نجوم وأطفال.. هل يسلب عالم الفن أجمل سنوات المشاهير الصغار؟

time reading iconدقائق القراءة - 9
الممثل الشاب أحمد داش في مسلسل "مين قال؟" - المكتب الإعلامي لمنصة شاهد
الممثل الشاب أحمد داش في مسلسل "مين قال؟" - المكتب الإعلامي لمنصة شاهد
القاهرة-آلاء عثمان

خلال الموسم الدرامي الرمضاني تألق عدد من صغار النجوم ووطدوا علاقتهم بجمهور المشاهدين من خلال الأعمال التلفزيونية لاسيما الكوميدي منها.

وتشهد الساحة الفنية المصرية صعود عدد من الوجوه للممثلين والممثلات صغار السن ممن حققوا شعبية كبيرة، على الرغم من ظهورهم في أعمال فنية محدودة.

وتميزت بعض تلك الأعمال بتعقيد إطارها الدرامي ومنحت الفنانين فرصة لاستعراض مواهبهم وأدائهم الاحترافي على الرغم من حداثة سنهم.

غير أن صعود أسهم النجوم الصغار لا يُعتبر ظاهرة جديدة على الشاشة المصرية، إذ لطالما انشغل الجمهور بأطفال موهوبين يخطفون الأضواء وتسند إليهم أدوار رئيسية في الأعمال الفنية يؤدونها باقتدار إضافة إلى تفردهم في أداء الاستعراضات الراقصة والغناء وأطياف أخرى من الفنون.

وعلى الرغم من الأضواء البراقة والاهتمام الجماهيري الكبير قد يثقل عالم الفن كاهل هؤلاء الصغار في بعض الأحيان، فتتحول هوايتهم المُحببة إلى مصدر توتر وربما تحرمهم بعض من ملامح الطفولة ووداعتها. 

وجوه جديدة 

خلال أحداث المسلسل الكوميدي "الكبير أوي"، يعود الأخ حزلقوم من سفره برفقة ابنه "حلقوم" الذي يبدو شديد الشبه بوالده.

يدعى الممثل الصغير يوسف صلاح الذي كان شغل المشاهدين قبل بضعة أشهر بتأدية دور الفتى الظريف "زيكو" ضمن أحداث الفيلم السينمائي "من أجل زيكو".

في العمل ذاته يتعرف الجمهور على الطفل عبد الرحمن طه، الذي اشتهر سابقاً بتقديم مقاطع فيديو مضحكة عبر تطبيق تيك توك، إلا أنه يظهر أمام الكاميرا في المسلسل مؤدياً دور التوأم أبناء الكبير، فيما تستقطب زميلة الثنائي في المدرسة ضمن الأحداث اهتمام المشاهدين وتُدعى "جليلة" أو الممثلة الطفلة ريما مصطفى. 

جليلة 

تعرف الجمهور أول الأمر على ريما في العام 2020 عبر مسلسل "أسود فاتح"، وفي مسلسل "خلي بالك من زيزي" قدمت دورها للطفلة العنيفة المتنمرة، وهو الدور الذي لفت إليها الأنظار على مواقع التواصل الاجتماعي، ولاحقاً اشتركت ريما في الجزء الثالث من مسلسل "اللعبة" المعروض على منصة شاهد وأخيراً، دور "جليلة" الطفلة التي تستهزئ بزميلها "العترة" وتتعمد التمنر عليه ومضايقته.

وتصف إيناس والدة الطفلة ريما في تصريحات خاصة لـ"الشرق"، ابنتها بأنها خجولة بسيطة لم تتبدل طباعها بعد الانخراط في عالم الفن، بل أن سماتها الشخصية تظهر في مواقع التصوير، إذ تلتزم بأداء مهمتها الفنية دون جلبة.

وتضيف: "تذهب ريما لموقع التصوير فتبقى في الغرفة المخصصة لها، إلى أن يحين موعد العمل، إذ أنها شديدة الخجل فتتجنب الذهاب للتحدث مع أحد النجوم الكبار إلا إذ جاء أحدهم للحديث وممازحتها كالنجم هشام ماجد على سبيل المثال على الرغم من حبها الشديد له".

