تونس.. تجاهل لـ"الاستفتاء الإلكتروني" بشأن الإصلاحات السياسية

time reading iconدقائق القراءة - 5
الرئيس التونسي قيس سعيد يبحث ملف الاستشارة الالكترونية ضمن قضايا أخرى مع رئيسة الحكومة نجلاء بودن، تونس - 16 مارس 2022. - twitter/TnPresidency
الرئيس التونسي قيس سعيد يبحث ملف الاستشارة الالكترونية ضمن قضايا أخرى مع رئيسة الحكومة نجلاء بودن، تونس - 16 مارس 2022. - twitter/TnPresidency
تونس -أ ف ب

قبل أيام قليلة من انتهاء "الاستشارة الوطنية" الإلكترونية التي قدمّها الرئيس التونسي قيس سعيّد على أنها المرحلة الأولى من مشروعه السياسي، لم يتجاوز عدد المشاركين بها 500 ألف مواطن، ما يعكس عدم اهتمام لدى المواطنين المنشغلين بتدهور أوضاعهم المعيشية والاجتماعية.

وانطلقت الاستشارات في منتصف يناير، وتنتهي المشاركة فيها، الأحد، وكانت تهدف إلى جمع آراء ومقترحات التونسيين قبل إجراء استفتاء على دستور 2014، الصيف المقبل.

ويمثّل عدد المشاركين على موقع الاستشارة الإلكتروني نحو 6% من الجسم الانتخابي المقدّر بأكثر من 7 ملايين ناخب، بحسب إحصاءات رسمية.

تشجيع على "الواجب"

ونصب أنصار سعيّد الذي أعلن في 25  يوليو الماضي، تجميد أعمال البرلمان وإقالة رئيس الحكومة السابق وتولي السلطات التنفيذية بنفسه في البلاد، خياماً في عدد من الشوارع الرئيسة وسط المدن الكبرى في محاولة لتشجيع التونسيين على القيام بما يصفونه بـ"الواجب الوطني".

وقال إلياس وهو شاب ثلاثيني من أمام خيمة نصبت في شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة تونس: "هي فرصة لكل تونسي كي يكون فاعلاً ومقرّراً لمستقبل بلاده".

بينما ترى سارة (32 عاماً) الموظفة أنه "من الجيّد أن تُعرف آراء الناس لكي يتم وضع الإصلاحات اللازمة".

وتتمثل الاستشارة في الإجابة عن أسئلة مختلفة تتمحور حول السياسة والاقتصاد والمسائل الاجتماعية والانتقال الرقمي والصحة والتعليم والثقافة وجودة الحياة والثقافة.

صعوبات فنية

وقال الرئيس التونسي إن السبب في ضعف الإقبال "الصعوبات الفنية التي تعترض المواطنين والمواطنات في المشاركة في الاستشارة الشعبية الإلكترونية"، وهي صعوبات "بعضها ناتج عن جملة من الاختيارات الفنية التي يجب تذليلها"، وأخرى "مقصودة من الذين يريدون تكميم الأفواه وإجهاض التجربة الأولى من نوعها في تونس"، في إشارة إلى معارضيه، ولا سيما حزب النهضة الذي اعتبر أن ما يقوم به سعيد "انقلاب على الدستور".

إنترنت بالمجان

وطلب الرئيس، الأسبوع الماضي، من رئيسة الحكومة نجلاء بودن أن تمنح الإنترنت بالمجان للتونسيين ليتمكنوا من النفاذ إلى موقع الاستشارة والمشاركة حتى انتهائها في مارس.

وتقول صفية وهي تدير محلّاً تجارياً: "الرئيس يريد استعمال الشعب للوصول إلى أهدافه".

ويشاطرها الرأي زميلها حسن الذي يعتبر أن "الناس غارقون في الفقر واليأس، وهو يحدّثنا عن السياسة، حقاً تعبنا".

وستُجمع نتائج الاستشارة وتُعالج، حسب الرئيس التونسي، من جانب خبراء لم يتضح بعد من يعينهم، وسيتم من خلالها بلورة خطوط كبرى لمشروع استفتاء مقرّر في يوليو المقبل، لتنقيح الدستور الذي يريده سعيد أن ينصّ على نظام سياسي "رئاسي".

وذكر شباب كثيرون أنهم لم يعرفوا بالاستشارة على الرغم من الحملات الدعائية المكثفة على وسائل الإعلام والتلفزيون منذ أسبوعين.

وقال الطالب وجدي: "كان من المفروض أن يبحثوا عنّا (لنتلقى الإعلان) على إنستجرام وتويتر وفيسبوك".

توقيت غير جيد

وقال المحلل السياسي حمزة المؤدب: "من الواضح أن هناك غياباً للاهتمام بهذه الاستشارة"، معتبراً أنه "لم يُدرَس التوقيت جيّداً".

وفي تقديره، كانت الاستشارة لتنجح لو تمّ إطلاقها مباشرة بعد  قرارات 25 يوليو التي علّق العديد من التونسيين آمالاً عليها للخروج من الوضع المتردي الذي وصلت إليه البلاد.

إحباط بعد دعم

ولكن بعد 7 أشهر من إعلان الرئيس احتكار السلطات، "ظهرت مشاكل عديدة أحبطت الناس"، وكان الدعم الذي حظي به إعلان 25 يوليو ناتجاً عن "رفض لكل ما كان يجري من قبل (برلمان معطل وحكومات غير مستقرة) وعلى أمل إنجاز تغييرات، لكن الرئيس أظهر أنه لا يملك مشروعاً ولا برنامجاً لتحسين الواقع المعيشي للناس"، بحسب المؤدب.

وتابع: "التونسيون منشغلون بتفاقم الصعوبات الاقتصادية وبارتفاع الأسعار والبطالة ومديونية الدولة"، مضيفاً: "يظهر منذ شهر تقريباً نقص واضح في التزود ببعض المواد الأساسية الغذائية في الأسواق. بينما الرئيس منشغل بفتح جبهات ضد النهضة والقضاء".

كان سعيد قرر في فبراير الماضي، حلّ المجلس الأعلى للقضاء بعد اتهامه بالفساد والعمل وفق الولاءات السياسية، وعيّن مجلساً جديداً.

ودعا حزب النهضة إلى مقاطعة الاستشارة التي يعتبرها منطلقاً "لتفكيك الدولة"، كما لم تشجّع منظمات المجتمع المدني عليها.

وتوقع المؤدب أن يؤول مسار سعيّد إلى الفشل، لأنه "لم يشكّل تحالفاً" لدعم "مشروعه السياسي"، بل "يتقدّم وحيداً ويرسم طريقه بمفرده، ويقرّر مصير البلاد بصفة منفرد".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات