المبعوثة الأممية لأفغانستان تدعو طالبان لوقف القتال والعودة للمفاوضات

time reading iconدقائق القراءة - 7
أفراد قوات الأمن الأفغانية في موقع انفجار سيارة مفخخة بالعاصمة كابول - 4 أغسطس 2021 - REUTERS
أفراد قوات الأمن الأفغانية في موقع انفجار سيارة مفخخة بالعاصمة كابول - 4 أغسطس 2021 - REUTERS
دبي -الشرق

دعت رئيسة بعثة الأمم المتحدة إلى أفغانستان، ديبورا لايونز، إلى الوقف الفوري للقتال والعودة إلى المفاوضات، محذرةً من أن استمرار هجمات حركة طالبان سيقود البلاد إلى الهاوية.

وقالت خلال اجتماع لمجلس الأمن، الجمعة، إن على الدول التي تتواصل مع المتمردين أن تحذرهم "بأن حكومة تفرض بالقوة في أفغانستان لن يتم الاعتراف بها". وهددت أيضاً بعدم تجديد "الإعفاءات" التي تتيح لممثلي طالبان السفر رغم العقوبات، علماً بأن مفعولها ينتهي في سبتمبر المقبل.

وأشارت إلى أن هذه الإعفاءات موجودة "فقط للسماح لممثلي الحركة بالمشاركة في مفاوضات السلام" التي تجرى خصوصاً في قطر، وتجديدها "سيبقى رهناً بالتقدم الفعلي على الجبهة الدبلوماسية".

وأضافت لايونز: "أفغانستان اليوم عند مفترق طرق خطير. إما أن تمضي البلاد نحو مفاوضات جادة للسلام أو أن تنزلق في دوامة أزمات متشابكة ومأساوية، من نزاع عنيف يتفاقم إلى أزمة إنسانية خطيرة وانتهاكات متزايدة لحقوق الإنسان".

تفادي أسوأ السيناريوهات

اعتبرت المبعوثة الأممية أن هناك فرصة اليوم لإثبات "التزام مجلس الأمن والمجتمع الدولي والإقليمي لمنع أفغانستان من السقوط في هاوية لا مثيل لها في القرن الحادي والعشرين". وتابعت "أؤكد لكم أن مثل هذه الهاوية سيكون لها تبعات تتجاوز حدود أفغانستان. أنا مقتنعة أن المجلس والمجتمع الدولي برمته يمكنهما المساعدة على تفادي أسوأ السيناريوهات، لكن ذلك سيتطلب التحرك بشكل موحد وسريع".

وقالت لايونز إن الحرب في أفغانستان دخلت في الأسابيع القليلة الماضية مرحلة جديدة "أكثر فتكاً وتدميراً". وأردفت "حملة طالبان في يونيو ويوليو للسيطرة على مناطق ريفية حققت لهم مكاسب كبيرة في الميدان، وبعد أن أصبح موقفهم أقوى بدأوا بالهجوم على مدن كبرى. فخضعت عواصم ولايات قندهار وهيرات ولشكرغاه، لضغوط كبيرة جداً، وتشير هذه المحاولات إلى سعي طالبان للسيطرة على المراكز الحضرية بقوة السلاح".

وتحدثت عن الخسائر التي تعرضت لها البلاد جراء اشتداد الهجمات، وقالت: "نتيجة هذه المأساة مخيفة. والرسالة السياسية منها أكثر خطورة. كان القتال عنيفاً وتحديداً في لاشكرغاه عاصمة ولاية هلمند، فمنذ 28 يوليو، لقي 104 من المدنيين حتفهم، وأصيب 403 بجروح".

وتابعت: "جميع الطرق المؤدية إلى المدينة أغلقتها حركة طالبان. المستشفيات بلغت قدراتها القصوى. ولم يعد بإمكانها استقبال مصابين جُدد. وسلاسل الإمداد الغذائي تتراجع يوماً تلو الآخر، وهذا يزيد احتمالات وقوع شح كبير في الموارد الغذائية والمعدات الطبية".

أما بالنسبة لقندهار، فأوضحت لايونز أنه منذ بدء هجوم طالبان في 9 يوليو الماضي، سُجلت 460 إصابة في صفوف المدنيين، لافتةً إلى أن هناك تقارير ذات مصداقية تُفيد بسقوط 135 قتيلاً في صفوف المدنيين في محيط هيرات غرب البلاد. إضافة إلى ما وقع من أضرار في المدارس والمستشفيات والمتاجر والجسور والبنى التحتية بشكل عام.

"جرائم ضد الإنسانية"

اعتبرت المبعوثة الأممية أن الحرب اليوم في أفغانستان تُذكر بما حدث في سوريا والبوسنة، خصوصاً ما يتعلق بالهجوم على المناطق الحضرية الذي يؤدي إلى أضرار بالغة وسقوط المدنيين، وقالت: "يبدو أن هذا التهديد نابع عن قرار استراتيجي اتخذته طالبان التي اعتمدت منهج (المجزرة) بكل معنى الكلمة".

وتابعت لايونز: "حرب الشوارع الدائرة داخل المدن ستؤدي إلى المزيد من البؤس والدمار للبنى التحتية والكهرباء والماء. وكل ذلك يُشكل انتهاكاً خطيراً للقانون الإنساني الدولي، والذي ينبغي المساءلة عنه، وقد ترقى بعض الانتهاكات إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية".

وتساءلت ليونز عما إذا كانت طالبان ملتزمة بتسوية سياسية وقالت في كلمتها أمام مجلس الأمن إن الحرب في أفغانستان دخلت "مرحلة أشد دموية ودماراً"، مع سقوط أكثر من ألف قتيل من المدنيين في الثلاثين يوما الماضية خلال هجوم تشنه الحركة. وقالت المبعوثة الدولية "الطرف الذي يلتزم بصدق بتسوية عبر التفاوض لن يخاطر بمثل هذا العدد الكبير من الضحايا المدنيين لأنه يدرك أن عملية المصالحة ستكون أشد صعوبة كلما زادت إراقة الدماء".

وأشارت إلى أن المعاناة الناتجة عن الحرب تُضاف إلى أزمة إنسانية متفاقمة في الأساس، إذ تواجه أفغانستان حالة جفاف خطيرة طالت مختلف أنحاء البلاد، وجعلت 18.5 مليون شخص، أي نصف سكان البلاد تقريباً يحتاجون المساعدة الإنسانية.

وألقت الضوء على الهجمات المتواصلة ضد مقدمي المساعدات الإنسانية، حيث قُتل 25 من أفراد الطواقم الإنسانية، وأصيب 63، في حين شهد العام الحالي توقيف 83 شخصاً منهم.

وحذّرت لايونز من تفاقم الوضع في أفغانستان، معتبرة أن كل المحاولات السابقة للتفاوض مع حركة طالبان، من قبل الحكومة الأفغانية أو الولايات المتحدة أو مجلس الأمن لم تفضِ إلى أي نتائج إيجابية، بل على العكس ازداد منسوب العنف من قبل الحركة. وتابعت بالقول: "ينبغي وقف القتال والتفاوض، وإلا لن يتبقى شيء ليربحه أحد".

وحث الدبلوماسي الأميركي الكبير جيفري ديلورانتس طالبان على وقف هجومها والسعي إلى تسوية سياسية وحماية البنية الأساسية والشعب الأفغاني. وقال خلال جلسة مجلس الأمن: "يتعين على طالبان أن تسمع من المجتمع الدولي أننا لن نقبل الاستيلاء عسكريا على أفغانستان أو عودة إمارة طالبان".   

من جانبه، قال مندوب روسيا بالأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا "الأهم اليوم هو إطلاق مفاوضات جوهرية بسرعة" مشيرا إلى أنه يعوّل على الاجتماع المقرر عقده في 11 أغسطس الجاري في العاصمة القطرية الدوحة، للمبعوثين الأميركيين والروس والصينيين والباكستانيين من أجل احياء عملية السلام المتوقفة.

وطالب غلام إسحاق زاي رئيس وفد أفغانستان في الأمم المتحدة، مجلس الأمن بالتدخل "لمنع حدوث وضع مأساوي"، مؤكداً خلال الاجتماع الذي عقد بطلب من الحكومة الأفغانية أن الوضع "يتدهور بسرعة" بسبب "التصعيد الأخير للعنف من جانب طالبان والهجمات العسكرية الوحشية على مدن مهمة".              
وقال المبعوث الأفغاني: "نشعر بالانزعاج إزاء التقارير (عن الهجمات)، وحوادث الانتهاك الجسيم لحقوق الإنسان من طالبان ورفاقها الإرهابيين الأجانب، في نصف بلادنا تقريبا، ونشعر ببالغ القلق على سلامة وأمن الناس في المدن التي تهاجمها طالبان". واتهم طالبان بأنها تقاتل من أجل "تحويل بلادنا مرة أخرى إلى ملاذ آمن للإرهاب الدولي".

وكانت وكالة "رويترز"، أعلنت في وقت سابق الجمعة، سقوط أول عاصمة لولاية في أفغانستان في أيدي طالبان، حيث استطاعت الحركة السيطرة على "نيمروز" الجنوبية بعد معارك مع قوات الأمن الأفغانية.

وسيطر مقاتلو طالبان في الأشهر الثلاثة الأخيرة على مناطق ريفية واسعة، وعلى مراكز حدودية رئيسية بعد هجوم مفاجئ تزامناً مع انسحاب القوات الدولية.