امتحانات الثانوية العامة في مصر.. "شاومينغ" يعود من جديد

time reading iconدقائق القراءة - 7
طلاب بالثانوية العامة في مصر أثناء خروجهم من الامتحانات في يومها الأول- 21 يونيو 2020 -  Getty Images
طلاب بالثانوية العامة في مصر أثناء خروجهم من الامتحانات في يومها الأول- 21 يونيو 2020 - Getty Images
القاهرة- محمد الخولي

يعرف أولياء الأمور والطلاب في مصر اسم "شاومينغ" جيداً، خاصة أنه يعاود الظهور وينجح في إثارة جدل كبير داخل البلاد في كل عام، بالتزامن مع موسم امتحانات الثانوية العامة التي تعتبرها الأسر "مصيرية"، في تحديد مسار حياة أبنائها الطلاب المقبلين على التعليم الجامعي. 

وبدأ اسم "شاومينغ" في الظهور خلال عام 2016، عبر صفحة على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، تخصصت في تسريب أسئلة امتحانات الثانوية العامة قبل موعد الامتحانات بساعات. 

وضمت الصفحة منذ إنشائها، عشرات الآلاف من المتابعين، وانتشرت بشكل كبير، على الرغم من محاولات الحكومة المصرية عبر وزارة التربية والتعليم، السيطرة على عمليات تسريب أسئلة الامتحانات، والقبض على مؤسس الصفحة، إلا أنها لا تزال قادرة على العودة مجدداً في موسم "الثانوية العامة". 

ومع بدء امتحان اللغة العربية للصف الثالث الثانوي هذا العام، والذي أجري يوم الأحد 21 يونيو، ظهرت على "فيسبوك" صفحة جديدة تحمل عنوان "شاومينغ بيغشش ثانوية عامة 2020"، ونشرت إجابات الامتحان.

استغلال مقابل المال

وقال وزير التربية والتعليم المصري، طارق شوقي، في تصريحات صحفية الأسبوع الماضي، إن الامتحانات تنقل إلى اللجان عبر جهات سيادية، ما يغلق المجال أمام أي فرصة لتسريبها، واصفاً ما يحدث بـ"استغلال مقابل المال، عبر إقناع الطلاب بأن شخصاً ما يمتلك إجابات الامتحان، ليفاجؤا بامتحان آخر بعد الدخول". 

وكرر شوقي تأكيده على انتهاء ظاهرة تسريب أسئلة الامتحانات منذ العام 2017، معتبراً أن "شاوموينغ" يدعي أن لديه التسريب و"يجد الزبون الراغب فيما يعرضه".

وأشار وزير التعليم المصري إلى أن العام الحالي، هو الجولة الأخيرة في نظام الثانوية العامة بشكلها التقليدي، لافتاً إلى أن ما أسماه بـ"مافيا الدروس الخصوصية"، تحاول تعطيل عملية التطوير التي يشهدها نظام الثانوية العامة في مصر، للاستفادة من الثغرات في الأنظمة القديمة، بحسب تعبيره. 

ملاحقات أمنية

وأعلنت وزارة الداخلية المصرية، في بيان رسمي، ضبط شخصين لقيامهما بالترويج لتسريب امتحانات الثانوية العامة، عبر أحد تطبيقات مواقع التواصل الاجتماعي.

وأشارت الوزارة إلى أنها رصدت تداول بعض المواقع الإلكترونية، خبراً يتضمن إطلاق "هاشتاغ" بعنوان "شاومينغ بيغشش ثانوية عامة"، عبر أحد تطبيقات التواصل الاجتماعي، وتوجيه رسائل للطلاب ، تتضمن تسريب أسئلة الامتحانات، وأجوبتها قبل موعد الامتحانات بحوالي 5 ساعات.

وأضافت الوزارة أن الأجهزة الأمنية تمكنت من خلال الفحص الفني، وجمع المعلومات من تحديد القائمين على ذلك النشاط وهما "طالبان جامعيان يقيمان بمحافظتي البحيرة والغربية". 

والخميس، أعلنت السلطات إلقاء القبض على مدير صفحة "شاومينغ بيغشش ثانوية عامة 2020"، الذي اعترف بتأسيس الصفحة على أحد مواقع التواصل الاجتماعي. 

كورونا تحجم "شاومينغ"

مع بدء ماراثون امتحانات الثانوية العامة تستعيد مايسة محمد ذكريات سيئة بسبب صفحة "شاومينغ" على "فيسبوك"، خاصة وأن لديها ابنة في الصف الثالث الثانوي هذا العام.

وتعود ذكريات مايسة إلى عام 2016، حينما قررت وزارة التربية والتعليم إعادة امتحان مادة التربية الإسلامية، بعد تسريب أسئلته، كما تسربت بعدها أسئلة امتحان مادة الفيزياء على صفحة "شاومينغ"، وهو ما تسبب في أذى نفسي لابنها إبراهيم، الذي كان يخوض وقتها امتحانات الثانوية العامة.

وذكرت مايسة لـ"الشرق"، أنها لم تتابع صفحة "شاومينغ" على "فيسبوك"، ولم تبحث عنها منذ ظهورها، رغم أن لديها 3 أبناء مروا على الثانوية العامة.

وذكرت علياء عبد السلام ابنة مايسة، أنها تعتبر نفسها "أكثر حظاً" من شقيقها إبراهيم، لأنها تخوض امتحانات الثانوية هذا العام مع انتشار فيروس كورونا، مما ساهم في حذف أجزاء من المناهج الدراسية وخروج الأسئلة في مستوى الطالب المتوسط، نظراً لتوقف الدراسة لفترة بعد تفشي الوباء، وتعتبر تلك الأسباب عاملاً مهماً في عدم اللجوء إلى "شاومينغ".

قانون جرائم المعلومات  

وقال الخبير في أمن المعلومات، المهندس وليد حجاج لـ"الشرق"، إنه تابع رحلة صفحة "شاومينغ" منذ أن بدأت في الظهور في عام 2016، معتبراً أنها وجدت أرضاً خصبة تسمح بازدهارها، خاصة مع جهل الكثيرين بأساليب التلاعب على مواقع التواصل الاجتماعي. 

وأوضح حجاج، أن قانون جرائم مكافحة تقنية المعلومات المعروف برقم 175 لسنة 2018، جاء لمحاربة هذا النوع من الجرائم، مشيراً إلى أن الصفحة وضعت بعض الأسئلة الصحيحة التي تضمنتها امتحانات الثانوية العامة وقامت بتسريبها في عام 2016، "لكن لم يكن الامتحان المسرب صحيحاً بشكل كامل، وهو ما خلق مساحة ثقة بين أولياء الأمور والطلاب تجاه محتوى الصفحة". 

وفي عام 2017 فشلت الصفحة في "اتباع النهج الخطير لها في استغلال الطلاب"، بحسب حجاج، الذي أشار إلى  خروج مئات الصفحات التي تحمل نفس الاسم لتبحث عن أمرين "جمع عدد كبير من المتابعين، وخداع الطلاب وأولياء أمورهم".

ولفت حجاج إلى أن النهج الذي اتبعته هذه الصفحات في عام 2018، هو مطالبة أولياء الأمور والطلاب بمبالغ مالية مقابل تسريب الامتحانات قبل موعدها بساعات، واستمر هذا الأسلوب حتى اليوم، منوهاً إلى أن تتبع مئات الصفحات أمر صعب، خاصة وأن بعضها يعمل من خارج البلاد.