مسؤول روسي لـ"الشرق": ندعو لمعادلة استراتيجية جديدة مع واشنطن

time reading iconدقائق القراءة - 6
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأميركي جو بايدن في القمة الأميركية الروسية في فيلا لاجرانج بجنيف، سويسرا. 16 يونيو 2021. - REUTERS
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأميركي جو بايدن في القمة الأميركية الروسية في فيلا لاجرانج بجنيف، سويسرا. 16 يونيو 2021. - REUTERS
موسكو-أندريه كيرسانوف

تحيط الكثير من الخلافات العميقة بالحوار الاستراتيجي بين الولايات المتحدة وروسيا، الذي ناقشه الرئيسان جو بايدن وفلاديمير بوتين خلال قمتهما الأولى في جنيف 16 يونيو، وسط متطلبات كبيرة وآمال متواضعة.

وفي هذا الإطار، قال نائب رئيس لجنة الدفاع في مجلس الدوما الروسي دميتري سابلين، في تصريح لـ"الشرق" رداً على سؤال حول مطالب روسيا من الولايات المتحدة بشأن الاستقرار الاستراتيجي إن "الموقف الروسي يهدف إلى ضرورة تطوير معادلة أمنية جديدة تأخذ في الاعتبار جميع العوامل التي تؤثر على الاستقرار الاستراتيجي".

وأضاف: "هذا يعني أننا يجب أن نتحدث ليس فقط عن الحد من الأسلحة النووية الاستراتيجية، بل وأيضاً عن الحد في مجالات أخرى مثل الدفاع الصاروخي والأسلحة غير النووية عالية الدقة والأسلحة الفضائية، وكذلك منع سباق التسلح في الفضاء والأمن السيبراني".

ورداً على سؤال بشأن موقف روسيا من الأنواع الجديدة من الأنظمة العابرة للقارات والأسلحة النووية، أشار سابلين إلى أن "أولوياتنا مختلفة". وكشف أن "روسيا لا تولي أهمية للرؤوس الحربية، بقدر ما توليها لوسائل إيصال هذه الرؤوس". واعتبر أن "أي شخص ينظر إلى الخريطة وجغرافية المكان سيفهم السبب بسهولة". وقال إن "النقطة المهمة الثانية هي تضمين الحوار جميع أنواع أنظمة الأسلحة التي لها تأثير استراتيجي محتمل، نووي وغير نووي".

واعتبر المسؤول الروسي أن "نظام الحد من التسلح تم تدميره عملياً، ليس من قِبل روسيا، بل من قبل واشنطن"، موضحاً أنه "مع نقض معاهدة الأجواء المفتوحة، لم تعد هناك اتفاقيات ملزمة قانوناً بشأن الحد من الأسلحة التقليدية". واعتبر أنه "في مجال الأسلحة النووية، يبقى الصك الوحيد الملزم قانوناً هو معاهدة ستارت 3 التي تم تمديدها في أوائل عام 2021 حتى عام 2026".

وخلص سابلين، وهو عضو بحزب "روسيا الموحدة" الحاكم، إلى أنه "قد يكون من المفيد التفكير في إنشاء آلية عمل بين موسكو وواشنطن تمنع التضارب وتقلل المخاطر وتمنع الحوادث العارضة"، لافتاً إلى أن "مثل هذه الآلية تعمل بنجاح في سوريا، حيث يوجد الجيشان الروسي والأميركي، بغض النظر عن أهدافهم ووضعهم على أراضي هذا البلد الذي طالت معاناته. هنالك تعاون بينهما لتجنب تصعيد الأزمات".

حوار جنيف

تجدر الإشارة إلى أن الجولة الثانية من الحوار الاستراتيجي بين موسكو وواشنطن، التي عقدت خلف أبواب مغلقة في جنيف، تضمنت مشاركة كل من نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف ونائبة وزير الخارجية الأميركي ويندي شيرمان. وتم التوصل خلالها إلى الاتفاق على تشكيل مجموعتي عمل من الخبراء.

فترة طويلة من التشاور

بدوره، قال الخبير العسكري الروسي ومدير صندوق "مركز الدراسات السياسية والاستشارات"  أندريه فيدوروف، إن موضوع الحوار الاستراتيجي والتسلح يعتبر حالياً "الموضوع الأقل إثارة للجدل مقارنة بالمجالات الأخرى" في العلاقات الروسية – الأميركية.

وأضاف فيودوروف أنه "توجد في الخطط العامة لإدارة بايدن رغبة في إجراء حوار حول هذه المسألة. لكن السؤال يكمن في موضوع آخر وهو عن الأهداف الرئيسية لهذا العمل وتشكيل جدول أعمال لمفاوضات محتملة"، لافتاً إلى أن "جدول الأعمال هو العنصر الإشكالي الرئيسي، ثم بعد ذلك لا بد من الاتفاق على جميع المعايير، ما الذي يجب تضمينه في المفاوضات؟ أي نوع من الاتفاق يمكن أن يكون؟ ما هي الشروط؟ يجب مناقشة كل هذا وبحث أدق التفاصيل".

وتابع فيودوروف: "على حد علمي، تعتقد الإدارة الأميركية أن هذه العملية التفاوضية ستستمر سنوات عدة. لكن عملية التفاوض يجب أن تبدأ من قبل رئيسي الدولتين".

ولفت فيودوروف، الذي شغل سابقاً مناصب عالية، بينها منصب نائب وزير الخارجية الروسي ( خلال العامين 1990 و1991) ومستشار نائب الرئيس الروسي ( خلال العامين 1991  و1993) أن "ما حدث في جنيف لم يكن بداية عملية تفاوض حقيقية".

وفي هذا السياق، ذكر الخبير الروسي بوجود جولات عديدة من المفاوضات الروسية-الأميركية في مجال التسلح عقدت في جنيف وهلسنكي ومدن أخرى خلال الحقبة السوفيتية.

وخلص فيودوروف إلى أن "الشيء الوحيد الذي يمكن تحقيقه ليس عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاقيات متعددة الأطراف، بل اتفاقيات منفصلة بين الولايات المتحدة وروسيا".  وأشار إلى أن ذلك "سيلعب دوراً أقل الآن مما كان عليه قبل 20 عاماً ، لأن هناك الصين التي تتجاهل أي عمليات تفاوض بشأن نزع السلاح، وسوف تزيد بشكل حاد من إمكاناتها العسكرية في السنوات الـ5 المقبلة".

ازدياد الرؤوس النووية 

وعلى الرغم من جهود مبذولة من قبل موسكو وواشنطن ودول أخرى للوصول إلى شفافية ونوع من التفاهمات في مجال نزع السلاح، زاد عدد الأسلحة النووية المنتشرة في العالم اعتباراً من أوائل عام 2021، مع وجود جزء كبير منها تحت السيطرة التشغيلية لروسيا والولايات المتحدة، وفقاً لتقرير جديد صادر عن "معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام".