القمة الافتراضية.. بايدن متمسّك بـ"مصالح" واشنطن وشي يطالبه بـ"مسار عقلاني"

time reading iconدقائق القراءة - 7
الرئيسان، الصيني شي جين بينج والأميركي جو بايدن، على شاشة في مطعم ببكين خلال اجتماعهما الافتراضي - 16 نوفمبر 2021 - REUTERS
الرئيسان، الصيني شي جين بينج والأميركي جو بايدن، على شاشة في مطعم ببكين خلال اجتماعهما الافتراضي - 16 نوفمبر 2021 - REUTERS
دبي- الشرق

شهدت القمة الافتراضية التي جمعت الرئيسين، الأميركي جو بايدن والصيني شي جين بينج، نقاشاً "صريحاً" بحسب بكين، شدد خلاله بايدن على أن بلاده "ستدافع عن مصالحها وقيمها"، لافتاً إلى "أهمية إدارة الأخطار الاستراتيجية".

أما شي، فحضّ نظيره الأميركي على أن يُظهِر "قيادة سياسية" لإعادة سياسة واشنطن إزاء بكين إلى مسار "عقلاني وعملي"، محدداً ثلاثة مبادئ لتطوير العلاقات بين الجانبين، ومحذراً "انفصاليّي" تايوان من "اللعب بالنار".

جاء ذلك خلال قمة افتراضية استمرت أكثر من 3 ساعات، أي لفترة أطول من المتوقع، على رغم أنها لم تشهد اختراقات كبرى. لكن وكالة أنباء الصين الجديدة الرسمية (شينخوا) أفادت بأن حكومة شي وافقت على تبنّي مسار سريع، يتيح للمسؤولين التنفيذيين الأميركيين دخول الصين.

ونقلت وكالة "بلومبرغ" عن مسؤول في البيت الأبيض قوله إن لهجة الرئيسين اتسمت بالاحترام والانفتاح، إذ ركّز اللقاء على العمل لإدارة تنافس مديد بين أضخم اقتصادين في العالم.

وتزامن الاجتماع مع تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة والصين، بشأن ملفات كثيرة عالقة، بما في ذلك الحرب التجارية وشركات التكنولوجيا الصينية وحقوق الإنسان وهونج كونج وتايوان وتحديث بكين ترسانتها العسكرية.

الرئيسان يعرفان بعضهما جيداً، إذ سافرا معاً عندما كانا نائبين للرئيس. ووصف شي بايدن بأنه "صديق قديم"، علماً أن الأخير التقى نائب الرئيس الصيني السابق في عام 2013، فيما تحدث بايدن عن "صداقتهما".

لكن الوضع تبدّل الآن، بعدما أصبحا رئيسين، وغضب بايدن في يونيو الماضي، عندما سأله مراسل إذا كان سيضغط على شي للتعاون مع تحقيق تجريه "منظمة الصحة العالمية" بشأن منشأ فيروس كورونا المستجد، قائلاً: "دعونا نفهم شيئاً: نعرف بعضنا بعضاً جيداً. لسنا أصدقاء قدامى. إنه مجرد عمل بحت"، كما أفادت وكالة "أسوشيتد برس".

"طابع معقد للعلاقات"

وأعلن البيت الأبيض أن بايدن وشي "ناقشا الطابع المعقد للعلاقات بين بلدينا وأهمية إدارة التنافس بمسؤولية"، وشملت "المجالات التي تتوافق فيها مصالحنا، وتلك التي تتباعد فيها اهتماماتنا وقيمنا ووجهات نظرنا".

وشدد بايدن على أن "الولايات المتحدة ستستمر في الدفاع عن مصالحها وقيمها، وبالتعاون مع حلفائنا وشركائنا، سنضمن أن قواعد الطريق للقرن الحادي والعشرين تتيح نظاماً دولياً حراً ومنفتحاً وعادلاً".

وأثار الرئيس الأميركي "مخاوف بشأن ممارسات الصين في شينجيانغ والتيبت وهونج كونج، فضلاً عن حقوق الإنسان على نطاق أوسع"، كما "كان واضحاً بشأن الحاجة إلى حماية العمال والصناعات الأميركية من الممارسات التجارية والاقتصادية غير العادلة للصين"، بحسب البيت الأبيض.

كذلك "ناقش أهمية أن تكون منطقة المحيطين الهندي والهادئ حرة ومفتوحة"، مؤكداً أن "الولايات المتحدة لا تزال ملتزمة بسياسة (صين واحدة)" ومشدداً على أنها "تعارض بشدة جهوداً أحادية لتغيير الوضع القائم أو تقويض السلام والاستقرار عبر مضيق تايوان".

ولفت بايدن إلى "أهمية إدارة الأخطار الاستراتيجية"، مشيراً إلى "الحاجة إلى حواجز حماية منطقية لضمان عدم انحراف التنافس إلى صراع وللإبقاء على خطوط الاتصال مفتوحة".

وناقش مع شي "الطابع الوجودي لأزمة المناخ في العالم والدور المهم الذي تؤديه الولايات المتحدة والصين"، و"أهمية اتخاذ تدابير لمعالجة إمدادات الطاقة العالمية". كذلك تبادلا "وجهات نظر بشأن تحديات إقليمية أساسية، بما في ذلك كوريا الشمالية وأفغانستان وإيران"، مع تأكيد الرئيس الأميركي على "أهمية المحادثات الموضوعية والملموسة" بين الجانبين.

"مَن يلعب بالنار سيحترق"

في المقابل، وصفت "شينخوا" الاجتماع بأنه كان "صريحاً وبنّاءً وموضوعياً ومثمراً". وأضافت أن شي جين بينج أعرب عن أمله بأن يُظهر بايدن "قيادة سياسية" لإعادة السياسة الأميركية إزاء الصين إلى مسار "عقلاني وعملي"، مشدداً على "الاحترام المتبادل والتعايش السلمي والتعاون المربح للجانبين، باعتبارها ثلاثة مبادئ في تطوير العلاقات الصينية الأميركية في العصر الجديد".

ونقلت الوكالة عن شي قوله إن "السلطات التايوانية حاولت مرات الاعتماد على الولايات المتحدة لتحقيق الاستقلال، ويحاول بعضهم في الولايات المتحدة استخدام تايوان للسيطرة على الصين".

وأضاف: "نحن صبورون ومستعدون لاستخدام أقصى درجات حسن نيتنا وبذل أقصى جهد للسعي من أجل آفاق إعادة التوحيد السلمي. ومع ذلك، إذا أقدمت القوى الانفصالية على استفزاز وإكراه، أو حتى تجاوز الخط الأحمر، فعلينا اتخاذ إجراءات حاسمة. هذا الاتجاه خطر جداً وهو مثل اللعب بالنار، ومَن يلعب بالنار سيحترق".

واعتبر الرئيس الصيني أن "تغيّر المناخ يمكن أن يصبح نقطة بارزة جديدة للتعاون بين الصين والولايات المتحدة".

الأرض تتّسع للولايات المتحدة والصين

وشارك في الاجتماع الافتراضي، إضافة إلى بايدن، وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن وعدد محدود من مساعدي الرئيس. أما شي فكان برفقة مدير الحزب الشيوعي الصيني الحاكم، دينج شويشيانج، ومستشارين.

وقال بايدن في بداية اللقاء: "يبدو أن مسؤوليتنا، بوصفنا قائدين للصين والولايات المتحدة، تتمثل في ضمان ألا ينحرف التنافس بين بلدينا إلى صراع، سواء كان ذلك مقصوداً أم لا، بدلاً من التنافس البسيط والمباشر".

وأضاف: "ربما ينبغي لي أن أبدأ بشكل رسمي أكثر، على رغم أنني وأنت لم نكن رسميين مع بعضنا بعضاً بهذا الشكل قط". واعتبر أن للعلاقات بين الجانبين "تأثيراً عميقاً كما يبدو لي، ليس فقط في البلدين، وإنما بصراحة شديدة في باقي العالم".

أما شي، فوصف بايدن بأنه "صديق قديم"، معرباً عن "استعداده للعمل معه"، من أجل "بناء توافق في الآراء واتخاذ خطوات فعالة ودفع العلاقات بين الصين والولايات المتحدة إلى الأمام في اتجاه إيجابي".

وأضاف: "على الصين والولايات المتحدة احترام بعضهما بعضاً، والتعايش في سلام، والسعي إلى التعاون. باعتبارهما أضخم اقتصادَين في العالم، وعضوين دائمين في مجلس الأمن، على الصين والولايات المتحدة زيادة الاتصالات والتعاون وإدارة شؤونهما الداخلية بشكل جيد، وتحمّل نصيبهما من المسؤوليات الدولية في الوقت ذاته، والعمل معاً من أجل دفع القضية النبيلة للسلام والتنمية في العالم"، بحسب "شينخوا".

ورأى شي جين بينج أن "علاقات سليمة ومستقرة بين الصين والولايات المتحدة، مطلوبة لدفع التنمية الخاصة للبلدين، وللحفاظ على بيئة دولية سلمية ومستقرة"، لافتاً إلى أن ذلك "سيعزز مصالح الشعبين ويلبّي تطلعات المجتمع الدولي".

شبكة التلفزة الرسمية الصينية (سي سي تي في) نقلت عن شي قوله إن الأرض كبيرة بما يكفي لاستيعاب التنمية في الولايات المتحدة والصين، مضيفاً أن على البلدين "الامتناع عن الانخراط في (لعبة) الفائزين والخاسرين".

تصنيفات