وحدات الجيش، وتنفيذها انتشاراً سريعاً في المنطقة، التي تعد من خطوط التماس السابقة خلال الحرب الأهلية (1975-1990).
واتهمت قيادتا "حركة أمل" و"حزب الله" مجموعات من حزب "القوات اللبنانية" بالضلوع في "الاعتداء المسلح" على ما وصفتاه بـ"الاحتجاج السلمي" الذي شهدته محلّة الطيّونة في بيروت.
وفي المقابل، نفى حزب "القوات اللبنانية" أي تورط في إطلاق النار، وندد بالعنف الذي حمل مسؤوليته لعملية "التحريض" التي يقوم بها حزب الله ضد القاضي بيطار، قاضي التحقيق الرئيسي في انفجار المرفأ الذي أسفر عن مقتل 200 شخص وإصابة الآلاف وتدمير مساحات كبيرة من بيروت.