أعادت التفجيرات التي شهدتها العاصمة الأفغانية كابول الخميس، الضوء إلى فرع تنظيم داعش المعروف بـ"داعش ولاية خراسان"، بعد أن ذكرت وسائل إعلام أميركية أن انتحارياً من التنظيم فجر نفسه، أمام بوابة آبيي خارج مطار حامد كرزاي في كابول، ما أودى بحياة وإصابة العشرات.
ويكن التنظيم الذي يعتبره الأميركيون تهديداً لآلاف الأفغان الذين ينتظرون بفارغ الصبر في مطار كابول للفرار إلى الغرب، كراهية شديدة لحركة طالبان الحكام الجدد للبلاد، بحسب وكالة "فرانس برس".
وبرر الرئيس الأميركي جو بايدن الثلاثاء الماضي، قراره بالإبقاء على 31 أغسطس الجاري موعداً نهائياً لانسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان وإنهاء عمليات الإجلاء بأن هناك "خطر هجوم خطير ومتزايد من جانب تنظيم داعش في المطار"، فيما حذرت بريطانيا، صباح الخميس، من تهديد إرهابي "خطير جداً ووشيك ضد مطار كابول".
نشأة "داعش خراسان"
بعد وقت قصير من إعلان تنظيم داعش "الخلافة" في العراق وسوريا عام 2014، أعلن أعضاء سابقون في حركة طالبان باكستان ولاءهم لزعيم التنظيم أبو بكر البغدادي، وانضم إليهم لاحقاً أفغان محبطون ومنشقون من طالبان.
وفي أوائل عام 2015 اعترف تنظيم داعش بتأسيس "ولاية" في "خراسان" وهو الاسم القديم الذي يطلق على منطقة تضم أجزاء من أفغانستان الحالية وباكستان وإيران وآسيا الوسطى.
وأسس التنظيم عام 2015 بمنطقة اشين الجبلية في مقاطعة ننجارهار شرقي أفغانستان، وهي الوحيدة التي تمكنت من إقامة وجود ثابت وكذلك في منطقة كونار المجاورة.
وفي كل المناطق الأخرى اشتبك التنظيم مع طالبان على الرغم من أنه تمكن من تشكيل خلايا نائمة في أماكن أخرى بأفغانستان، خصوصاً في العاصمة، وباكستان المجاورة، وفقاً للأمم المتحدة.
وتفيد أحدث التقديرات بأن أعداد مقاتلي التنظيم تتراوح بين 500 وبضعة آلاف، بحسب تقرير لمجلس الأمن الدولي صدر، في يوليو الماضي.
وأعلن تنظيم "داعش خراسان" مسؤوليته عن بعض أكثر الهجمات دموية خلال السنوات الأخيرة في أفغانستان وباكستان، والتي أودت بحياة مدنيين في مساجد ومستشفيات وأماكن عامة.
وفي الولايات التي تمركز فيها داعش ترك وجوده آثاراً عميقة، إذ أطلق مقاتلوه النار على قرويين وقطعوا رؤوسهم وعذبوهم وأرهبوهم وتركوا ألغاماً أرضية في كل مكان وفقاً لـ"فرانس برس".
داعش وطالبان
على الرغم من أن داعش وطالبان مجموعتان متطرفتان، إلا أنهما تختلفان من حيث العقيدة والاستراتيجية وتتنافسان على تجسيد أيدولوجيا واحدة، وكدليل على العداء الشديد بينهما، وصفت بيانات لداعش طالبان بـ"الكفار".
وواجه التنظيم قمعاً من طالبان استهدف المنشقين عنها ولم يتمكن من توسيع أراضيه.
وانتقد "داعش خراسان" بشدة الاتفاق الذي أبرم في فبراير 2020 بالعاصمة القطرية الدوحة بين واشنطن وطالبان، والذي ينص على انسحاب القوات الأميركية والأجنبية من أفغانستان، متهماً الحركة بالتراجع عن "القضية الجهادية"، وفقاً لـ"فرانس برس".
وبعد دخول كابول والاستيلاء على السلطة في 15 أغسطس الجاري، تلقت طالبان تهنئة من العديد من الجماعات المصنفة على قوائم الإرهاب الأميركية، لكن ليس من تنظيم "داعش خراسان".
تهديدات مطار كابول
وبشأن التهديدات الأمنية في مطار كابول، قال مسؤولون أميركيون إن المطار الذي يضمن أمنه جنودهم ويتجمع فيه آلاف الأفغان الراغبين في مغادرة بلادهم، عرضة لتهديد مباشر من تنظيم داعش في ولاية خراسان.
ودعت الولايات المتحدة وأستراليا وبريطانيا، ليل الأربعاء الخميس، رعاياها إلى الابتعاد بأسرع ما يمكن عن المطار بسبب "تهديدات إرهابية".
وفي الأيام الأخيرة، غادرت طائرات نقل عسكرية كابول بإطلاق مواد متوهجة، وهي تستخدم خصوصاً بهدف تشتيت الصواريخ، في حين أكد خبراء أن المنطقة معرضة في آن واحد للقذائف والتفجيرات الانتحارية.
ولاحظ العديد من المحللين، بما في ذلك شركة "إكستراك" المتخصصة في معالجة البيانات بشأن الجماعات المتطرفة، أن نشاط تنظيم "داعش خراسان" توقف فجأة لمدة 12 يوماً.
وقالت "إكستراك" في تغريدة على تويتر إن "الفروع التابعة لداعش تميل إلى التحفظ عندما تدخل في وضع الحفاظ على الوجود أو عندما تستعد لعملية واسعة النطاق"، مستبعدةً الفرضية التي تقول إن "هناك الكثير من الأهداف المثالية في الوقت الحالي للتنظيم".