مكارثي.. من مساعد نائب في الكونجرس إلى رئيس لمجلس النواب

time reading iconدقائق القراءة - 9
رئيس مجلس النواب الأميركي كيفن مكارثي يحتفل بانتخابه رئيساً جديداً للمجلس في مبنى الكابيتول بواشنطن. 7 يناير 2023 - REUTERS
رئيس مجلس النواب الأميركي كيفن مكارثي يحتفل بانتخابه رئيساً جديداً للمجلس في مبنى الكابيتول بواشنطن. 7 يناير 2023 - REUTERS
دبي -الشرق

أصبح النائب الجمهوري عن ولاية كاليفورنيا كيفين مكارثي رئيساً لمجلس النواب في الولايات المتحدة، السبت، بعد دعم قوي في اللحظة الأخيرة من حليفه الرئيس السابق دونالد ترمب، وتقديم "تنازلات كبيرة" لمجموعة من اليمينيين في المجلس.

وأشارت صحيفة "بوليتيكو" الأميركية إلى أن انتصار مكارثي بعد معركة قاسية استمرت 4 أيام، يتوج صعوداً إلى السلطة في مجلس النواب خلال 16 عاماً، ويشمل رحلة عودة استغرقت وقتاً طويلاً للفوز بمطرقة الرئيس، بعد أن عرقل المحافظون محاولات ترشحه عام 2015.

وحسب قول مكارثي، فإن روايته ينبغي أن تحمل العنوان الفرعي "الفتى العائد"، وهي حكاية صمود سياسي بعد مضي 7 سنوات على رفض نواب الجناح الأيمن للحزب الجمهوري منحه المنصب، وتصويتهم لصالح رئيس مجلس النوب السابق بول ريان (جمهوري من ولاية ويسكونسن)، وسيطرته على المؤتمر الجمهوري. 

مع ذلك، فإن التنازلات الكبيرة التي قدمها للمحافظين قبل الفوز، تبرز إلى أي مدى بنى مكارثي تلك العودة على التحالف معهم، والسيطرة على مؤتمر جمهوري منقسم، عن طريق ربط نفسه على نحو مماثل بالرئيس السابق ترمب.

والتحالف مع ترمب، الذي ساعد في حشد الدعم المحافظ لترشيح مكارثي لمنصب رئيس مجلس النواب هذا الشتاء، ليس التحوّل الوحيد الذي اضطر النائب من كاليفورنيا إلى تقبله لقيادة المجلس، بحسب المجلة.

فبعد أن سعى مكارثي لأول مرة ليحل محل رئيس مجلس النواب جون بوينر عام 2015، قبل انسحابه وسط معارضة من "كتلة الحرية" المحافظة، عمل بجهد لإعادة بناء وترسيخ الدعم في المؤتمر الجمهوري. 

وكان هذا معناه بناء تحالفات مع نفس الشخصيات التي عرقلت صعوده، مثل النائب جيم جوردان (جمهوري عن ولاية أوهايو)، الذي كان في وقت سابق عضواً منافساً ومتمرداً في "كتلة الحرية"، وأصبح الآن مساعد مكارثي الموثوق به في اللجنة القضائية.

ومع اقترابه من منصب رئيس مجلس النوب في الكونجرس الـ117، أقام مكارثي أيضاً علاقة وثيقة مع النائبة المثيرة للجدل مارجوري تايلور جرين (جمهورية من ولاية جورجيا)، لتعزيز دعم جناحه الأيمن قبل صراع طويل على مطرقة رئيس المجلس.

"ولاء" لترمب

ولفتت المجلة إلى أن بعض القرارات الحاسمة التي اتخذها الرجل البالغ من العمر 57 عاماً جاءت في الكونجرس الذي أعقب انتخابات الرئاسة عام 2020 التي فاز فيها الديمقراطي جو بايدن، عندما انضم الجمهوري القادم من كاليفورنيا إلى ما يقرب من 140 زميلاً في الطعن على خسارة ترمب في 6 يناير 2021، بأوامر من الرئيس آنذاك، رغم عدم وجود دليل على وقوع "عمليات تزوير على نطاق واسع"، والهجوم على مبنى الكابيتول من قبل حشد عنيف من أنصار ترمب.

في البداية، نأى مكارثي بنفسه عن ترمب بعد أعمال الشغب، معتبراً أن الملياردير الجمهوري يتحمل جزئياً المسؤولية عن أحداث العنف، لكنه في ما بعد أصلح علاقاته مع الرئيس السابق بعد عدة لقاءات في منتجعه "مارالاجو" في بالم بيتش بولاية كاليفورنيا. لكن هذا الاحتضان السريع لترمب، في غضون أسابيع من الهجوم، مزق العلاقات الهشة بالفعل في المجلس المنقسم.

وكان من بين أكثر القرارات المصيرية التي اتخذها مكارثي في الكونجرس الأخير سحب أشخاص اختارهم للجنة مجلس النواب المختارة للتحقيق في أحدث 6 يناير، بعد أن أقصت رئيسة مجلس النواب آنذاك نانسي بيلوسي (ديمقراطية من كاليفورنيا) عضوين مؤيدين لترمب من اللجنة. 

ومهد إبعاد هؤلاء المرشحين، وهو تحرك غير عادي، الطريق أمام النائبين المناهضين لترمب، ليز تشيني (جمهورية من وايومنج)، وآدم كينزينجر (جمهوري من إلينوي) للعمل في اللجنة بوصفهما الجمهوريين الوحيدين فيها، وسمح في الغالب لمحققي اللجنة بالعمل بمأمن من العواقب. وكانت بيلوسي قد عينت تشيني في اللجنة قبل أن يسحب مكارثي اختياراته، وأضيف كينزينجر فقط لاحقاً.

واعتبرت "بوليتيكو" أن ولاء مكارثي لترمب ساعد في نهاية المطاف في إحياء مكانة الرئيس السابق داخل الحزب، وأكسب زعيم الحزب الجمهوري تأييده للمنصب الأبرز في مجلس النواب. 

وذكرت المجلة أن ترمب أجرى عدة اتصالات من أجل مكارثي أثناء التصويت على انتخاب رئيس مجلس النواب، وجدد إعلان تأييده له، هذا الأسبوع، مشيراً إلى أن مكارثي "سيقوم بعمل جيد، وربما حتى يقوم بعمل أمور عظيمة".

ووفقاً للمجلة، ساهم تحوّل رئيس مجلس النواب الجديد من "منطقة الجليد  إلى الدفء" في العلاقات مع ترمب في تعزيز الصورة التي غالباً ما كان يرسمها خصومه، وهي صورة "زعيم مقايضات مرن تحركه الرغبة في السعي وراء السلطة أكثر من أي هدف أيديولوجي محدد".

"تنازلات كبيرة"

على هذا الصعيد، تضمنت صفقة مكارثي مع المحافظين التي تبين ضرورتها للفوز برئاسة مجلس النواب سلسلة تنازلات كبيرة، لتمكين منتقديه. ومن أجل جمع عدد كافٍ من الأصوات للفوز.

ومن بين التزامات أخرى، وافق مكارثي على السماح بخفض عدد الأعضاء اللازمين لطرح طلب التصويت على إقصائه من 5 إلى 1، وهو تغيير كان أعلن سابقاً أنه لن يقبله.

ورجحت المجلة أنه في نهاية المطاف، ربما ينتهي الأمر بمكارثي مديناً بقدر أكبر لترمب عندما تهدأ الأمور. فبعد أن كاد مكارثي يهدر محاولته الـ14 لرئاسة المجلس، تدخل الرئيس السابق و"أجرى اتصالين مع اثنين من المنتقدين الرئيسيين، وهما آندي بيجز ومات جايتز، مباشرة قبل أن يستجيبوا"، وفقاً لشخص مقرب من ترمب.

واستهل مكارثي مشوراه في الكابيتول كمساعد للنائب السابق بيل توماس (جمهوري من ولاية كاليفورنيا)، قبل أن يخوض الانتخابات لاحقاً بنفسه. وتدرج في ما بعد في الحياة السياسية، والمجلس المحلي لولاية كاليفورنيا قبل الفوز بمقعد توماس في مجلس النواب بعد تقاعد معلمه السابق، الذي انتقد في وقت لاحق مكارثي لدعمه الطعن على نتائج انتخابات عام 2020.

ثم ارتقى سريعاً في المجلس، وارتفع في صفوف الحزب الجمهوري قبل بدء ما يسمى برنامج تجنيد المرشحين "Young Guns" إلى جانب بول ريان، والنائب السابق إريك كانتور (جمهوري من ولاية فرجينيا) قبل انتخابات عام 2010، الذي تبين أنه سيكون عام موجة جمهورية، وأصدر الثلاثي أيضاً كتاباً يحمل نفس العنوان.

ولكن بعد أن أصبح مكارثي سوط الأغلبية في المجلس، ثم خلف كانتور كزعيم للأغلبية، أُرغم على الانسحاب من سباق المرشحين لرئاسة المجلس عام 2015، قبل حتى أن يبدأ الاقتراع. 

وانتقده جمهوريون آنذاك بسبب قوله على قناة "فوكس نيوز"، إن لجنة الجمهوريين الخاصة ببنغازي في مجلس النواب الأميركي، كانت تهدف لإلحاق الضرر بترشيح الديمقراطية هيلاري كلينتون للرئاسة.

وبعد انسحاب مكارثي عام 2015، الذي مهد السبيل أمام بول ريان ليصبح رئيس مجلس النواب، أصبح زعيم الأقلية في عام 2018، عندما غادر الجمهوري القادم من ولاية ويسكونسن الكونجرس بعد سيطرة الديمقراطيين على مجلس النواب ذلك الخريف.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات