لماذا تهتم الجزائر بالانضمام لمجموعة بريكس؟

time reading iconدقائق القراءة - 7
عنصر من اللجنة المنظمة لقمة بريكس يزيح أعلام دول المجموعة عقب انتهاء الاجتماع في العاصمة الصينية بكين- 11 يوليو 2011 - AFP
عنصر من اللجنة المنظمة لقمة بريكس يزيح أعلام دول المجموعة عقب انتهاء الاجتماع في العاصمة الصينية بكين- 11 يوليو 2011 - AFP
الجزائر-أمين حمداوي

أبدت الجزائر اهتمامها بالانضمام لمجموعة "البريكس"، التي تقودها روسيا والصين، وسط تساؤلات عن الدوافع وراء هذا الاهتمام، وتداعيات ذلك على علاقاتها مع الغرب.

وتمثل "بريكس" وهي مجموعة مؤثرة من الاقتصادات الناشئة (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا) أكثر من 40% من سكان العالم، وقرابة ربع الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون وصف المجموعة في تصريحات إعلامية بـ"القوة الاقتصادية والسياسية"، وأكد أن "الجزائر تتوفر بنسبة كبيرة على الشروط التي تمكنها من الالتحاق بالمجموعة".

لكنه نبه في السياق ذاته إلى "عدم استباق الأحداث"، وقال إنه ستكون هناك أخبار سارة بهذا الخصوص.

وفتح  توجه الجزائر للانضمام الى مجموعة "بريكس" باب التساؤلات بشأن خلفياته؟ و ما إذا كانت الجزائر تعيد تشكيل علاقاتها  الاقتصادية القائمة؟

مصالح مشتركة 

عبد العزيز مجاهد، مدير معهد الدراسات الاستراتيجية الشاملة بالجزائر (حكومي)، اعتبر أن رغبة بلاده في الانضمام إلى المجموعة تدخل ضمن "إطار مساعيها لتنويع شراكاتها مع المجموعات الدولية التي تتوافق مصالحها مع مصالح الجزائر واهتماماتها، بإحلال نظام عالمي متعدد مبني على المساواة وتكافؤ الفرص ويضمن المصالح الاقتصادية المشتركة لكل الدول". 

وقال مجاهد لـ"الشرق"، إن الجزائر في وضع يسمح لها بالانضمام للمجوعة، خصوصاً أن علاقات الجزائر بالدول الأعضاء عريقة ومتينة".

وأوضح الخبير أن انضمام الجزائر لمجموعة الأسواق الناشئة سيدفع بعلاقاتها الاقتصادية مع هذه البلدان نحو مزيد من التعاون لتحقيق مكاسب مشتركة.

أبعاد اقتصادية 

في المقابل، يرى الخبير الاقتصادي مراد ملاح أن هذه الخطوة تأتي في إطار مراجعة الجزائر لعلاقاتها الدولية والاقتصادية، ضمن تحرك اقتصادي يتزامن مع انتعاش مالي متوقع على خلفية ارتفاع أسعار النفط والغاز.

وتوقع قانون المالية التكميلي الجزائري لسنة 2022 الصادر في أغسطس الجاري، ارتفاع الإرادات بنسبة 26% إلى 7000.84 مليار دينار (48.63 مليار دولار) من 5683.22 مليار دينار (39.48 مليار دولار) في قانون المالية الأولي.

وقال ملاح لـ"الشرق"، إنه يمكن للجزائر عبر هذا التكتل الاقتصادي الجديد "الاستفادة من مشاريع مشتركة و من قواعد صناعية قوية بهذه البلدان ومن وفرة كبيرة للمنتجات الغذائية وهو التحدي العالمي القادم".

وتوقع مراد ملاح أن يعزز انضمام الجزائر للبريكس التبادل التجاري السريع عبر معاملة تفضيلية بين أعضاء المجموعة، مشيراً إلى أن هذا التحالف قد يسمح بتوفير مصادر إضافية للسيولة المالية من خلال بنك التنمية الذي استحدثته دول مجموعة بريكس.

وتابع ملاح قائلاً: "الجزائر تقدم نفسها كبلد يمكنه لعب دور قاعدة صناعية ولوجستية إضافية لدول كبرى، كالصين والهند والبرازيل وباب لإفريقيا، من خلال الاستغلال الأمثل للموقع الاستراتيجي لبلد هو مفترق الطرق بين القارات ومدخل آمن إلى عديد الدول الإفريقية، حيث تتميز الجزائر باستقرار سياسي وأمني يرفع من جاذبية البلد في مناخ المال والأعمال".

حسابات سياسية  

وتطغى الحسابات الساسية على مسعى الجزائر بالانضمام الى مجموعة بريكس وتداعياته على مستقبل علاقاتها القائمة مع  الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة، التي تنظر لمجموعة بريكس كمنافس سياسي واقتصادي لها وفق قراءات محللين سياسين.

كما أثيرت التساؤلات عما إذا كان توجه الجزائر للانضمام لمجموعة الأسواق الناشئة سيكون ورقة بديلة لشراكتها مع الاتحاد الأوروبي، في ظل مطالب الجزائر المستمرة بمراجعة الاتفاق الذي تعتبر أنه غير متوازن وتسبب بخسائر مالية لها.

في السياق، يوضح عبد العزيز مجاهد أنه حتى وإن انضمت الجزائر إلى بريكس فانها ستحتفظ بسيادة قرارها في تعاملها مع باقي شركائها وفق مقاربتها ومساعيها لتحقيق مصالحها السياسية والاستراتجية.

من جانبه، قال فاتح خننو أستاذ العلاقات الدولية بالمدرسة الجزائرية العليا للعلوم السياسية، إن انضمام للجزائر في منظمة البريكس لن يكون على حساب شراكاتها الاستراتيجية مع باقي الشركاء التي تتعامل معهم، "فالجزائر وفقه تتعامل  بمنطق التنويع والشراكة لتعزيز مصالحها الاستراتيجية" .

وقال فاتح خننو لـ"الشرق"، إن "مراجعة اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي له إطاره الخاص فالجزائر تفصل بين الملفات ولا تقايض بها".

بريكس 

ومجموعة "بريكس" هي منظمة تشجع التعاون التجاري والسياسي بين الدول المنضوية تحت لوائها كما تسعى إلى الحصول على دور في إدارة الاقتصاد العالمي.

بدأت مفاوضات تشكيلها عام 2006، وعقدت أول مؤتمر قمة لها عام 2009. وكان أعضاؤها هم الدول ذات الاقتصادات الناشئة (البريكسو) الذي يعبر اسمها عن أول حرف من كل دولة من الدول الخمس رغبة هذه الدول في الحصول على نفوذ في المجتمع الدولي.

ويبلغ حجم الناتج المحلي لدول مجموعة "بريكس" تبعاً للقوة الشرائية 44 تريليون دولار، فيما تبلغ حصصها من التجارة الدولية العالمية 16% فيما تبلغ مساهمتها في إنتاج السلع التي يحتاجها العالم 30% وتغطي دول مجموعة الأسواق الناشئة 27% من مساحة الكرة الأرضية بنسبة سكان تبلغ  40% من العدد الإجمالي لسكان العالم.

تصنيفات