تدني مستوى الرواتب يدفع أطباء تونس للهجرة إلى الخارج

time reading iconدقائق القراءة - 4
طبيب الطوارئ التونسي عبد الوهاب مغربي 35 عاماً يتحدث إلى العاملين في مستشفى مامي في مدينة أريانة بالقرب من العاصمة  - AFP
طبيب الطوارئ التونسي عبد الوهاب مغربي 35 عاماً يتحدث إلى العاملين في مستشفى مامي في مدينة أريانة بالقرب من العاصمة - AFP
تونس-أ ف ب

تعاني تونس من ظاهرة هجرة الأطباء الشباب إلى فرنسا وألمانيا ودول الخليج، في ظل الظروف الصعبة التي يعانيها القطاع الصحي، فضلاً عن تدني مستوى الرواتب مقارنة بتلك الدول.

ولفت الطبيب الجرّاح سليم بن صالح الذي كان رئيساً لعمادة الأطباء أن "قرابة ثمانين في المئة من الأطباء الشباب هاجروا إلى الخارج في 2019".

وتابع: "هذه النخبة أحست دائماً بأنها مهمشة من قبل السلطات بعد عشر سنوات من الدراسة". وتساءل الطبيب التونسي: "ماذا فعلت الدولة لبقائهم، أنا أيضاً لم أعد أتحمّل وسأغادر"، محذراً في الوقت ذاته من كبر سن الأطباء في القطاع الحكومي.

ويستعد طبيب الطوارئ عبد الوهاب المغيربي الذي يعمل في الصف الأول لمكافحة وباء كوفيد-19، لمغادرة تونس بحثاً عن ظروف عمل أفضل، لكونه لم يحصل على راتبه منذ أشهر.

تأهيل سنوي

وتؤهل تونس سنوياً 800 طبيب بكفاءات عالية معترف بها دولياً، لكن البلاد تشهد تدهوراً في وضع المنشآت الصحية، وذلك بسبب "نقص المعدات والدواء وقلة الطواقم نتيجة الفساد وسوء الإدارة".

ويقول المغيربي الطبيب في قسم الطوارئ إن "المشكلة الكبيرة هنا هي الجانب المادي، رواتبنا مهينة، أشعر كأنني دفنت حيّاً في تونس".

وكشفت دراسة حديثة أعدتها منظمة ومعهد دراسات أن الطبيب الداخلي في تونس يتقاضى نحو 365 يورو شهرياً، وهو أقل معدل للرواتب، ولا يكفي لموازنة عائلة تتكون من أب وأم وطفلين للعيش "بكرامة".

ويضيف المغيربي: "هذا غير مقبول"، مشيراً إلى الساعات الإضافية "الإجبارية" بسبب اكتظاظ بعض المستشفيات ونقص عدد الطواقم.

صعوبات مالية

ويمثل قطاع الصحة ستة في المئة من موازنة الدولة التي تبحث عن موارد تكميلية لعام 2021، بينما تصعب أمام المسؤولين مهمة الانطلاق في مشاريع الإصلاحات الكبرى للقطاع المطلوبة من المانحين الدوليين.

في المقابل تغذي الصراعات السياسية والاضطرابات الاجتماعية والصعوبات الاقتصادية المناخ "الخانق" في البلاد.

وكان تنفيذ الأطباء الشبان في ديسمبر الفائت، تظاهرات واحتجاجات إثر وفاة طبيب في مستشفى حكومي بمحافظة جندوبة، بعد أن سقط في مصعد معطل أثناء مباشرة مهامه، مؤشراً على تأزم وضع قطاع الصحة في تونس. 

وأكدت دراسة نُشرت في 2020 من قبل طالب دكتوراه في الطب أن هجرة الأدمغة تؤثر في جميع اختصاصات الأطباء والكوادر الصحية، ما يعزز أوجه القصور "لا سيما في المناطق الأقل نمواً".

رأسمال بشري

ويقول المدير العام للصحة التونسية فيصل بن صالح أن هذا "التدفق يقلقنا"، موضحاً أن كلفة تكوين طبيب في تونس تقدر بنحو 46 ألف يورو، وأضاف: "تُعتبر هجرة الأدمغة تصديراً للخدمات، ولكن يجب أن يكون هذا مراقباً"، داعياً إلى تنظيم هذه الهجرة باتفاقيات بين الدول.

وتعتبر الكاتبة العامة في نقابة الأطباء أحلام بالحاج أن الدول التي تشغل هذه الكفاءات تستفيد بدون مقابل من "رأسمال بشري بكفاءة عالية".