إسرائيل.. عاصفة استقالات تهز "الموساد"

time reading iconدقائق القراءة - 6
رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو متوسّطاً الرئيس السابق للموساد يوسي كوهين (يمين) وخلفه ديفيد برنياع -  - Twitter/@guyelster
رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو متوسّطاً الرئيس السابق للموساد يوسي كوهين (يمين) وخلفه ديفيد برنياع - - Twitter/@guyelster
دبي- الشرق

تتفاعل في إسرائيل مسألة استقالة ثلاثة مسؤولين بارزين في جهاز الاستخبارات (موساد)، احتجاجاً على قرارات بإعادة هيكلة الجهاز، اتخذها رئيسه الجديد ديفيد برنياع، في ظلّ سجال بشأن عمل الموساد واحتمال تسييسه.

ونقلت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" عن القناة الثالثة عشرة في التلفزيون الإسرائيلي، أن الاستقالات حصلت في الأسابيع القليلة الماضية، مضيفة أن المسؤولين المعنيين يحملون رتبة تعادل جنرال في الجيش.

وأشارت إلى أن بين المستقيلين، رئيس قسم التكنولوجيا ورئيس فرع العمليات ورئيس الفرع المعني بمكافحة الإرهاب، علماً أن مسؤولاً بارزاً رابعاً يفكّر أيضاً في الاستقالة. وأضافت أن استقالة هؤلاء مرتبطة بقرارات تنظيمية اتخذها برنياع، لتوزيع المسؤوليات في الجهاز وتقسيم فروع قائمة.

"تغييرات جوهرية عميقة"

صحيفة "الشرق الأوسط" الصادرة في لندن، أوردت أن مسؤولين سابقين في الجهاز يحذرون من تأثير هذه التغييرات في عمليات الموساد، إذ إنه الآن "في أوج عملياته النوعية لخدمة الهدف الاستراتيجي في مكافحة إيران وأذرعها" في المنطقة.

وتحدثت عن "هزة" في الجهاز، قد يكون لها تأثير "مدمّر، ويقوّض عمليات استراتيجية مقررة فيه"، علماً أن برنياع "قرّر إجراء تغييرات جوهرية عميقة في الموساد"، فألغى "دوائر وأقساماً اعتبرها قديمة وليست ذات جدوى، ودمج" أخرى، كما "وسّع دوائر أخرى تختص بالتكنولوجيا وحرب السايبر والعمليات القتالية خارج الحدود".

وتابعت أن هذه التغييرات ستؤدي إلى خسارة عدد كبير من الضباط البارزين وظائفهم، وسيُضطرون لترك الجهاز، كما أن جنرالات سيخسرون صلاحياتهم.

برنياع وإيران

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، بنيامين نتنياهو، أعلن في مايو الماضي، تعيين برنياع رئيساً للموساد، خلفاً ليوسي كوهين، علماً أنه اختير في ديسمبر 2020. وبدأ يمارس مهماته في مطلع يونيو.

وخلال عهد كوهين، نجح الجهاز في الاستيلاء على أرشيف ضخم من الوثائق النووية الإيرانية، في عام 2018، اعتبر نتنياهو أنها أثبتت أن القادة الإيرانيين تستروا على برنامج لإنتاج أسلحة ذرية، قبل توقيع الاتفاق النووي الإيراني، في عام 2015. ونُسبت إلى إسرائيل أيضاً عمليات أخرى استهدفت منشآت نووية في إيران، وعلماء نوويين.

خلال احتفال بتولّيه منصبه، حذر برنياع من أن إيران تعمل لتحقيق "حلمها" بامتلاك قنبلة ذرية "تحت غطاء حماية دولية". وأضاف: "تحدياتنا الأمنية ضخمة جداً، وعلى رأسها إيران".

ولمّح برنياع إلى عمليات مستقبلية إسرائيلية محتملة، بقوله: "البرنامج (النووي) الإيراني سيستمر في مواجهة القوة الكاملة للذراع الطويلة للموساد. نحن على دراية كبيرة بالمكوّنات المختلفة للبرنامج النووي.. وبالمسؤولين المشاركين فيه وأولئك الذين يوجّهونهم".