ووفقاً للأم، لا تبدي ريما أي اهتمام بعالم الفن والأضواء، بل تجد متعتها في لحظة الوقوف أمام الكاميرا وتأدية دورها فقط.

نقد مبكر 

عبر صفحتها على "فيسبوك" تتلقى ريما الكثير من الثناء والمدح على أدوارها الفنية لكنها تتلقي نقداً كذلك، خصوصاً بعد تقديمها شخصية الفتاة المتنمرة في أكثر من دور تلفزيوني.

وتشرح الأم أن الأسرة تتقبل الانتقادات لبعض الأدوار التي قدمتها ريما غير أنها تدعو إلى مشاهدة الأعمال كاملة، إذ أنها تتضمن رسالة ختامية تحذر من ذلك الفعل وتستهدف التوعية ضده.

في الوقت ذاته تشارك الأم تلك الانتقادات مع طفلتها وتشرح لها أسبابها: "لا تملك ريما هاتفاً خاصاً بها، لكني أقرأ لها التعليقات المُشجعة التي تسعدها للغاية، وفي الوقت ذاته أشرح لها الانتقادات وأتحدث معها عن اختلاف الآراء، إذ أخشى دائماً أن تتعرض لنقد مباشر بشكل يؤثر عليها سلبياً في الشارع أو المدرسة، لذا أحاول تأهيلها بشكل محدود". 

مسؤولية

تشعر الأم بفخر شديد تجاه عمل ابنتها ونجاحها، الأمر الذي طور من شخصية الصغيرة وجعلها أكثر نضجاً من أقرانها، إذ أنها تقابل العديد من الزملاء في مواقع العمل وهو ما أكسبها خبرات إنسانية عديدة.

وتؤكد الأم كذلك أن ريما عادة لا تشعر بالضغط تجاه العمل الفني بل بالمسؤولية تجاهه مهما كانت درجة صعوبته.

تقول: "يمكنني تذكر موقفين فقط، شعرت ريما خلالهما بالتوتر أثناء التصوير، إذ كانت تواجه صعوبة في تقديم بعض المشاهد نتيجة لبرودة الجو ولطول ساعات العمل والتشتت في الحين الآخر، ما جعلها ترتبك وتشعر بالمسؤولية تجاه تسببها في تأخير التصوير".

تشرح الأم أنها حاولت معالجة الموقف، إذ ضمت ابنتها إليها وشرحت لها أنها من الطبيعي أن تشعر بالتعب والتشتت، وأن ذلك لا يعيبها، بل أن عليها أن تأخذ قسطاً من الراحة المُستحقة، كي تعود للتمثيل بحيوية أكبر: "في أحد تلك المواقف قلت لها، ريما عليك أن تحترمي إنسانيتك وشعورك بالتعب ودعوتها للجلوس معي للراحة وترك العمل لفترة". 

حائط الشرف

غير أن ريما وزملاءها الجدد ليسوا النجوم الأطفال الأوائل في رحلة الفن المصرية، وسبقتهم إلى الشاشات أجيال متتالية من النجوم الأطفال متعددي المواهب.

ومن بين الأسماء اللامعة في تلك الحقبة الطفلة الممثلة "فيروز" التي قدمت عدداً من الأفلام الغنائية الاستعراضية رفقة الفنان أنور وجدي، وأعمال أخرى مع باقة من نجوم الفن من بينها "دهب" و"ياسمين" و"فيروز هانم". واعتزلت النجمة فيروز الفن في أوج نجاحها وكانت ما تزال في طور المراهقة والشباب.

الطفلة إكرام عزو كذلك قدمت دور الصغيرة البريئة في عدد من الأفلام السينمائية، بينها "عائلة زيزي" و"السبع بنات"، وتوالت أجيال المبدعين الصغار في الظهور، بينهم الممثلة دينا عبد الله، وهديل خير الله والإخوة هادي وشادي وفادي خفاجة، ويوسف عثمان ومنة عرفة وغيرهم الكثير. 

مزايا وعيوب

في العام 2014 ظهر الممثل الشاب أحمد داش على شاشة السينما خلال أحداث فيلم "لا مؤاخذة" للمخرج عمرو سلامة، وعلى الرغم من حداثة سنه حينها، إذ لم يكن قد تخطى الـ14 من العمر، فإنه انطلق بشكل ملحوظ وقدم عدداً من الأعمال التلفزيونية والسينمائية التي رسخت لاسمه كأحد الوجوه الشابة الصاعدة. 

يسترجع الممثل الشاب ذاكرته مع "الشرق" في تصريحات خاصة، لافتاً إلى أن دخوله عالم الفن جاء عن طريق المُصادفة، إذ كان في البداية لاعب كرة قدم صغيراً، قبل أن يبدأ الظهور في الإعلانات التجارية متميزاً بشعره المجعد الطويل ونشاطه.

جاءت السينما لاحقاً لتشكل بداية جديدة لداش الذي يصف سنواته الأولى في عالم الفن، قائلاً: "لم أكن أشعر بأي ضغط نفسي أو توتر فيما يخص العمل في السينما أو مجال الإعلانات، غلبت الحماسة الطفولية مشاعري".

ويتابع: "أتشوق للذهاب إلى موقع التصوير وأسعد بمشاهدة الإعلان الجديد مع أسرتي وقت تناول الطعام، إذ كان العمل الفني بالنسبة لي محض هواية لم أبدأ بالشعور بالتوتر إزاء العمل سوى عند الـ16 من العمر أو نحوها". 

في ضوء مشواره الفني القصير، يرى الممثل أحمد داش أن انخراط الأطفال في عالم الفن مبكراً قد يمنحهم مميزات مهنية، أبرزها تشيكل علاقات قوية مع جمهور المشاهدين الصغار على وجه التحديد.

يقول: "هناك جيل صغير في مثل سنك، توطن على مشاهدة أعمالك وتقدم معك في العمر، فتبقى صورتك كممثل عالقة في وجدانه ومرتبطة بذكريات طفولته".

خيال وانضباط 

يرى أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر د. هاشم بحري أن تشجيع الأطفال على ممارسة الفنون بمختلف أطيافها، أمر إيجابي، إذ تساعد على تنمية قدرات الطفل العقلية كما تسهم في تدريبه على الانضباط، وتنمية خياله، سواء كان الفن التمثيل أو تعلم آلة موسيقية أو الرسم أو غيرها.

ويضيف: "ظروف عالم الفن والسينما قد تشكل بعض الضغوط الإضافية على الأطفال العاملين في المجال، خصوصاً فيما يتعلق بجدول حياة الطفل حيث تعرقله ساعات التصوير الطويلة التي قد تصل إلى 24 ساعة".

ويقول كذلك إن بعض المشاهد الفنية قد تترك ترسبات في وجدان الطفل. ويشرح: "في بعض الأحيان نجد الطفل يمثل مشهداً يتعرض خلاله للضرب أو الإهانة، وعلى الرغم من أن المشهد خيالي تماماً فإنه قد يؤثر الطفل وينال من ثقته بنفسه".

في الوقت ذاته، قد تتخير أسرة الطفل دمجه في عدد كبير من الأعمال الفنية بشكل يفوق قدرته بغرض تحقيق الكسب المادي. يقول بحري: "في تلك الظروف تقبل الأسرة كل الأعمال المعروض على الطفل الذي يفقد بدوره المتعة المنشودة من هوايته".

تجليات سلوكية

على الجهة الأخرى، قد يؤدي وجود الطفل تحت الأضواء طوال الوقت لحرمانه من التفاعل بشكل طبيعي مع أقرانه وفقدان التواصل الاجتماعي معهم.

يقول بحري: "في بعض الأحيان نجد أن الطفل بات يشعر بتفرده وتميزه عن أقرانه نتيجة للشهرة وأصبح يرى أنه ينتمي لطبقة أخرى". 

أما عن الأسرة فيمكن أيضاً أن تتوتر علاقة النجم الطفل بها، خصوصاً ما إذا كان فاعلاً مادياً يسدد احتياجاتها عبر عمله الفني حسبما يشرح أستاذ الطب النفسي. قائلاً: " الأسرة لها سلطة تربوية على الصغار بالمكافأة والعقاب، إلا أن ذلك التوازن يُكسر تماماً عندما يصبح دخل الطفل أكبر من ذويه كما أنه يدعمهم مادياً، فتفقد الأسرة السيطرة على سوء سلوك الطفل". 

تصنيفات