السويد وعضوية الناتو.. مخاوف من "تنازلات" كبرى لصالح تركيا

time reading iconدقائق القراءة - 6
المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين ووزير الدولة السويدي للشؤون الخارجية أوسكار ستينستروم خلال اجتماع في أنقرة- 25 مايو 2022 - AFP
المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين ووزير الدولة السويدي للشؤون الخارجية أوسكار ستينستروم خلال اجتماع في أنقرة- 25 مايو 2022 - AFP
ستوكهولم-أ ف ب

تأمل السويد في التوصل إلى تسوية مع تركيا لضمان انضمامها إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو"، لكن المخاوف تتزايد في الدولة الاسكندنافية من أن تضحي الحكومة بالكثير من أجل الحصول على ما تريد.

وقالت النائبة السويدية من أصل (كردي إيراني) أمينة كاكاباوه: "إذا كنتم ترغبون في بيع كل شيء مقابل عضوية الناتو، فافعلوا ذلك، لكنني أعتقد أنه أمر مروع".

وأضافت كاكاباوه: "من المروع أن يتوقف كل شيء على تسريع عضوية الناتو، حتى لو كان ذلك يعني إضعاف الديمقراطية".

ورغم أنها نائبة يسارية مستقلة منذ العام 2019، أدت كاكاباوه دوراً محورياً في انتخاب رئيسة الوزراء ماجدالينا أندرسن في نوفمبر 2021، إذ كان تصويتها حاسماً في البرلمان.

وعلى غرارها، طالبت جهات سويدية بارزة، من أحزاب معارضة ونواب وشخصيات سياسية وثقافية، الحكومة في الأسابيع الأخيرة بعدم الانصياع لمطالب تركيا.

وجاء في مقال رأي وقعته 17 شخصية ثقافية وأدبية في اليومية السويدية "داجينز نيهيتر" هذا الأسبوع: "دعونا لا نقع في فخ أردوغان".

وتتطلب الموافقة على طلب الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي إجماع الأعضاء الـ30 الحاليين، لكن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان رفض الموافقة على بدء مفاوضات مع ستوكهولم التي تتهمها أنقرة، من بين أمور أخرى، بتوفير ملاذ آمن لحزب العمال الكردستاني المحظور، والذي تصنفه تركيا وحلفاؤها الغربيون جماعة "إرهابية".

دعم واسع للقضية الكردية

ونشرت تركيا، الاثنين، قائمة بـ5 مطالب للسويد من بينها تسليم أشخاص تعتبرهم أنقرة "إرهابيين" لصلاتهم بحزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب الكردية في سوريا.

وذكرت وسائل الإعلام التركية أن هناك أشخاصاً آخرين على القائمة، من بينهم صحافيون تتهمهم أنقرة بعلاقاتهم بفتح الله غولن، الداعية المقيم في الولايات المتحدة وتتهمه أنقرة بالتورط في محاولة انقلاب فاشلة عام 2016 في تركيا.

وقال اثنان منهم، هما عبد الله بوزكورت وليفينت كينز، إنه "لم يكن مفاجئاً" أن يجدا نفسيهما جزءاً من الخلاف بين أنقرة وستوكهولم.

وروى بوزكورت: "كنا نمزح قبل شهر من قرار السويد تقديم ملفها للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي وقلنا: إذا فعلت ذلك، قد يظهر اسمانا على طاولة المفاوضات. وهذا ما حدث بالضبط".

والرجلان، اللذان أسّسا موقع "نورديك مونيتور" الإخباري، مقتنعان بأن حياتهما ستكون في خطر إذا سُلما إلى تركيا.

ويقولان إنهما واثقان من أن القضاء السويدي لن يرضخ للضغوط وسيواصل رفض مطالب أنقرة بتسليمهما، لكنهما أعربا في الوقت نفسه عن قلقهما بشأن سلامتهما في السويد، إذ تعرض بوزكورت لهجوم من جانب 3 رجال مُلثمين في العام 2020، وما زالت تحقيقات الشرطة جارية.

وقال كينز إن "وسائل الإعلام الموالية للحكومة نشرت صورنا، وهذا خطر على سلامتنا هنا".

وبدأت في أنقرة، الأربعاء، محادثات دبلوماسية بين السويد وتركيا اللتين تشهد علاقاتهما توتراً منذ سنوات، وتشكل القضية الكردية أحد أهم أسباب الخلاف بينهما.

وفيما كانت واحدة من أوائل الدول التي اعترفت بحزب العمال الكردستاني كمنظمة "إرهابية" في الثمانينات، هناك في السويد "دعم سياسي وشعبي واسع للقضية الكردية، بما في ذلك لدى برلمانيين من كل التوجهات"، كما قال بول ليفين رئيس معهد دراسات تركيا في جامعة ستوكهولم.

لحظة حقيقة

واستقبلت الدولة الاسكندنافية حوالي 100 ألف كردي من تركيا وإيران والعراق منذ السبعينات.

وقال بارزو إلياسي، الخبير في شؤون المغتربين والباحث بجامعة لينيوس: "يعتبر الكثير من الأكراد السويد وطنهم الثاني".

وكان يحكم السويد الاشتراكيون الديمقراطيون خلال الجزء الأكبر من فترة ما بعد الحرب، وتأثرت البلاد بشدة بنضال الحزب من أجل التضامن الدولي.

وتاريخياً، وفرت السويد ملاذاً آمناً للمعارضين والفارين من الاضطهاد، بالإضافة إلى مناصرتها قضايا مثل حقوق الإنسان والمرأة، لكنها الآن تجد نفسها في مواجهة "السياسة الواقعية" وفق إلياسي، الذي أشار إلى أن المفاوضات مع تركيا ستُظهر "الوجه الحقيقي للسويد"، وستكشف "ما هو قابل للتفاوض وما هو غير قابل للتفاوض".

ومن المؤكد أن "وحدات حماية الشعب" في سوريا ستكون واحدة من النقاط العالقة، فأنقرة تعتبر هذه الفصائل، التي حاربت تنظيم "داعش" في سوريا بدعم غربي، فرعاً لحزب العمال الكردستاني في سوريا.

وبعد أن تقدمت بطلب رسمي للانضمام إلى "الناتو" من أجل حماية نفسها من العدوان الروسي، يتعين على السويد الآن التعامل مع قوة أخرى، قبل 4 أشهر فقط من الانتخابات العامة.

وقال بوزكورت: "إذا استسلمت حتى قبل الانضمام إلى الناتو، أعتقد أن ذلك ستكون له نتائج عكسية وسيضعف السبب الحقيقي وراء رغبتها في الانضمام إلى الحلف في المقام الأول".

تصنيفات