رجل الظلّ

برنياع خدم في وحدة النخبة بالجيش الإسرائيلي "سايريت ماتكال"، وعمِل في الموساد منذ ربع قرن، وعُيّن نائباً لكوهين في عام 2019.

ونقل موقع "سباي توك" عن يوسي ميلمان، وهو مراسل لشؤون الاستخبارات في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، قوله إن برنياع بدأ بتشكيل وحدات جديدة تركّز على الإنترنت والتكنولوجيا الفائقة، مقارناً إياه بمديري وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) وأجهزة استخبارات أخرى في العالم.

وأشار الموقع إلى اختلاف في شخصيتَي برنياع وكوهين، إذ إن الثاني كان يُطلِع مراسلين على مسائل استخباراتية ويلقي خطابات عامة، ولا يمانع في التقاط صور له أثناء لقائه قادة أجانب، ما دفع وسائل إعلام إسرائيلية إلى مقارنته بجيمس بوند. في المقابل، يفضّل برنياع (56 سنة) البقاء في الظلّ، ورفض كل الطلبات لإجراء مقابلات مع وسائل إعلام، منذ تولّيه قيادة الموساد.

"الصمت من ذهب"

وذكر ميلمان أن برنياع حذر مسؤولين سابقين بارزين في الموساد من أنه سيعاقب أي شخص يتحدث إلى وسائل الإعلام، سواء بشكل رسمي أو غير رسمي، عن عمليات التجسس الإسرائيلية، الحالية أو السابقة، من دون إذن منه. وأضاف أنه "يخطّط لإعادة الموساد إلى الأيام الخوالي، عندما كان الصمت من ذهب".

يأتي ذلك بعدما لمّح كوهين، إثر انتهاء ولايته رئيساً للموساد، إلى أن إسرائيل نفذت أخيراً هجمات استهدفت البرنامج النووي الإيراني، إضافة إلى اغتيال أبرز علمائها النوويين، محسن فخري زاده، في نوفمبر 2020.

لكن برنياع، وهو مصرفي سابق ترأس قسم عمليات الموساد في العالم، في عام 2019، ساعد "سي آي إيه" في عملية قتل قائد "فيلق القدس" التابع لـ"الحرس الثوري" الإيراني، الجنرال قاسم سليماني، في بغداد مطلع عام 2020، كما وجّه هجوماً إلكترونياً متطوّراً استهدف منشأة نطنز الإيرانية لتخصيب اليورانيوم، في أبريل الماضي، بحسب "سباي توك". كذلك يُنسب إليه الإشراف على اغتيال محسن فخري زاده، في عملية اعتمدت على الذكاء الاصطناعي، كما أوردت صحيفة "نيويورك تايمز".

طيّ صفحة كوهين

في السياق ذاته، ذكر ميلمان أن مسيرة برنياع "تشمل تحديد وتجنيد عملاء مرتبطين بأولويات الموساد: إيران وحزب الله".

واستدرك أن التحدي الأكثر أهمية الذي يواجهه الرئيس الثالث عشر للموساد، لا يتمثل في جمع معلومات استخباراتية عن "حزب الله" أو التخطيط لعملية خاصة لإحباط البرنامج النووي الإيراني، بل "من داخل منزله"، إذ عليه إعادة الجهاز إلى "ما كان عليه قبل ولاية سلفه المباشر، يوسي كوهين".

وأضاف: "الفكرة لا تتمثل في محو إنجازات الجهاز في ظلّ ولاية كوهين، البالغة 5 سنوات ونصف السنة. ولكن على برنياع أن يرسّخ في الجهاز مجدداً، قيم التواضع والسرية، وتجاهل الاعتبارات السياسية وتجنّب الاحتكاك مع رجال أعمال وساسة. يجب أن يعود الموساد منظمة تضمّ آلاف الموظفين، بدلاً من أن يبدو كأنه يُختزَل برجل واحد".

اقرأ أيضاً: