تايوان تواجه نقصاً في الطيارين الحربيين.. والمناورات "تكشف" استراتيجية الصين

time reading iconدقائق القراءة - 8
طائرة حربية صينية تحلّق في مقاطعة فوجيان قرب تايوان - 5 أغسطس 2022 - REUTERS
طائرة حربية صينية تحلّق في مقاطعة فوجيان قرب تايوان - 5 أغسطس 2022 - REUTERS
دبي- الشرق

تواجه تايوان نقصاً في الطيارين الحربيين، فيما تنفذ الصين مناورات حول الجزيرة، بعد استقبالها رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي.

وتتيح تدريبات بكين استشراف استراتيجيتها العسكرية إذ تحاكي خطوات قد تتخذها لحصار تايوان، وتعرض تكتيكات قسرية قد يستخدمها القادة الصينيون في نزاع مستقبلي، كما أوردت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وإذا اندلعت حرب بين الولايات المتحدة والصين، فقد تحفّزها مواجهات متكررة بين مقاتلات قرب تايوان، التي يعترض طياروها، بشكل شبه يومي، مقاتلات صينية تتوغل في منطقة الدفاع الخاصة بالجزيرة، كما أفادت وكالة "بلومبرغ".

ونشرت بكين الأربعاء 22 طائرة حربية عبر "خط الوسط" الفاصل ​​الذي تفرضه الولايات المتحدة فوق مضيق تايوان، في عدد هو الأضخم منذ أن بدأ الجيش التايواني بالكشف عن البيانات في هذا الصدد، عام 2020.

ونقلت "بلومبرغ" عن العقيد المتقاعد بالجيش التايواني ماونتن وانج، قوله مستذكراً مواجهة دامت 5 دقائق مع مقاتلات صينية قبل أكثر من عقد: "لم أكن أعرف ما إذا كانوا سيطلقون النار علي. يجب أن تكون في حالة تأهب شديد، وألا تؤدي إلى أي حادث يثير عواقب غير مقصودة".

100 طيار لقيادة 66 مقاتلة

لكن ثمة مشكلة مديدة يواجهها الجيش التايواني تتمثل في نقص حاد بالطيارين. وفي حين أن تايوان محمية بأسطول ضخم وحديث نسبياً من المقاتلات، فقد تحتاج إلى 50 عاماً بالمعدل الحالي، لتدريب عدد كافٍ من الطيارين لقيادة المقاتلات التي تتوقع شراءها بحلول منتصف هذا العقد.

ويقدّر قادة عسكريون أميركيون بأن الرئيس الصيني شي جين بينج قد يكون قادراً على تنفيذ إجراءات عسكرية عبر مضيق تايوان خلال 5 سنوات، كما أن التوغلات اليومية الصينية تستنزف الطيارين التايوانيين ومقاتلاتهم.

وستحتاج تايوان إلى إضافة ما لا يقلّ عن 100 طيار، بحلول عام 2026، لتشغيل 66 مقاتلة أكثر تطوّراً من طرازF-16V، صادقت الرئيسة تساي إينج وين على شرائها قبل عامين.

وضم سلاح الجوّ التايواني 21 طياراً جديداً لقيادة مقاتلات F-16، بين عامَي 2011 و2019، وفقاً لبيانات جمعها "حزب الشعب التايواني".

وقال النائب عن الحزب إينج تشي لو: "ركّزت تايوان كثيراً على الاستعداد العسكري. لكن المشكلة الأكبر تكمن في مَن يستطيع قيادة الطائرات".

تقلّص المواليد وقصر النظر

اعتبرت "بلومبرغ" أن الصعوبات التي تواجهها أوكرانيا في التصدي للغزو الروسي، سلطت الضوء على التحدي الذي يواجهه المخططون الاستراتيجيون في تايوان، علماً أن كييف استفادت من وجود احتياطي ضخم من العسكريين المدربين جيداً نسبياً.

كما أن ثمة عوامل أحبطت جهود تايوان لجذب مزيد من الطيارين وتدريبهم، بما في ذلك انخفاض معدل المواليد في الجزيرة، وحوادث تحطّم مقاتلات.

كذلك يعاني حوالى 80% من طلاب الجامعات في تايوان، من قصر نظر، نتيجة ساعات طويلة في الدراسة وقضاء وقت طويل على شاشات الأجهزة الإلكترونية.

وقال مات شين وهو مدرب في منشأة لتدريب الطيارين بقاعدة تشيهانج الجوية بمدينة تايتونج، التي ستستقبل الطائرات الجديدة من طراز F-16V، إن أكثر من نصف المتدربين، ويتراوح عددهم بين 70 و80 سنوياً، يُرسلون الآن إلى سرب F-16، مقارنة بالثلث قبل سنوات، من أجل التصدي للنشاط العسكري الصيني المتزايد حول الجزيرة.

وأضاف أن ابنه يخطّط أيضاً ليصبح طياراً في سلاح الجوّ، وزاد: "أشجّعه على فعل ذلك. لست قلقاً بشأن الموت. مَن يستطيع أن يتجنّب الموت إذا اندلعت حرب؟ نحن في الخطوط الأمامية، ومهمتنا تتمثل في حراسة البلاد".

وأعلن سلاح الجوّ أنه "ينشط في زيادة (عدد) المجندين" والاحتفاظ بهم، علماً أن مدارس الطيران بدأت بقبول متدربين حاصلين على درجات أكاديمية منخفضة، لضمان جذب مزيد من المرشحين الذين يستوفون متطلّبات اللياقة البدنية والرؤية السليمة.

كما سهّل سلاح الجوّ تجنيد هؤلاء في السنوات الأخيرة، إذ خفّف قواعد الرؤية ومكّن بعضهم من إجراء جراحة لتصحيح قصر النظر.

لكن الجدول الزمني المزدحم يمنع الطيارين ذوي الخبرة، من المساعدة في تدريب طيارين جدد، علماً أن تايوان تلزم الطيارين بـ250 ساعة من التدريب، قبل قيادة مقاتلة مثل F-16، بحسب "بلومبرغ".

"إعادة تشكيل الوضع الاستراتيجي"

التدريبات الصينية بالذخيرة الحية حول تايوان، تشمل 6 مناطق تطوّق الجزيرة فعلياً، في ما وصفه محللون عسكريون بحصار مؤقت، بحسب "وول ستريت جورنال".

وتعتبر الصين أن تايوان هي جزء لا يتجزأ من أراضيها وتلوّح باستعادتها، ولو بالقوة إن لزم الأمر. ومع ذلك، يعتقد محللون عسكريون بأن بكين تفتقر إلى القدرات اللازمة لتنفيذ غزو مباشر، ما يجعل عملية مشابهة معقدة جداً ومحفوفة بالأخطار. وبدلاً من ذلك، يرجّح هؤلاء أن تحاول بكين الضغط على تايوان، بدلاً من إخضاعها.

وقال براين كلارك، وهو باحث في "معهد هدسون" المحافظ في واشنطن، في إشارة إلى الصينيين: "إنهم يحشدون القوات لتبدو وكأنها حصار، من أجل إظهار قدرتهم على فعل ذلك".

واستبق الجنرال مينج شيانجكينج، وهو أستاذ بجامعة الدفاع الوطني التابعة للجيش الصيني، التدريبات بقوله: "هذا يؤسّس لتطويق جزيرة تايوان، ويوجد ظروفاً جيدة جداً لإعادة تشكيل الوضع الاستراتيجي بطريقة تفيد التوحيد" بين الصين وتايوان.

حصار انتقائي

ولدى اختتام التدريبات، ذكر محللون عسكريون وخبراء في شؤون الصين، أنهم سيراقبون لمعرفة ما إذا كانت المناورات قرب تايوان ستصبح روتينية. وإذا كان الأمر كذلك، يمكن أن تصبح أداة لتعطيل اقتصاد تايوان بشكل متقطع، وعلاقاتها مع العالم، في محاولة لتقويض الدعم الشعبي للحكومة ومواجهتها بكين، بحسب "وول ستريت جورنال".

وقال برادلي مارتن، وهو ضابط بحرية متقاعد وباحث في معهد "راند" الأميركي: "ربما لا تريد الصين خوض حرب لتحقيق أهدافها. ما نراه على الأرجح هو ممارسة مستوى من القوة أقلّ من مستوى النزاع الصريح".

ويُعتبر فرض حصار بحري كامل يحظر كل حركة مرور السفن، عملاً حربياً. ويُرجّح أن تفرض بكين حصاراً انتقائياً، وهذا خيار نوقش في مجلات عسكرية صينية، كما قال مارتن.

ومن شأن ذلك أن يمنح السلطات الصينية خيار اعتراض سفن، والسماح بمرور إمدادات الغذاء، على سبيل المثال.

واستثمرت الصين بكثافة في أسطولها البحري، وبات يفوق السفن الأميركية عدداً. وأفادت ورقة بحثية أعدّها معهد "راند"، وشارك مارتن في صوغها، بأن على الولايات المتحدة أن تقرر ما إذا كانت ستجازف بتبادل إطلاق النار أو الاستسلام، في مواجهة حصار صيني. ونبّهت إلى أن "التقاعس هو بمثابة قبول لتصرّفات الصين".

إرجاء اختبار صاروخي أميركي

إلى ذلك، أعلن البيت الأبيض أن إدارة الرئيس جو بايدن أرجأت اختباراً روتينياً لصاروخ باليستي عابر للقارات من طراز "مينيوتمان 3"، لتجنّب تصعيد التوتر مع بكين، علماً أن سلاح الجوّ الأميركي خطّط لإطلاقه هذا الأسبوع من قاعدة فاندنبرج الجوية في كاليفورنيا.

وقال الناطق باسم البيت الأبيض، جون كيربي، إن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن أمر بتأجيل الاختبار الصاروخي، لتجنّب مزيد من تأجيج العلاقات مع الصين.

وأضاف: "فيما تنخرط الصين في مناورات عسكرية مزعزعة للاستقرار حول تايوان، فإن الولايات المتحدة تُظهر بدلاً من ذلك سلوك قوة نووية مسؤولة، من خلال الحدّ من أخطار سوء التقدير"، بحسب "وول ستريت جورنال".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات