تركيا توسع حضورها العسكري في العراق

time reading iconدقائق القراءة - 6
وزير الداخلية التركي سليمان صويلو - REUTERS
وزير الداخلية التركي سليمان صويلو - REUTERS
إسطنبول -الشرق

قال وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، الجمعة، إن بلاده تعتزم إنشاء قاعدة عسكرية شمالي العراق، وذلك ضمن مساعي أنقرة لمواجهة حزب العمال الكردستاني الذي يتخذ من الجبال الشمالية في العراق نقطة انطلاق لعملياته في إطار التمرد المستمر منذ عقود ضد الدولة التركية وجيشها.

ووفقاً لوسائل إعلام تركية، أكد صويلو أن "العمليات في شمال العراق ستستمر، فمنطقة متينا مكان مهم؛ لأنها خط العبور إلى قنديل، لذلك سنبقي هذه المنطقة تحت السيطرة".

وأعلن الجيش التركي في 23 أبريل الجاري، إطلاق العملية العسكرية "مخلب البرق"، ضد حزب العمال الكردستاني، ومركزها منطقة متينا، شمالي العراق، كما تشمل العملية أيضاً مناطق زاب وبازيان وأفاشين وقنديل.

وقبل نحو عام كشف مسؤولون أتراك، بحسب وكالة "رويترز"، عن مخططات لإقامة 3 قواعد عسكرية جديدة في منطقتي سنات وهفاتنين شمالي العراق.

وتشير مصادر كردية إلى وجود 19 قاعدة تركية رسمية في إقليم كردستان، وذلك بموجب اتفاق قديم بين الحكومة التركية وحكومة كردستان العراق يرجع إلى 1995.

وأكبر هذه القواعد هي تلك التي تقع في منطقة "كوني ماسي" بمحافظة دهوك، وهي عبارة عن معسكر هجومي يضم، بحسب هذه المصادر، نحو 1500 عنصر من القوات التركية المدرَّعة.

وتنتشر القواعد التركية بعمق 40 كلم داخل الإقليم، مع تركز كبير في مناطق شيلادزي والعمادية وبامرني وسنكي وسيري وكومري وسري زير.

كما تحافظ تركيا على وجود لها حول بعشيقة خارج مدينة الموصل، من خلال قاعدة بعشيقة جيدو، وهو ما يثير سخط بغداد باعتبار أنها ليست داخل منطقة حكومة كردستان التي تتمتع بحكم ذاتي.

قلق إيراني

ويثير تعزيز تركيا لحضورها في العراق مخاوف إيران التي ترى في هذا التدخل تهديداً لمجال نفوذها الجيواستراتيجي.

وقال أستاذ العلوم السياسة في جامعة بون الخبير في المنطقة زور قاسيموف إن "الحضور العسكري لتركيا في شمال العراق هو حقيقة لا تجعل إيران سعيدة".

وشهدت العلاقات بين البلدين توتراً مع اتهام أنقرة لفصائل الحشد الشعبي بإيواء مقاتلي عناصر حزب العمال الكردستاني، خصوصاً في سنجار شمال غربي العراق.

وكانت حكومة بغداد اتفقت مع إقليم كردستان في أكتوبر الماضي، على إدارة مشتركة في سنجار تستند إلى انتشار قوات من الحكومة الاتحادية فقط، وإخراج جميع الفصائل المسلحة وبينها قوات حزب العمال الكردستاني.

لكن أنقرة تقول إن حزب العمال لم يغادر المنطقة أبداً، وإن قواته اندمجت مع الميليشيات المحلية المدعومة من إيران.

كما تتهم تركيا ضمناً فصائل موالية لإيران بالوقوف وراء الهجوم على قاعدة بعشيقة التركية في أبريل الجاري والذي أسفر عن مقتل جندي تركي. 

تفاهمات ضمنية

وقال الخبير في معهد "تشاتام هاوس" غالب دالاي، إن "المجموعات المنتمية لحزب العمال الكردستاني تعمل في مناطق سنجار مع ميليشيات الحشد الشعبي"، مشيراً إلى أن هناك "تفاهماً ضمنياً بين إيران وعناصر حزب العمال سواء في العراق أو سوريا".

وزعمت وسائل إعلام تركية أن الحشد الشعبي نشر 15 ألفاً من مقاتليه وبنى قواعد جديدة في سنجار للتصدي لأي تدخل تركي.

ونددت إيران بإطلاق أنقرة عملية "مخلب النسر-2" ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني المتحصنين بمنطقة دهوك شمالي العراق، في فبراير الماضي.

وقال السفير الإيراني لدى العراق إيرج مسجدي: "نرفض التدخل العسكري في العراق، ويجب ألا تمثل القوات التركية تهديداً للأراضي العراقية"، مشيراً إلى أن أمن العراق هو مسؤولية القوات العراقية والقوات الإقليمية لحكومة كردستان".

ورداً على هذه التصريحات استدعت أنقرة سفير إيران لديها، كما اعتبر المبعوث التركي إلى العراق فاتح يلدز، أن مسجدي هو آخر من يحاضر تركيا في احترام الحدود العراقية.

وشددت الفصائل المسلحة المدعومة من إيران هذا العام لهجتها في معارضة الوجود التركي، واصفةً القوات التركية بأنها قوة احتلال يتعين عليها الرحيل، مثلها مثل الأميركيين. 

ووفقاً لوكالة "رويترز"، قال بلال وهاب، الزميل في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى: "يبدو أن الفصائل المسلحة فتحت جبهة جديدة مع تركيا".

وينظر وكلاء إيران إلى التوغل التركي على أنه تهديد لبوابتهم إلى سوريا، ولطريق تهريب رئيسي للأسلحة والأفراد والبضائع، وفقاً لوهاب.

عمليات مستمرة

ومنذ 2020 نفذ الجيش التركي 3 عمليات كبرى عبر الحدود، وشن غارات جوية على قواعد حزب العمال الكردستاني في شمال العراق، كما وسّع نقاطه العسكرية داخل إقليم كردستان. 

وشن الجيش التركي، السبت الماضي، هجوماً برياً وجوياً جديداً على قواعد المسلحين الأكراد في شمال العراق، وفق ما أفاد مسؤولون ووسائل إعلام محلية.

وقالت وسائل إعلام تركية إن قوات خاصة من الجيش نفذت إنزالاً في منطقة متينا من طائرات هليكوبتر بينما ألقت طائرات حربية قنابل على أهداف لحزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا.

وأطلق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على هذه العملية اسم "مخلب البرق". وفي حديثه إلى مركز قيادة العملية عبر الفيديو، قال أردوغان إن الهدف من الهجوم هو "الإنهاء التام لوجود التهديد الإرهابي.. على طول حدودنا الجنوبية".

وقال في إشارة إلى المسلحين الأكراد: "ليس هناك مكان للجماعة الإرهابية الانفصالية في مستقبل تركيا أو العراق أو سوريا.. سنواصل القتال حتى نقضي على عصابات القتلة هذه التي لا تنشر سوى الدموع والدمار".

وتجدر الإشارة إلى أن التمرد الكردي ضد الدولة التركية أدى إلى مقتل عشرات الآلاف منذ انطلاقه في عام 1984.