
يواجه منتجو وصُنّاع الدراما التلفزيونية في لبنان أزمة طاحنة، بعد وقف تصوير الأعمال الدرامية الخاصة بموسم رمضان المُقبل، إثر تداعيات جائحة فيروس كورونا، وخروج أنباء تُفيد باعتزام الحكومة تمديد الإغلاق العام في البلاد حتى 15 فبراير المُقبل.
وكانت عشرات المسلسلات العربية والمحلية، قد بدأت التصوير في لبنان، منذ ديسمبر الماضي، إذ هناك كثير من النجوم الخليجيين والمصريين والسوريين ينتظرون في الفنادق ولا يعرفون مصير عمليات التصوير، بحسب ما أكد عدد من الشركات لـ"الشرق".
وتُجري شركات الإنتاج مفاوضات جدّية مع الحكومة اللبنانية لمنحها استثناءات كالقطاع الإعلامي، ليتسني لها استكمال تصوير المسلسلات، واللحاق بموسم دراما رمضان في أبريل المُقبل.
قطاع صناعي منتج
وقال المُنتج مروان حداد، لـ"الشرق" إن خسائر ضخمة قد تلحق بالصناعة التلفزيونية في البنان، حال تأخر استئناف تصوير المسلسلات، لاسيما أنّ الشركة قد أبرمت عقوداً رسمية مع منصات ومحطات محلية وعربية، وهناك بند جزائي في تلك العقود.
وأوضح حداد أنّ شركته توقفت عن تصوير مسلسلي "الحي الشعبي" و"الباشا 3"، متابعاً: "لبنان يعيش أزمة اقتصادية خانقة لم يشهد مثلها منذ الانتداب الفرنسي، ونحن قطاع صناعي قبل أن يكون فنياً، إذ تشغّل أرباحه العجلة الاقتصادية اللبنانية، كما يوفر القطاع فرص عمل ضخمة جداً، فعلى الدولة أن تعطينا استثناءات كي لا تنهار الصناعة".
حقوق وليست مفاوضات
وأعرب المُنتج مفيد الرفاعي، في تصريحات لـ"الشرق"، عن استياءئه بسبب المخاطر التي تتعرض لها الصناعة حالياً في لبنان، حيث توقفت شركته عن تصوير مسلسل "ظل" للفنانين السوريين باسل خياط وغسان مسعود، قائلاً: "دفعنا شقى عمرنا لتأسيس هذه الصناعة وتطويرها، ومع ذلك كنا متمسكين بالبقاء هنا لنُثبت أن لبنان هو بلد الفن والسينما، ووقفنا في وجه التوترات الأمنية والسياسية والانهيار الاقتصادي، ووصلنا إلى ازدهار لافت في السنوات الأخيرة".
وتابع: "اليوم ندفع من اللحم الحي من أجل الاستمرارية المهدّدة، في الوقت الذي تهمل الدولة اللبنانية قطاعنا وتعرّضه للانهيار وتستولي المصارف على أموالنا فنصبح تحت ضغط السيف والمطرقة".
ورفض الرفاعي وصف ما يجري حالياً مع الحكومة هناك بـ"المفاوضات"، قائلاً: "اسمها مطالبة بحقوقنا كشركات إنتاج تدخل أموالاً طائلة إلى لبنان وتُسهم في الناتج المحلي عبر تشغيل الكثير"، متابعاً: "لا بديل عن استئناف العمل ضمن إجراءات وقائية مشددة، خصوصاً أن الديكورات والطواقم كلها تنتظر معاودة العمل، وإلا فسندفع ثمن ذلك بالانتقال إلى خارج البلاد عاجلاً أو لاحقاً".
وأشار الرفاعي إلى أنّ شركات الإنتاج عرضت على الحكومة اللبنانية المساهمة في تمويل استيراد اللقاحات المضادة لكورونا، من أجل تلقيح الطواقم الطبية والعاملين في قطاع السينما والتلفزيون، وقد أبدى وزير الصحة حمد حسن الموافقة، لكنه استدرك: "لا أحد يعلم لماذا كل هذا التأخير في وصول اللقاح إلى لبنان".
خسائر لا تُعوّض
ووصف رائد سنان الوضع في لبنان بقوله: "نحن على شفير الانهيار، فقد تم إيقاف تصوير حوالي 12 مسلسلاً، وكلها ملتزمة بالسباق الرمضاني التلفزيوني، منهم مسلسل شركته (داون تاون)".
ويعتبر سنان أنّ هذا القطاع حساس جداً، فتوقف العمل لمدّة 20 يوماً، يعني انسحاباً من الموسم الرمضاني، وبالتالي خسارة السنة بكاملها، متابعاً: "من المفترض أن تكون الأعمال جاهزة خلال شهرين، وإلا فسندخل في نفق مظلم".
ويجمع "داون تاون" نجوماً سوريين ولبنانيين، من بينهم: عبد المنعم عمايري، وسامر إسماعيل، وستيفاني صليبا، ومحمد عقيل، وسارة أبي كنعان، وجنيد زين الدين، وكارمن لبس، ووسام صليبا إلى جانب الجزائرية أمل بشوشة وغيرهم.
جهود مضاعفة
وأعربت الممثلة ستيفاني صليبا عن قلقها من الاضطرابات التي يشهدها قطاع الصناعة التلفزيونية حالياً، مع اقتراب حلول شهر رمضان، قائلة في في تصريحات لـ"الشرق": "هذا الحال والاختبارات التي نعيشها تؤرق الممثل، فعندما يكون الفنان قد أعطى وقتاً للتحضير للدخول في أجواء التصوير، لكن بمجرد التوقف عن العمل لأسابيع يخرج من مزاج هذه الشخصية وسيعود بمجهود مضاعف ليستعيد أداء وروح الدور، وهذا يجعل الفنان غير مستقر ومنهكاً وقلقاً".
واستعرضت صليبا الخسائر التي قد تلحق بها إثر تداعيات "كورونا"، قائلة: "الإقفال والوضع المأزوم في لبنان يمنّي بخسارات مادية، لأنني ملتزمة أيضاً بأعمال أخرى خارج البلاد، والتأخير الذي يحصل جراء التوقف عن التصوير هناك يجعلني أغير برنامجي، أو إلغاء عقود معينة، أو حتى الخوف من التعاقد على مسلسلات وأعمال تعرض عليّ لأنه لا يمكن الالتزام بها".
إصابات كورونا
ونفت نسرين ظواهرة، المسؤولة الإعلامية لشركة "صبّاح إخوان"، ما تردد بشأن إصابة أي من الممثلين المشاركين في مسلسلي "عشّ الدبابير" و"لحم غزال"، بفيروس كورونا، خلال وجودهم في لبنان، مؤكدة أنّ هذا الكلام عارٍ تماماً من الصحة.
يذكر أن "الصباح" كانت بدأت تصوير "لحم غزال" الذي يقوم ببطولته كل من غادة عبدالرازق ووفاء عامر وشريف سلامة ومي سليم وعمرو عبدالجليل وعدد كبير من الممثلين المصريين، في لبنان في ديسمبر الماضي.
كما بدأت تصوير "عش الدبابير" وهو من بطولة دلال عبدالعزيز ومصطفى شعبان وعمرو سعد ورانيا يوسف وعمرو عبدالجليل وهو من كتابة عبير سليمان وإخراج أحمد خالد موسى.
خطط بديلة
ووضعت الجهات الإنتاجية خططاً بديلة حال تمديد الغلق فترة أخرى، إذ يفكر البعض في نقل التصوير إلى خارج البلاد، فيما بدأ آخرون في وضع خطط لحجز فندق بكامله لفريق مسلسل معين خارج العاصمة، بعيداً عن الاكتظاظ، أملاً في صدور الاستثناءات الحكومية، ومنهم من ينتظر.
وأعرب جمال سنان صاحب "إيغل فيلم"، لـ"الشرق"، عن قلقه من الأوضاع الرمادية في البلاد بخصوص استئناف العمل، قائلاً: "لا خطط بديلة قبل أن نأخذ الجواب المؤكد من الحكومة اللبنانية".
وأشار سنان إلى أن شركته بدأت قبل أسابيع تصوير 3 مسلسلات عربية تضم نجوماً من مصر ولبنان والخليج العربي، هي "للموت" (30 حلقة) وسيعرض في رمضان المقبل، إضافة إلى "أمنيزيا" و"قارئة الفنجان" (10 حلقات) اللذين يعدّان للعرض على منصات البث الرقمي.
وأضاف: "ما نطلبه اليوم أن نُمنح فرصة لاستئناف التصوير، خصوصاً أننا استقدمنا نجوماً عرباً إلى لبنان لتصوير مشاهدهم"، مستشهداً بالوضع المُشابه الذي شهده لبنان العام الماضي، قائلاً: "حصلنا على استثناءات لمعاودة التصوير، والتزمنا بالإجراءات الاحترازية وخففنا عدد العاملين وحجرنا فريق العمل في فندق واحد واستطعنا التغلب على الوضع آنذاك".