
يعاني مجمع الموانئ بولاية كاليفورنيا، الأكثر ازدحاماً في الولايات المتحدة، من تأخيرات متزايدة في شحن البضائع، وتراكم الشحنات على الأرصفة، وعلى الرغم من ذلك فإنه يغلق أبوابه لعدة ساعات في معظم أيام الأسبوع، وعطلات نهاية الأسبوع، بسبب نقص العمالة، وذلك في الوقت الذي تعمل فيه الموانئ الرئيسية في آسيا وأوروبا على مدار الساعة، بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.
ونقلت الصحيفة، في تقرير نشرته، الأحد، عن رئيس منطقة أميركا الشمالية لشركة الشحن الألمانية (Hapag-Lloyd AG)، أوفي أوسترجارد قوله إنه "وفقاً لجداول العمل الحالية فإن هناك ميناءين كبيرين يعملان بنسبة من 60 إلى 70% من طاقتهما، وهو ما يعد عيباً تشغيلياً كبيراً".
وأشارت الصحيفة إلى أن سلاسل التوريد الأميركية فشلت، حتى الآن، في التكيف مع الزيادة الكبيرة في حجم البضائع الواردة، مع تسارع الشركات لإعادة تخزين البضائع المستنفدة خلال وباء كورونا.
وقالت إن هناك عشرات الآلاف من الحاويات العالقة في موانئ لوس أنجلوس ولونج بيتش بكاليفورنيا، وهما بوابتا الساحل الغربي، اللتان تنقلان أكثر من ربع إجمالي الواردات الأميركية، إذ تصطف أكثر من 60 سفينة خارج الميناء، في ظل امتداد فترات الانتظار إلى ثلاثة أسابيع.
تبادل الاتهامات
ووفقاً للصحيفة، فإن العاملين في كل سلاسل التوريد في الولايات المتحدة، بمن في ذلك العاملون في خطوط الشحن والموانئ وسائقو الشاحنات ومشغلو المستودعات والسكك الحديدية وتجار التجزئة، يلقون باللوم على غيرهم في الأزمة الحالية، كما أنهم لا يتفقون حول ما إذا كان العمل على مدار الساعة سيساعدهم على تخفيف ازدحام الميناء، وذلك لأن كافة هذه الوظائف تعاني من نقص في العمالة.
وتابعت: "على الرغم من أنه غالباً ما لا يحضر سائقو الشاحنات في المواعيد المذكورة في الجداول لنقل البضائع، لتوفير مساحة لحمولات تالية، فإنهم يلقون باللوم على الازدحام في الموانئ، قائلين إن التأخير في موعد واحد يمكن أن يتسبب في تفويتهم للموعد التالي".
من جانبه، قال الاتحاد الدولي لتفريغ السفن والمستودعات، الذي يمثل عمال أرصفة الميناء، إن "أعضاءه مستعدين للعمل في نوبة عمل ثالثة، أو في عطلات نهاية الأسبوع، ولكن يجب أولاً تفريغ الحاويات المتراكمة من الميناء، حتى يكون هناك مساحة لتفريغ المزيد من السفن".
ولفتت الصحيفة إلى أن لوائح السلامة الفيدرالية تقيد معظم سائقي الشاحنات التجارية بالعمل لمدة 11 ساعة فقط في يوم العمل، ولكن غالباً ما يفضل سائقو شاحنات الموانئ البدء في العمل في الصباح الباكر، حتى يتمكنوا من زيادة عدد الأحمال التي ينقلونها يومياً، كما يقول توم بويل، الرئيس التنفيذي لشركة "كويك بيك إكسبريس"، التي تقدم خدمات النقل والتخزين في كارسون بولاية كاليفورنيا.
وأوضحت أن المناوبات الليلية تعد أقل شيوعاً بين سائقي الشاحنات، إذ لا يكون دائماً أمام السائقين الذين ينقلون البضائع في وقت متأخر من الليل أماكن متاحة لوضعها فيها، كما يتسبب النقص في العمالة أيضاً في حدوث تأخير كبير في تحميل قطارات الشحن، والتي تنقل ما يصل إلى 30% من جميع الحاويات إلى مراكز التوزيع الكبيرة مثل شيكاجو.
وقالت "وول ستريت جورنال" إنه في ظل مثل هذه التأخيرات الطويلة في نقل البضائع للمستودعات، فإن بعض أصحاب البضائع قد قرروا عدم استلام الصناديق الخاصة بهم، وباتوا يستخدمون الحاويات كوحدات تخزين متنقلة، وذلك لأن تركها في الميناء أرخص من استئجار مساحة في المستودعات.
ندرة البضائع
وعن أزمة سلاسل التوريد في الولايات المتحدة، قالت الكاتبة الأميركية إيمي ديفيدسون سوركين، إن الأميركيين لا يواجهون مشكلة الأرفف الفارغة في المحال على الطراز السوفييتي، كما أنهم لا يضطرون إلى التخلي عن السلع الأساسية، ولكن من الممكن وصف الوضع الحالي بأنه "حالة نُدرة في توفر البضائع".
وأضافت الكاتبة في مقال كتبته في العدد الأخير بمجلة "ذا نيويوركر" الأميركية، أن مشكلة سلاسل التوريد الحالية تكشف أن "هناك شيئاً ما قد توقف عن العمل في الطريقة التي لطالما اعتاد الأميركيون أن يعملوا بها في العالم"، وهو ما اعتبرته يمثل "عائقاً خطيراً" أمام التعافي الأوسع للاقتصاد.
وتابعت: "غالباً ما يكون جوهر مشكلة سلاسل التوريد هي أزمة العمالة، إذ إنه في الأسبوع الماضي، كانت موانئ لوس أنجلوس ولونج بيتش تقترب من أزمة كبيرة، بسبب توقف أكثر من 70 سفينة حاويات عن العمل خارج أرصفة الميناء، ما جعل المكان يبدو كأنه ساحة انتظار بحرية، كما لم يكن هناك عدد كافٍ من عمال الأرصفة لتفريغ حمولات هذه السفن، أو ما يكفي من سائقي الشاحنات لنقلها خارج الموانئ".
اقرأ أيضاً: