ممر الحبوب.. العبور يتواصل وبوتين يطالب بضمان أمن السفن

time reading iconدقائق القراءة - 12
سفن شحن محملة بالحبوب في المدخل الجنوبي لمضيق البوسفور في إسطنبول. 31 أكتوبر 2022  - AFP
سفن شحن محملة بالحبوب في المدخل الجنوبي لمضيق البوسفور في إسطنبول. 31 أكتوبر 2022 - AFP
كييف/موسكو/واشنطن-رويترزأ ف ب

غادرت سفن شحن محملة بالحبوب ومنتجات زراعية أخرى الموانئ الأوكرانية، الاثنين، رغم قرار روسيا بتعليق مشاركتها في اتفاق تصدير الحبوب الذي كان يهدف إلى تخفيف أزمة الغذاء العالمية، فيما طالبت موسكو بضمانات أوكرانية بضمان سلامة السفن وعدم استخدام ممر الحبوب لأغراض عسكرية.

ودعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الاثنين، أوكرانيا إلى ضمان سلامة السفن التي تعبر ممر تصدير الحبوب، متّهماً كييف بأنها تشكل "تهديداً" بعد هجوم استهدف الأسطول الروسي في القرم السبت.

وقال بوتين في مؤتمر صحافي إن "أوكرانيا يجب أن تضمن أنه لن يكون هناك أي تهديد لأمن السفن المدنية"، متّهماً كييف باستخدام ممرّ الحبوب لشنّ الهجوم الذي ينسبه إليها وارتكز عليه لتبرير انسحابه من اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية.

وأضاف: "شنّت أوكرانيا هذا الهجوم على أسطول البحر الأسود.. لقد شكّلوا خطراً على سفننا وعلى السفن المدنية"، متابعاً: "إنه خطر يهدد سفننا وسفننا المدنية". وشدد على أن روسيا لم تنسحب من الاتفاق بل "علّقت" التزامها به.

تركيا تواصل مساعيها

وباعتبارها أحد الوسطاء في هذا الاتفاق الذي يتيح إعادة تصدير الحبوب من الموانئ الأوكرانية، كثّفت تركيا مساعيها الدبلوماسية مع كل من روسيا وأوكرانيا في محاولة لإنقاذه، فيما حذّرت موسكو من أن الاستمرار في تنفيذ الاتفاق دون مشاركتها سيكون "خطيراً".

فيما اعتبرت الولايات المتحدة، الاثنين، أن مطالبة موسكو كييف بعدم استخدام ممر تصدير الحبوب لأغراض عسكرية "ابتزاز جماعي".

وقال الناطق باسم وزارة الخارجية نيد برايس لصحافيين "هذا يبدو أنه عقاب جماعي أو ابتزاز جماعي".

وغادرت 10 سفن على الأقل الموانئ الأوكرانية، الاثنين، من بينها "إيكاريا إينجل" التي استأجرها برنامج الأغذية العالمي والمحمّلة بـ 30 ألف طن من القمح مخصصة للاستجابة لحالات الطوارئ في القرن الإفريقي، بحسب موقع "مارين ترافيك" المتخصص.

وكتب منسق الأمم المتحدة لمبادرة الحبوب الأوكرانية أمير عبد الله صباح، الاثنين، على تويتر "لا ينبغي أن تصبح أي شحنة مدنية هدفاً عسكرياً أو أن تُحتجز رهينة. الطعام يجب أن يمر".

وفي المجموع، كان من المقرر أن تغادر 12 سفينة الموانئ الأوكرانية الاثنين، ويفترض أن تتجه 4 سفن أخرى إلى البلاد، وفقاً لمركز التنسيق المشترك الذي يشرف على الاتفاق الذي توسطت فيه تركيا والأمم المتحدة.

وقالت روسيا، الاثنين، إن الاتفاق لم يعد قابلاً للتنفيذ تقريباً، نظراً لاستحالة ضمان سلامة الشحن، لكن مشاركين آخرين استمروا في تنفيذ الاتفاق، وقالت فرنسا إنها تجري محادثات مع دول أخرى في الاتحاد الأوروبي بشأن كيفية تعزيز صادرات الحبوب الأوكرانية عبر طرق برية.

وأعلن متحدث باسم الإدارة العسكرية في أوديسا أنه تم نقل كميات قياسية بلغت 354 ألفاً و500 طن من المنتجات الزراعية، على متن السفن التي غادرت الموانئ الأوكرانية، الاثنين. 

لكن الشحنات يمكن أن تتوقف مرة أخرى، على الأقل إذا توقفت شركات التأمين عن تأمينها. وقالت شركة أسكوت للتأمين التابعة لمجموعة لويدز أوف لندن الاثنين، إنها أوقفت إصدار وثائق التأمين للشحنات الجديدة باستخدام ممر الحبوب الأوكرانية.  

وذكر كريس ماكجيل رئيس قسم الشحن بشركة أسكوت لوكالة رويترز "من اليوم (الاثنين) نتوقف مؤقتاً عن إصدار الوثائق لشحنات جديدة حتى نفهم الموقف بشكل أفضل.. (وثائق) التأمين التي صدرت بالفعل لا تزال قائمة".

التزام أوكراني

من جانبه، أكّد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الاثنين، خلال مكالمة هاتفية مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش أن أوكرانيا عازمة على "البقاء ضامناً للأمن الغذائي العالمي" ومواصلة صادراتها من الحبوب.

وكتب زيلينسكي على تويتر: "تحدثت مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش. أكّدت التزام أوكرانيا باتفاق الحبوب".

نفي أممي وتحذير أميركي

وقال منسق الأمم المتحدة للإغاثة مارتن جريفيث، الاثنين، إنه لم تكن هناك سفن تبحر في ممر الحبوب في البحر الأسود ليلة 29 أكتوبر، وهو اليوم الذي قالت روسيا إن سفنها تعرضت فيه لهجوم في خليج سيفاستوبول في شبه جزيرة القرم.

فيما قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس، الاثنين، إن وقف روسيا لمشاركتها في مبادرة تصدير الحبوب عبر البحر الأسود، والتي توسطت فيها الأمم المتحدة، له "آثار ضارة فورية" على الأمن الغذائي العالمي، وإن أسعار المواد الغذائية ارتفعت بسبب حالة عدم اليقين المتعلقة بالاتفاق.

وتأتي حركة الملاحة البحرية بعد يومين من إخطار روسيا الأمم المتحدة وتركيا بتعليق مشاركتها في اتفاق نقل الحبوب، بعدما اتهمت موسكو أوكرانيا بشن هجوم "كبير" بمسيّرات على أسطولها في البحر الأسود في شبه جزيرة القرم. لكنّ أوكرانيا اعتبرت الاتهامات الروسية "ذريعة كاذبة".

وانسحبت موسكو أيضاً من عمليات تفتيش السفن التي كانت إلزامية بموجب الاتفاق. وبعد أن علقت روسيا مشاركتها في برنامج شحن الحبوب، اتهمت الولايات المتحدة روسيا باستخدام الغذاء كسلاح، وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن موسكو "تبتز العالم بالجوع". 

ونفت روسيا هذه الاتهامات. لكن استئناف شحنات الحبوب الأوكرانية، الاثنين، يشير إلى أن موسكو لم تحاول فرض حصار جديد.

وأكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الاثنين، أن تركيا "عازمة على مواصلة الجهود"، والدفاع عن اتفاق صادرات الحبوب الأوكرانية "رغم التردد الروسي".

وقال الرئيس التركي، أحد رعاة الاتفاق الذي وقع في 19 يوليو في إسطنبول، "مع أن روسيا تبدي ترددها لأنها لا تحصل على التسهيلات نفسها (مثل أوكرانيا)، نحن عازمون على مواصلة الجهود خدمة للبشرية".

وقال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار لنظيره الروسي سيرجي شويجو، الاثنين، إن على موسكو إعادة تقييم تعليق مشاركتها في اتفاق توسطت فيه الأمم المتحدة لاستئناف صادرات الحبوب من أوكرانيا.

وجاء في بيان لوزارة الدفاع التركية بشأن فحوى مكالمة هاتفية بين الوزيرين، أن أكار أخبر شويجو بأن من المهم للغاية أن يستمر اتفاق الحبوب وأن يستمر تطبيقه بشكل منفصل عن الصراع في أوكرانيا.

وكان أكار قال قبل المكالمة الهاتفية "هذا (الاتفاق) يجب أن يستمر. تعليق هذه المبادرة لن يفيد روسيا ولا أوكرانيا ولا أي جهة أخرى"، وحضّ الأطراف على "مراجعة قراراتهم".

وتم الاتفاق على جدول الشحن ليوم الاثنين من قبل أوكرانيا وتركيا والأمم المتحدة، مع إبلاغ روسيا بالتحركات، على ما قال مركز التنسيق المشترك في بيان مساء الأحد.

وأفاد مصدر مطّلع على الموضوع "بصفتهم إحدى الجهات الموقّعة للاتفاق، طُلب منهم اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان سلامة السفن".

"لا اتفاق من دون موسكو"

من جانبه، حذّر الكرملين، الاثنين، من أنه سيكون من "الخطير" و"الصعب" الاستمرار في تنفيذ الاتفاق بشأن صادرات الحبوب الأوكرانية بدون موسكو.

وقال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف لصحافيين رداً على سؤال بشأن إمكان الاستمرار في تنفيذ الاتفاق بدون روسيا "في ظل الظروف التي تتحدث فيها روسيا عن استحالة ضمان سلامة الملاحة في هذه المناطق، يصعب تطبيق هذا الاتفاق. وتسلك الأمور طريقاً مختلفاً، أكثر خطورة".

وأضاف أن الاتفاق "بالكاد يمكن (تنفيذه)" لأن روسيا لم تعد قادرة على ضمان سلامة النقل البحري. ولم يحدد سبب كون الشحنات غير آمنة الآن، وامتنع عن الإفصاح عن الظروف التي قد تنضم فيها موسكو مجدداً إلى هذا الاتفاق.

مطالب روسية

من جهته، قال الجيش الروسي إنه يريد "التزامات" من أوكرانيا بعدم استخدام ممر تصدير الحبوب لأغراض عسكرية.

وكتبت وزارة الدفاع الروسية على تليجرام "لا مجال لضمان سلامة أي شيء في هذه المنطقة حتى تتعهد أوكرانيا بالتزامات إضافية بعدم استخدام هذا الطريق لأغراض عسكرية".

وفي المقابل، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الاثنين، إن بلاده ستواصل تنفيذ برنامج الأمم المتحدة لتصدير الحبوب "مثلما اتفقنا" مع المنظمة الدولية وتركيا. وذلك عقب محادثاته مع رئيس الوزراء التشيكي بيتر فيالا.

واضطرّت أوكرانيا التي تعتبر واحدة من كبرى الدول المصدّرة للحبوب في العالم، إلى وقف كل عمليات التسليم بشكل شبه كامل بعد الغزو الروسي في أواخر فبراير.

ويعتبر الاتفاق الذي تم التوصل إليه في يوليو حيوياً للتخفيف من أزمة الغذاء العالمية التي تسبب بها النزاع.

وسمح الاتفاق، الذي أُنشئ بموجبه ممر آمن يمكن السفن من الإبحار من خلاله إلى اسطنبول حيث تخضع لعمليات تفتيش، بتصدير أكثر من 9.5 مليون طن من الحبوب الأوكرانية حتى الآن، وكان من المقرر تجديده في 19 نوفمبر.

كذلك، وقّع اتفاق منفصل مع روسيا يسمح لها بتصدير مواد غذائية وأسمدة روسية، رغم العقوبات الغربية المفروضة على موسكو. لكنه لم يطبَّق بتاتاً، ما أثار استياء موسكو التي تشكو من هذه المسألة منذ أسابيع.

ارتفاع الأسعار

والخميس، قبل أيام من تعليق روسيا مشاركتها في الاتفاق، قال سفيرها لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا للصحافيين إنه يجب السماح للصادرات الروسية بالمرور قبل أن تلتزم موسكو بتمديد الاتفاق.

وارتفعت أسعار القمح، الاثنين، إثر الانسحاب الروسي إذ قفزت بنحو 6% إلى 8.79 دولار للبوشل في شيكاجو، لكنها ظلت أقل بكثير من أعلى سعر، وهو 13.63 دولار، الذي سجله في أوائل مارس بعد وقت قصير من بدء الصراع.

وساعدت الوتيرة القوية لصادرات القمح من روسيا، التي حصدت محصولاً قياسياً هذا الصيف، في تعزيز الإمدادات في السوق العالمية.

وقالت شركة سوفكون للاستشارات الزراعية، الاثنين، في تقديرات إن روسيا ستُصّدر 4.5 مليون طن من القمح في أكتوبر، ارتفاعاً من 2.8 مليون في الشهر نفسه من العام الماضي.

كما ارتفعت أسعار الذرة بأكثر من 2% إلى 6.95 دولار للبوشل في شيكاجو، بينما ارتفعت أسعار زيت الصويا 3% إلى 74.1 سنت لكل رطل.

الشحنات في خطر              

حذّر تجار من أن مئات آلاف أطنان القمح المحجوزة لتسليمها إلى إفريقيا والشرق الأوسط قد تكون الآن في خطر.

وقال تاجر حبوب مقره سنغافورة يورد القمح للمشترين في آسيا والشرق الأوسط "إذا اضطررت لاستبدال سفينة كان من المقرر أن تأتي من أوكرانيا، فما هي الخيارات؟ ليست كثيرة حقاً".

ومن بين المشترين الآسيويين الذين يحجزون شحنات القمح الأوكراني إندونيسيا، ثاني أكبر مستورد للحبوب في العالم، على الرغم من أن المنطقة تعتمد عادة على أستراليا وأميركا الشمالية.

وقال تجار إنه في أحدث الصفقات، اشترت شركات المطاحن الإندونيسية أربع شحنات، أو نحو 200 ألف طن من القمح الأوكراني، لشحنها في نوفمبر في صفقات تم توقيعها خلال الأسابيع القليلة الماضية. 

ومن المحتمل أيضاً أن تعاني بعض مصانع الأعلاف الفيتنامية التي اشترت القمح الأوكراني.

وتمثل أوكرانيا مصدراً رئيسياً للذرة، وهناك مخاوف من أن تتعطل الشحنات إلى الاتحاد الأوروبي. وقال أحد تجار الحبوب "بالنسبة لأوروبا، تمثل الذرة مشكلة أكبر من القمح، نظراً لاقتراب موسم الذروة بالنسبة للذرة الأوكرانية في نوفمبر".

وحذّر المحللون من أنه على الرغم من أن أسعار السلع الزراعية العالمية قد تراجعت عن المستويات المرتفعة القياسية في الأشهر الأخيرة، إلّا أن أسعار المواد الغذائية بالتجزئة على المستويات المحلية لا تزال مرتفعة ويمكن أن تشهد الآن مزيداً من الارتفاع.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات