زيارة بيلوسي إلى تايوان.. استعدادات لوجيستية وتحذيرات من نزاع مسلح

time reading iconدقائق القراءة - 8
نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب الأميركي خلال مؤتمر صحافي في واشنطن. 29 يوليو 2022. - Bloomberg
نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب الأميركي خلال مؤتمر صحافي في واشنطن. 29 يوليو 2022. - Bloomberg
دبي -الشرق

تعتزم رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي زيارة دول حليفة للولايات المتحدة في آسيا، مع وجود ترتيبات لـ"توقف محتمل" في تايوان، على الرغم من تحذيرات الصين وتهديداتها باتخاذ "تدابير قوية" وتلويحها بإمكانية الرد العسكري، في محاولة لإثنائها عن الزيارة المحتملة، ما أثار مخاوف محللين من نشوب "نزاع مسلح" بين بكين وواشنطن.
 
ونقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية عن مصادر لم تسمها، قولها إن الجولة التي يرافقها فيها عدد من أعضاء الكونجرس، من المقرر أن تبدأ في عطلة نهاية هذا الأسبوع (الأحد)، وتشمل سنغافورة وماليزيا وكوريا الجنوبية واليابان.

وذكر أحد المصادر أنّ "الاستعدادات اللوجيستية جارية لتوقف (بيلوسي في) تايوان في حال البت في قرار الذهاب إلى تايبيه".

وبالتزامن مع تحذير الصين المتكرر من التداعيات إذا ذهبت بيلوسي إلى تايوان، نقلت البحرية الأميركية حاملة الطائرات "يو إس إس رونالد ريجان"، ومجموعتها الهجومية من ميناء في سنغافورة، هذا الأسبوع، إلى غرب المحيط الهادئ باتجاه بحر الصين الجنوبي.
 
وفي حين قالت وزارة الدفاع الأميركية "البنتاجون" إن هذه الخطوة كانت مخططة منذ فترة طويلة، فإن وزارة الدفاع تنقل أحياناً قطعاً بحرية عسكرية أقرب إلى المناطق التي يزورها كبار القادة السياسيين والمسؤولين كإجراء احترازي، وفقاً للصحيفة.

من جانبها، رفضت بيلوسي تأكيد خططها للسفر في مؤتمر صحافي، مشيرة إلى اعتبارات أمنية. وقالت عندما سئلت عن أهمية الرحلة، إنّه يتعين أن يكون الكونجرس جزءاً من تركيز إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن على منطقة آسيا والمحيط الهادئ، مضيفة: "الأمر يتعلق بثلاثة أشياء: الأمن والاقتصاد والحكم، وهذا سيكون جزءاً من ذلك".

تنافس مع الصين

وإذا تمت الزيارة، فإن بيلوسي ستكون أرفع سياسية أميركية تزور تايوان منذ 25 عاماً، وبالنسبة لها، سيتوج ذلك عقوداً من الوقوف في وجه الصين، لا سيما في مجال حقوق الإنسان.

لكن بكين ترى في زيارتها مؤشراً على زيادة الدعم الدبلوماسي والعسكري الأميركي لتايوان، وتراجع عن الالتزامات السابقة بالحد من تلك العلاقات مع الحكومة المنتخبة ديمقراطياً.

"وول ستريت جورنال" اعتبرت أنّ سفر بيلوسي المخطط له إلى سنغافورة وماليزيا وكوريا الجنوبية واليابان، فضلاً عن تايوان، يضعها على خط المواجهة في منافسة الولايات المتحدة والصين على الصدارة العالمية.
 
وكانت إدارة بايدن أعطت أولوية لتعزيز العلاقات مع حلفاء وشركاء، لمواجهة القوة الاستراتيجية المتنامية للصين، فيما انتقد قادة "البنتاجون" زيادة ما يعتبرونه "نشاطاً عدائياً" للجيش الصيني، بعد إرساله طائرات وسفن لتحدي واعتراض طائرات وسفن الولايات المتحدة، والقوات المتحالفة معها.

تصعيد مستمر

وفي محاولة لإثناء بيلوسي عن الزيارة، صعدت الصين حملة من التهديدات والمناورات الحربية، وحذرت بشكل صريح من "إجراءات مضادة قوية"، حتى أن مسؤولين صينيين لوّحوا لنظرائهم الأميركيين بإمكانية "الرد العسكري"، لدرجة أن العديد من المحللين يعتقدون أن بكين وواشنطن تتجهان إلى أزمة جديدة بشأن تايوان، بحسب تقرير لصحيفة "فاينانشال تايمز". 

ونقلت الصحيفة البريطانية عن وو زينبو، مدير مركز الدراسات الأميركية بجامعة فودان في شنغهاي قوله: "إذا ذهبت (بيلوسي)، ستحدث بالتأكيد أزمة في مضيق تايوان، وسيتجاوز الأمر بالتأكيد الأزمة الأخيرة خلال الفترة بين عامي 1995-1996، لأن القدرات العسكرية للصين تتجاوز بكثير تلك التي كانت موجودة قبل 26 عاماً".

وقال وو: "منذ عهد (الرئيس الأميركي السابق دونالد) ترمب، كانت الولايات المتحدة ترفع دعمها لتايوان بشكل مطرد، وهي تستخدم ورقة تايوان طوال الوقت".

في هذا السياق، أعرب باحثون صينيون، ومسؤولون أميركيون سابقون لديهم معرفة مباشرة بالأزمة الأخيرة، عن اعتقادهم بأن الصين لا تزال تريد تجنب "الصراع العسكري المفتوح" مع الولايات المتحدة.

وقال ريتشارد بوش، الذي كان ضابطاً في الاستخبارات الوطنية الأميركية لشرق آسيا، عندما بلغ التوتر في مضيق تايوان ذروته عام 1995: "علينا أن نأخذ على محمل الجد احتمال أن يأمر (الرئيس الصيني) شي جين بينج، الجيش بالانخراط على الأقل في بعض الاستخدام المحدود للقوة العسكرية وليس فقط استعراضها".

وأضاف: "لكن هناك أسباباً تجعل من الخطر للغاية بالنسبة للصين الدخول حتى في حرب محدودة. من الواضح أن الولايات المتحدة سترد ولا يمكنهم (الصينيون) التأكد من الفوز. كما أنهم ما زالوا على ثقة من أن الحرب النفسية التي انخرطوا فيها على مدى السنوات الست الماضية ستنجح".

واعتبر أنّ "المشكلة بالنسبة للصين هي أنه بمجرد الانتهاء من كل ما يقومون به، فإنهم يظلوا في نفس الموقف الصعب. ليس لديهم طريقة لإقناع تايوان بالتصالح".

تغيير حسابات

وعلى نحو مماثل، يتفق مسؤولون أميركيون سابقون على أن التحديث الهائل للجيش الصيني منذ ذلك الحين من المرجح أن يغير حسابات شي. 

وقال راندي شرايفر، مساعد وزير الدفاع الأميركي السابق في إدارة ترمب، وعمل أيضاً في مكتب وزير الدفاع المسؤول عن إدارة العلاقات مع الجيش الصيني والعلاقات الأمنية الثنائية مع تايوان بين عامي 1994 و1998: "نحن أمام جيش صيني مختلف عما سبق، وصين مختلفة تماماً بشكل عام. في عام 1995، كنا نعلم أن لديهم قدرات محدودة وكانوا يعرفون ذلك. لكن الإصلاحات العسكرية التي قاموا بها منذ ذلك الحين كانت تضع في الحسبان تلك الأزمة بالذات".

وأضاف: "في غضون عام، اشتروا مدمرات (روسية) بصواريخ أرض-أرض، ومنذ عام 1996 بدأوا التفكير في كيفية إبقاء القوات الأميركية في المنطقة في خطر بصواريخ كروز".
 
وقال تايلور فرافيل، الخبير في شؤون الجيش الصيني في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، إن القدرات العسكرية الموسعة للصين ستسمح برد فعل أكثر تنوعاً على زيارة بيلوسي.

سيناريوهات الرد

وقال مسؤولون في تايبيه، إن الطائرات الحربية الصينية يمكنها عبور الخط الفاصل في مضيق تايوان، وهو خط نظري يفصل بين الجانبين تجاوزه الجيش الصيني مراراً في العامين الماضيين، وأن تحلّق مباشرة في المجال الجوي السيادي التايواني.

وبموجب سيناريو محتمل آخر، ناقشه مسؤولون تايوانيون، يمكن للجيش الصيني فرض حصار على جزيرة براتاس في بحر الصين الجنوبي التي تسيطر عليها تايبيه، ومنع تايوان من إرسال إمدادات حيوية، أو حتى إجراء عملية إنزال واحتجاز الجنود التايوانيين المتمركزين هناك.

من جهته، أشار ني ليكسيونج، وهو محلل عسكري في شنغهاي، إلى أنّ "الانتقام الصيني يمكن أن يتراوح بين إرسال طائرات حربية ومضايقة طائرة بيلوسي، إلى تزويد روسيا بالأسلحة. ولكن من المحتمل أن يتم قياس أي رد فعل صيني".

وقال ليكسيونج: "يجب أن تكون الخطوة كبيرة بما فيه الكفاية ويجب أن تسبب على الأقل الخوف لدى الخصم. لكن هذا العمل يحتاج إلى السيطرة عليه بطريقة لا تؤدي إلى نشوب نزاع مسلح".

مع ذلك يرى محللون أميركيون أن المنافسة بين الولايات المتحدة والصين وانعدام الثقة المتبادل يزعزعان استقرار الوضع في تايوان.
 
وفي هذا الصدد، قالت شيلي ريجر، الخبيرة الأكاديمية في كلية ديفيدسون في ولاية نورث كارولينا: "الأمر كله يتعلق بالعلاقات بين الولايات المتحدة والصين".

وأوضحت أنّ رئيسة تايوان تساي إنج وين، ليس لديها سوى خيارات قليلة، لأنها تواجه تهديداً من الصين والحاجة إلى الاحتفاظ بدعم الولايات المتحدة، الحامي الوحيد لتايوان، مضيفة: "لديها بنادق مسلطة على رأسها من كلا الجانبين".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات