قادة البنتاجون يناقضون تصريحات بايدن بشأن أفغانستان

time reading iconدقائق القراءة - 7
رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال مارك ميلي (إلى اليسار)، ووزير الدفاع الأميركي لويد أوستن (وسط)، وقائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال كينث ماكينزي، خلال جلسة استماع في مجلس الشيوخ - 28 سبتمبر 2021 - AFP
رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال مارك ميلي (إلى اليسار)، ووزير الدفاع الأميركي لويد أوستن (وسط)، وقائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال كينث ماكينزي، خلال جلسة استماع في مجلس الشيوخ - 28 سبتمبر 2021 - AFP
دبي-الشرق

أدلى قادة البنتاجون، الثلاثاء، بتصريحات مناقضة لتصريحات الرئيس الأميركي جو بايدن،  خلال إدلائهم بشهادتهم أمام أعضاء لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، بشأن الانسحاب من أفغانستان.

وظهر التناقض في تصريحاتهم مرتين على الأقل، الأولى عندما قال قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال كينث ماكينزي إن "الحرب على الإرهاب لم تنته، وكذلك الحرب في أفغانستان".

ويناقض هذا التصريح إعلان الرئيس جو بايدن أكثر من مرة أن بلاده طوت صفحة الحرب في أفغانستان، وأن عصر التدخل الأميركي لتشكيل دول أخرى انتهى.

أما المرة الثانية، فكانت عند تصريحات ماكينزي ورئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال مارك ميلي، بأنهما أبلغا بايدن في وقت مبكر من العام الحالي، بضرورة أن تحتفظ الولايات المتحدة بـ2500 جندي في أفغانستان، كما أبلغاه بأنهما يعتقدان أن سحب هؤلاء الجنود سيقود إلى انهيار الجيش الأفغاني.

وكان الرئيس بايدن نفى الشهر الماضي، أن يكون كبار مستشاريه العسكريين يريدون إبقاء القوات الأميركية في أفغانستان، مؤكداً خلال مقابلة مع شبكة "إيه بي سي نيوز" الأميركية: "ما أستطيع تذكره، هو أن أحداً لم يخبرني بذلك". 

"أراء شخصية"

وعلى الرغم من تحفظ ماكينزي وميلي على الخوض في تفاصيل محادثات محددة مع بايدن، إلا أنهما قالا لأعضاء مجلس الشيوخ إن "رأيهما الشخصي"، تمثَّل في "ضرورة الإبقاء على 2500 جندي أميركي في أفغانستان".

وأوضح ميلي أن تحليله في خريف 2020 كان أن "انسحاباً أميركياً سريعاً دون تلبية طالبان لشروط محددة، قد يؤدي إلى انهيار الحكومة الأفغانية، والإضرار بمصداقية الولايات المتحدة"، قائلاً إنه ظل مقتنعاً مع مرور الوقت بهذا التقييم.

وأضاف ميلي خلال الإدلاء بشهادته: "أنا مطالب بتقديم أفضل الاستشارات العسكرية، وكذلك الحال بالنسبة لبقية القادة العسكريين، لكن صانعي القرار ليسوا مطالبين باتباع هذه الاستشارات".

وردت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي، الثلاثاء، على هذه التصريحات، وقالت في إيجاز صحافي بالبيت الأبيض، إن "الرئيس بايدن لم يعتقد أن إبقاء مجموعة من الجنود الأميركيين في أفغانستان، سيكون في مصلحة شعبنا".

وأضافت أن "الإبقاء على 2500 جندي أميركي في أفغانستان، كان سيتسبب في خوض حرب مع طالبان"، مشيرة إلى أن بايدن "تلقى آراءً مختلفة حول مسألة الانسحاب الكامل".

نصائح الجيش

وحول هذه التناقضات، قال المسؤول السابق في البنتاجون، الأستاذ في جامعة الدفاع الوطني ديفيد دي روش لـ"الشرق": إن الرئيس الأميركي ليس مجبراً على الاستماع إلى نصائح الجيش".

وأشار إلى أن النظام الأميركي في هذا الصدد يختلف عن الدول الأخرى، قائلاً إن "الرئيس هو المسؤول عن القرارات العسكرية، ويمكن أن يتبع رأيه ويتغاضى عن كل النصائح. قد يدفع ثمناً سياسياً إذا أخطأ في تقديره، ولكن هذا هو نظامنا، وسوف يحاسب على قراره".

ولفت إلى أن النقاش الآن في الولايات المتحدة، هو "ما إذا كان الانسحاب خطأ أم لا، نظراً لأنه لم تكن لدينا معركة في أفغانستان منذ أكثر 18 شهراً، وكان لدينا 2500 حندي فقط"، مشيراً إلى أن "الحجة ضد إدارة جو بايدن، هي أنها تسرعت في الانسحاب من دون اتباع نصيحة الجيش".

وأوضح أن جانباً من هذا التناقض "يرجع إلى الاختلاف الكبير حول أسباب انهيار الحكومة والقوات الأفغانية، فالديمقراطيون يرون أن السبب هو اتفاق الدوحة بين إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب وطالبان، فيما يرى الجمهوريون أن السبب يكمن في الانسحاب المتعجل لإدارة بايدن". 

"انسحاب غير مثالي"

وحول الانسحاب الفوضوي من أفغانستان، قال وزير الدفاع لويد أوستن إن "قادة الجيش بدأوا منذ الربيع في التخطيط لإجلاء غير عسكري من كابول، ولهذا كانت القوات الأميركية قادرة على الشروع في العملية بمجرد سيطرة طالبان على المدينة"، مضيفاً: "هل كانت (العملية) مثالية؟، بالطبع لا".

وحول التخلي عن قاعدة باجرام الجوية، أخبر أوستن أعضاء مجلس الشيوخ أن الاحتفاظ بالقاعدة، التي كانت مركزاً للعمليات الأميركية في أفغانستان طيلة عقدين، كان سيتطلب 5 آلاف جندي إضافي، كما أن جدواه محدودة بالنسبة لجهود الإجلاء.

وأضاف: "البقاء في باجرام، حتى لو كان ذلك بهدف محاربة الإرهاب، يعني البقاء في حالة حرب في أفغانستان، وهذا أمر أوضح الرئيس أنه لن يفعله".

وأشار أوستن إلى أن "الانهيار السريع لقوات الأمن الأفغانية، فاجأ وزارة الدفاع، على الرغم من سنوات التمويل والتدريب التي بذلتها الولايات المتحدة في جهود مقاومة طالبان".

وأوضح: "لقد فوجئنا جميعاً بحقيقة أن الجيش الأفغاني الذي دربناه نحن وشركاؤنا قد تلاشى ببساطة، وبدون إطلاق رصاصة واحدة في كثير من الحالات.. إن الادعاء بغير ذلك سيكون أمر غير نزيه".

ولفت أوستن إلى أن "فشل الولايات المتحدة في الاعتراف بفشل الجيش الأفغاني، كان مشكلة كبيرة"، لكنه ألقى باللوم على اتفاق ترمب مع طالبان لسحب القوات الأميركية، مقابل التزام الحركة بعدم "إيواء الإرهابيين".

وتجري  لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ الأميركي تدقيقاً شديداً مع قادة الكونجرس، بسبب الأحداث التي أعقبت خروج الولايات المتحدة من أفغانستان، بما في ذلك استيلاء طالبان على كابول، والتفجير الانتحاري الذي أودى بحياة 13 جندياً أميركياً، وعشرات الأفغان في أغسطس الماضي، وضربة أميركية انتقامية بطائرة مُسيرة قتلت 10 مدنيين أفغان.