بلغت درجات الحرارة في إسبانيا وفرنسا ودول أخرى في أوروبا الغربية مستويات قياسية، السبت، ما تسبب بحرائق في غابات، وضاعف المخاوف من تحول هذه المعدلات غير المسبوقة إلى درجات اعتيادية، في ما يبدو نتيجة للاحتباس الحراري العالمي.
وازدياد موجات الحر في أوروبا هو نتيجة مباشرة لظاهرة الاحتباس الحراري. وتضيف انبعاثات الغازات الدفيئة من قوة ومدة ومعدّل تكرار موجات الحر، بحسب العلماء.
وسجلت مدينة بياريتز جنوب غربي فرنسا أعلى درجات حرارة في تاريخها (41 مئوية)، بحسب ما أفادت مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية.
وتشكّلت طوابير انتظار من مئات الأشخاص وسيارات أمام منتجعات للسباحة في فرنسا، بعدما بات الماء الملاذ الوحيد من الحرارة المرتفعة التي قد تكون فتاكة.
وفي العاصمة باريس، لجأ الناس إلى النوافير ليغطسوا بالمياه، في وقت مُنع الاستحمام في نهر السين.
ووصلت درجات الحرارة إلى 42 درجة مئوية في بعض المناطق السبت، بحسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية التي لفتت إلى أن درجات الحرارة في 11 منطقة الجمعة، تخطت الأرقام القياسية.
وقال ماتيو سوريل خبير المناخ في مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية "إنها موجة الحر الأكبر موسمياً التي يتم تسجيلها في فرنسا" منذ 1947، معتبراً أنها مؤشر على "التغير المناخي".
حرائق هائلة
في حادث كبير في فرنسا، قالت السلطات المحلية إن حريقاً نجم عن إطلاق قذيفة مدفعية أثناء تدريب عسكري في منطقة فار بجنوب البلاد، أدى إلى حرق نحو 200 هكتار من النباتات.
وقال رئيس فريق الإطفاء المحلي أوليفييه بيكو "لا خطر على أحد إلّا على 2500 رأس ماشية تم نقلها إلى مكان آمن".
ومصدر الحريق معسكر كانجور العسكري، أكبر موقع تدريب من نوعه في أوروبا الغربية. وأعاق عمل فرق الإطفاء وجود ذخائر غير منفجرة في المنطقة المهجورة، لكن نُشرت أربع طائرات "كندير" لإطفاء الحرائق.
وقرب الحدود مع إسبانيا، لجأ بعض السكان إلى تغيير عاداتهم للتكيف مع ارتفاع درجات الحرارة، مثل دانيال توفالوني (64 عاماً) المزارع في دائرة بيرينيه الشرقية.
وأوضح أنه غيّر ساعات عمله في دفيئاته الزراعية حيث يزرع الطماطم إلى المساء "قبل حلول الظلام"، إذ يمكن أن تصل درجة الحرارة إلى 55 درجة مئوية في فترة ما بعد الظهر.
أمّا في إسبانيا، فواصلت فرق الإطفاء محاولة إطفاء حرائق أتى أحدها على حوالي 20 ألف هكتار من الأراضي في شمال غرب البلاد.
وأجبر أحد أكبر حرائق الغابات السلطات الإسبانية على إخلاء 14 قرية يسكنها مئات من السكان، في سلسلة جبال سييرا دي لا كوليبرا قرب الحدود مع البرتغال.
ولفتت السلطات المحلية إلى أن قسماً من السكان تمكنوا من العودة إلى منازلهم صباح السبت، إذ لم تعد النيران قريبة من منازلهم، لكنها حذرت أيضاً من النيران "التي لا تزال نشطة".
ولم تسلم ألمانيا أيضاً من موجة الحرّ، إذ بلغت درجات الحرارة نحو 40 مئوية السبت، فيما اندلعت بعض الحرائق.
تراجع إنتاج الحليب
وقالت السلطات الهولندية إنها تتوقع أن يكون السبت أكثر أيام السنة حرارة حتى الآن. ولفت خبراء الأرصاد الجوية إلى أن المملكة المتحدة سجّلت أشدّ أيام العام حرارة إذ تخطت درجات الحرارة الـ30 مئوية في وقت سابق من فترة بعد الظهر.
وقالت كلير مونتان وهي صحافية في لندن: "أعتقد أن الناس يستمتعون حالياً بالحرّ، لكن إذا ازدادت الحرارة أكثر مثلما أعتقد، سيصبح ذلك مقلقاً".
وأعلنت عدة بلدات في شمال إيطاليا تقنين المياه، وقد تعلن منطقة لومبارديا حالة الطوارئ حيث يهدد الجفاف غير المسبوق المحاصيل.
ولفتت الرابطة الزراعية الرئيسية في لومبارديا "كولديريتي" السبت إلى أن الأبقار تفرز حليباً أقل بنسبة 10% حالياً، إذ شربت نحو 140 ليتراً من المياه ي اليوم، أي ضعف الكمية التي تشربها في ظل 22 أو 24 درجة مئوية، ما أسفر عن إنتاج أقل للحليب بسبب التوتر.
ودعت الأمم المتحدة الجمعة إلى "التحرك الآن" لمواجهة الجفاف والتصحر من أجل تجنب وقوع "كوارث بشرية".
وقال الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إبراهيم ثياو خلال مؤتمر في مدريد بمناسبة اليوم العالمي للجفاف، "حان وقت العمل: كل إجراء مهم".