توجه ناخبون في قبرص إلى صناديق الاقتراع، الأحد، للإدلاء بأصواتهم في جولة إعادة للانتخابات الرئاسية، التي يتنافس فيها دبلوماسيان مخضرمان في سباق محتدم أدى لانقسامات في صفوف اليمين السياسي في البلد العضو في الاتحاد الأوروبي.
ويواجه وزير الخارجية السابق نيكوس خريستودوليدس (49 عاماً) الدبلوماسي أندرياس مافرويانيس (66 عاماً)، بعد جولة أولى جرت نهاية الأسبوع الماضي.
ومن بين 561.273 شخصاً يملكون حق التصويت، هناك 730 من القبارصة الأتراك المسجلين في الجزء الجنوبي من الجزيرة، كذلك، هناك 10.346 قبرصياً في الخارج سجّلوا أسماءهم للتصويت.
وفتحت مراكز الاقتراع أبوابها في الساعة 05:00 بتوقيت جرينيتش ومن المقرر أن تغلق عند 16:00 بتوقيت جرينيتش. ومن المتوقع أن تعلن السلطات الفائز بحلول الساعة 18:00 بتوقيت جرينيتش.
ويحتاج الفائز إلى 50% زائد صوت واحد، ليخلف الرئيس نيكوس أناستاسيادس، الذي حكم لولايتين بصفته ثامن رئيس للجمهورية، إذ يحاول كلاهما إثبات جدارته بشكل مستقل عن الطرف الذي يدعمه.
وفي الدورة الأولى، حصل خريستودوليدس على 32.04% من الأصوات في الجولة الأولى، فيما حصد مافرويانيس 29.59% من الأصوات.
وتغلّب خريستودوليدس بشكل غير متوقّع على زعيم "حزب التجمّع الديموقراطي" (ديسي)، البالغ 61 عاماً أفيروف نيوفيتو، الذي حلّ ثالثاً بحصوله على 26.11% من الأصوات، على الرغم متن دعم أناستاسيادس.
كذلك، فاجأ مافرويانيس، المدعوم من "الحزب الشيوعي" (أكيل)، المراقبين بفوزه على نيوفيتو، وألغى الفرق الذي يفصله عن خريستودوليدس المدعوم من الأحزاب الوسطية.
ومع خروج حزب "ديسي" المحافظ الحاكم من السباق الرئاسي للمرة الأولى في تاريخه، أدى قرار أناستاسيادس عدم دعم أي من المرشحين إلى فتح الجولة الثانية على مصراعيها.
منافسة محتدمة
وقال أندرياس ثيوفانوس من "المركز القبرصي للشؤون الأوروبية والدولية": "يتوجّه بعض الناس إلى صناديق الاقتراع للتصويت لشخص هو الأقل سوءاً بين المرشحين، وهي سمة في معظم الانتخابات لكنها أكثر بروزاً في هذه الانتخابات".
وأضاف أن خريستودوليدس "يتفوّق بفارق طفيف، وقد يحصل على الجزء الأكبر من أصوات مؤيدي ديسي الممتعضين"، موضحاً أنه "مع الانقسام في ديسي، وفي المجتمع عموماً، ما زال (خريستودوليدس) متقدماً، لكن النتيجة ستكون متقاربة أكثر مما كان متوقعاً".
ولا يؤيد "ديسي" أياً من المرشحَين، وهو أعلن أنه بات في صفّ المعارضة. وشعر نيوفيتو بـ"الخيانة" من جانب خريستودوليدس، العضو البارز في "ديسي" الذي خرج عن إرادة القيادة ليعلن ترشّحه بدلاً من التزام خط الحزب.
من جهتها، قالت المحللة فيونا مولين، من شركة "سابيينتا إيكونوميكس" للاستشارات في نيقوسيا، إن المنافسة قد تكون "محتدمة جداً".
وأضافت: "قيادة ديسي لا تدعم أي مرشّح رسمياً، لكنها تدعم مافرويانيس بشكل غير رسمي. لذلك سيتلخّص الأمر في القدرة على تغيير رأي القاعدة الحزبية التي ستكون أقرب إلى خريستودوليدس منها إلى مافرويانيس".
وأبدت مولين اعتقادها بأن على مافرويانيس إقناع الناخبين بأن داعمه "أكيل" لن يقود السياسة الاقتصادية إذا فاز في الانتخابات، إذ يحمل الشيوعيين مسؤولية الأزمة المالية التي ضربت البلاد في العام 2012 وقادت الجزيرة إلى السعي لخطّة إنقاذ من المانحين الدوليّين في عام 2013.
واتّخذ مافرويانيس خطوة غير مألوفة باختياره المحامي خرلمبوس برونتزوس، الخبير في قانون الشركات وقطاع الطاقة، وزيراً مقبلاً للمال حال فاز في الانتخابات الرئاسية.
وقالت مولين في هذا الصدد: "هذا يفسر اختياره لوزير المال. بصفته عضواً في شركة تدقيق تعتبر من الأربع الكبرى ومحامياً، فإن برونتزوس أقرب إلى خلفية ديسي منه إلى أكيل".
ضغوط اقتصادية
ويعتبر استئصال جذور الفساد وتحسين الاقتصاد من القضايا الرئيسة بالنسبة إلى الناخبين، إذ ستواجه الحكومة الجديدة ضغوطاً لمعالجة أزمة ارتفاع أسعار الطاقة والنزاعات العمالية والاقتصاد المتعثر وسط ركود عالمي.
وسيتوجّب على الرئيس المقبل استئناف محادثات السلام المتوقّفة حالياً في الجزيرة المقسّمة منذ غزو تركيا في عام 1974 لثلثها الشماليّ، ردّاً على انقلاب نفّذه قبارصة يونانيّون قوميّون أرادوا إلحاق البلاد باليونان.
وتمارس الحكومة القبرصيّة اليونانيّة سلطتها على الجزء الجنوبي فقط من الجزيرة التي تفصل منطقة منزوعة السلاح بإشراف الأمم المتحدة تسمّى "الخط الأخضر"، بينها وبين جمهوريّة شمال قبرص التركيّة، المعلنة أحادياً ولا تعترف بها سوى تركيا.