مع تقدم "طالبان".. المتعاونون الأفغان مع واشنطن يتخوفون من "موت وشيك"

time reading iconدقائق القراءة - 7
مقاتلون من حركة "طالبان" يحملون أسلحة، 24 فبراير 2016 - AFP
مقاتلون من حركة "طالبان" يحملون أسلحة، 24 فبراير 2016 - AFP
دبي-الشرق

مع اقتراب استكمال الانسحاب الأميركي من أفغانستان وتقدم حركة "طالبان" في البلاد، يتخوف المواطنون الأفغان الذين تعاونوا مع الولايات المتحدة خلال حرب الـ20 عاماً، من "موت وشيك"، في وقت تتصاعد الأصوات الأميركية الداعية إلى إجلاء هؤلاء كـ"ردّ جميل لمَن خاطروا بحياتهم وضحّوا يومياً" مع الجيش الأميركي "لتعزيز قوته العسكرية".

وفي مقابلة مع قناة "سي بي إس نيوز" الأميركية، قال المترجم الفوري شيرين آغا جعفري، وهو من بين 18 ألف أفغاني وعائلاتهم الذين عملوا مع القوات الأميركية في البلاد: "نحن الآن في المرحلة النهائية. سيذبحوننا على أي حال"، في إشارة إلى انتقام يتوقع أن ينفّذه عناصر "طالبان" ضد من يعتبرونهم "خونة"، بمجرد اكتمال مغادرة القوات الأميركية في سبتمبر المقبل.

واستذكر جعفري تهديداً سابقاً تعرض له مع والده، حين اقتحم مقاتلو "طالبان" منزلهما في إحدى الليالي. وقال: "رأينا أشخاصاً يتسلقون الجدران، أشخاصاً ذوي لحى طويلة وبنادق في أيديهم. دخلوا وصاروا يستجوبوننا. قالوا نحن نعرف من أنتم"، مضيفاً أنه لم يكن أمامه ووالده خيار سوى محاولة الفرار، فأطلق عليهما المسلحون النار وأردوا والده.

وتبيّن هذه الحادثة جانباً من الخطر المحدق بالمترجمين وغيرهم من المتعاونين الأفغان مع القوات الأميركية بعد انسحابها الكامل المرتقب، وهو خطر موت دفع إلى رفع الصوت في الداخل الأميركي للمطالبة بتسريع إجراءات إجلاء هؤلاء.

"خاطروا بحياتهم"

في مقال نشرته صحيفة "ذي هيل"، دعا المحارب المخضرم في مشاة البحرية الأميركية مايكل وندت، الذي شارك في حربَي أفغانستان والعراق، إلى توفير مكان آمن للأفغان الملاحَقين من "وطنهم المعادي"، وبشكل عاجل، معتبراً أن "هذا أقل ما يمكن أن نقدمه لهم بعد كل ما قدموه من أجلنا".
 
وقال وندت إن القوات الأميركية التي كانت "محاصرة في مستنقع الحرب الأفغانية على مدى 20 عاماً"، كانت تعتمد على مئات المواطنين الأفغان كمترجمين، "لتعزيز قوتها العسكرية"، و"كان هؤلاء الرجال يعملون لحساب الولايات المتحدة، مدركين جيداً أنهم بذلك وقّعوا على أوامر موتهم".

وأوضح وندت أنه "كان هناك مترجم أفغاني يعمل في كل فصيلة" عسكرية، لافتاً إلى أن "هؤلاء الرجال لم يعملوا معنا فحسب، بل عاشوا معنا، وجالوا البلاد طولاً وعرضاً برفقتنا، وعندما تعرضنا للقصف، وقفوا إلى جانبنا لتقديم معلومات قيّمة عن المنطقة المحلية. شاركونا مركباتنا، وشاطرونا مخاطر القنابل المزروعة على جانبَي الطريق التي كنا نواجهها كل يوم. وعندما كنا نتعرض لانفجار إحدى هذه القنابل كانوا يعانون مثلنا من الإصابات أو الموت، ولم يفارقونا حتى في الخنادق". 

إجلاء من "وطن معادٍ"

واعتبر المحارب الحاصل على وسام "القلب الأرجواني"، أنه "يتعين علينا أن نفعل ما بوسعنا لنقل هؤلاء المترجمين خارج البلاد بأسرع وقت ممكن"، من خلال تسريع إجراءات "تأشيرة الهجرة الخاصة" التي دشنتها الولايات المتحدة عام 2014.

وأوضح أن هذه الإجراءات تستغرق عامين كمعدل، كونها تتضمن العديد من عمليات التدقيق المتعلقة بالمعلومات الأساسية، والمقابلات، وغير ذلك من الشروط المسبقة الصارمة التي يجب أن يستوفيها المترجمون حتى قبل بدء الإجراءات.

وقال: "يجب أن تكون أولويتنا الأولى هي تجاوز هذا الروتين المعقد بأسرع وقت ممكن، وشدد على أن هؤلاء المترجمين لم "يؤدوا وظيفة" للولايات المتحدة، بل "لازمونا في كل عمل قمنا به، وكانوا مستعدين للتضحية بحياتهم معنا. لذا يصبح نقل 18 ألف متقدم للحصول على تأشيرة هجرة خاصة عن وطنهم المعادي لهم، إلى مكان آمن، أثناء فترة انتظار إنهاء معاملاتهم، من باب الواجب".

وجزم بأنه "لا يمكننا أن نترك حلفاءنا في أفغانستان في وقت تستعيد حركة طالبان سيطرتها على البلاد. ولا يمكن وصف مساعدة هؤلاء على الوصول إلى الولايات المتحدة، حيث ينعمون بالأمان، بأنها عمل محافظ أو تقدمي، بل ببساطة الشيء الصحيح الذي يجب القيام به". 

مخاوف من سيطرة "طالبان"

وتتزايد المخاوف على حياة هؤلاء المترجمين مع تقدم حركة "طالبان" في أفغانستان وسيطرتها على أكثر من نصف المقاطعات الـ 400 في البلاد، آخرها 6 أقاليم في ولاية بادخشان (شمال شرق) على بُعد 910 كيلومترات من الحدود المشتركة مع طاجيكستان، إثر معارك ليل الأحد الاثنين، ما دفع إلى فرار 1,037 جندياً أفغانياً إلى البلد المجاور. وزاد من زخم تحركات "طالبان" تسليمُ الولايات المتحدة قاعدتها الجوية "باغرام" إلى الجيش الأفغاني، بحسب تقارير محلية.

وتُضاعف "طالبان" هجماتها منذ بدء الانسحاب الأميركي في مطلع مايو الماضي، والذي من المقرر اكتماله بحلول 11 سبتمبر المقبل، الموعد النهائي الذي أعلنه الرئيس الأميركي جو بايدن لإنهاء أطول حرب أميركية، فيما ستبقي كتيبة تضم نحو 650 جندياً لحماية الدبلوماسيين في أفغانستان، علماً أن السفارة الأميركية في كابول ستظل مفتوحة.

وعلى الرغم من مناشدات بعض أعضاء الكونغرس وتقارير المخابرات الأميركية التي قدّرت أن الحكومة الأفغانية قد تسقط خلال 6 إلى 12 شهراً من الانسحاب، لم يعطِ بايدن أي مؤشر لتمديد فترة سحب القوات. واكتفى البنتاغون بإعلان احتمال "إبطاء" عمليات الانسحاب على ضوء النكسات المتتالية للجيش الأفغاني.

كذلك، استبعد قائد القوات الأميركية وقوات حلف شمال الأطلسي في أفغانستان، الجنرال سكوت ميلر، حدوث أي تغيير في الجدول الزمني للخطة، لكنه شدد على أن لديه "القدرة والسلطة الكاملة" لتقديم الدعم المسلح للقوات الأفغانية، بما في ذلك الضربات الجوية، التي يؤكد القادة العسكريون الأفغان أنها "أمر حاسم لصد هجمات طالبان".

تأشيرة الهجرة

ويثير الانسحاب الأميركي من أفغانستان تهديدات محتملة تواجه كثيرين من المترجمين والسائقين الأفغان وموظفين في السفارة، وأسرهم، الذين ساعدوا الأميركيين خلال 20 عاماً من الحرب. ويعدّ توفير الأمان لهؤلاء قضية شاغلة لأصحابها، ولإدارة بايدن، الذي وعد بمساعدة "مَن خاطروا بحياتهم لمساعدة الولايات المتحدة". 

والأحد، طالبت إدارة بايدن 3 دول في آسيا الوسطى باستضافة 9 آلاف أفغاني ساعدوا الجيش الأميركي، هي كازاخستان وطاجيكستان وأوزبكستان، بحسب وكالة "بلومبرغ".

وأشارت الوكالة إلى أن هذا الاتفاق سيكون جزءاً من صفقة أوسع لإقامة مزيد من التعاون مع تلك البلدان، موضحة أن الولايات المتحدة اقترحت اتفاقاً يمكّنها من إجراء عمليات استخباراتية ومراقبة واستطلاع من أراضي أوزبكستان وطاجيكستان.

اقرأ أيضاً: