بعد تصريحات قيس سعيّد.. مساعٍ لاحتواء أزمة المهاجرين الأفارقة 

time reading iconدقائق القراءة - 5
ناشطون في جماعات حقوقية تونسية خلال مظاهرة احتجاجاً على إجراءات الرئيس التونسي قيس سعيّد لوقف الهجرة غير الشرعية. 25 فبراير 2023 - REUTERS
ناشطون في جماعات حقوقية تونسية خلال مظاهرة احتجاجاً على إجراءات الرئيس التونسي قيس سعيّد لوقف الهجرة غير الشرعية. 25 فبراير 2023 - REUTERS
دبي-الشرق

تصاعدت الدعوات في تونس، الثلاثاء، إلى احتواء أزمة المهاجرين، بعد أن أمر الرئيس قيس سعيّد بطرد المهاجرين الذين لا يحملون وثائق، ما استدعى تنديداً إفريقياً، وأدى إلى تعليق البنك الدولي تعاونه مع تونس رغم إعلانها تسهيلات للأجانب المقيمين على أراضيها، في مسعى لاحتواء الأزمة.

وانتقد الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي تصريحات سعيّد، قائلاً في مؤتمر الثلاثاء: "على خلفية تصريح، كل العالم اهتز في وقت نحن بلد التسامح والقانون، وليس لدينا تمييز عنصري وندافع عن الإنسان كإنسان مهما كان لونه وعرقه".

ودعا الدبلوماسي التونسي السابق عبد الله العبيدي، الثلاثاء، إلى "احتواء" الأزمة محذراً من أنها "ستستفحل وتدوم أكثر"، في حال عدم معالجتها. وأضاف أن "الحل يكمن في تكثيف المساعي الدبلوماسية على أعلى مستوى، والعمل بجدية على معالجة الأزمة وتصحيح الوضع".

وأشار إلى أن الأزمة ألحقت ضرراً بسمعة تونس وبالعلاقات الدبلوماسية إضافة إلى المصالح الاقتصادية.

وكان سعيّد دعا الشهر الماضي إلى وضع حد لتدفق المهاجرين القادمين من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء، قائلاً إن هناك "مخططاً إجرامياً" لتوطينهم في تونس وتغيير الشكل الديموغرافي للبلاد.

وأثارت تصريحاته ردود فعل غاضبة، إذ نظمت جمعيات حقوقية ومنظمات من المجتمع المدني مسيرة غاضبة في شوارع تونس العاصمة في 25 فبراير، تنديداً بما وصفته "بالعنصرية"، ودعماً للمهاجرين القادمين من إفريقيا جنوب الصحراء.

وتفاقمت الأزمة عندما استنكر رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فكي التصريحات، ووصفها بأنها "صادمة" وتتعارض مع المبادئ التأسيسية للاتحاد.

تسهيلات

في مسعى لاحتواء الأمر، قررت السلطات التونسية منح بطاقات إقامة لمدة عام للطلبة، وتكثيف المساعدات الاجتماعية والصحية والنفسية اللازمة لكل المهاجرين واللاجئين الأفارقة عبر الهلال الأحمر التونسي.

كما قررت تسهيل عمليات المغادرة الطوعية لمن يرغب "في إطار منظم وبالتنسيق المسبق مع السفارات والبعثات الدبلوماسية"، إذ ترفض تونس أي دعاوى بأنها تمارس "العنصرية" نحو المهاجرين القادمين من إفريقيا جنوب الصحراء.

واستدعى وزير الخارجية التونسي نبيل عمار سفراء دول إفريقيا جنوب الصحراء لتأكيد التزام بلاده بحماية المقيمين الأجانب بمختلف جنسياتهم، والتصدي لظاهرة الهجرة غير النظامية "دون وصم أو تعميم".

ودعا الوزير إلى "عدم الانسياق وراء المزايدات والاتهامات التي تقوم بها جهات تحركها أغراض مختلفة"، قائلاً إن الأمر "لا علاقة له بالعنصرية بل بالهجرة غير النظامية".

وفي هذا الصدد، ذكر عماد الزغلامي، مدير عام شرطة الحدود والأجانب بوزارة الداخلية، في تصريحات الاثنين، أن عدد الأفارقة الذين يقيمون في تونس بطريقة شرعية بلغ 5376 مهاجراً، نحو 94% منهم طلبة، بينما لا توجد إحصائيات دقيقة بشأن المهاجرين غير النظاميين.

ولفت إلى أن السلطات التونسية ساعدت 383 مواطناً من دول إفريقيا جنوب الصحراء على العودة إلى بلدانهم، وهم 97 من غينيا و151 من ساحل العاج و135 من مالي.

وشدد الزغلامي على أن ما تقوم به السلطات التونسية "لا يُسمّى ترحيلاً"، مضيفاً أن "هذا التعبير يزيد من تأجيج الأوضاع، وتونس لا تُرحّل الأجانب المتواجدين فيها ولا تقوم بعمليات إجلاء".

 تبعات اقتصادية

تفاقم الوضع بعدما أعلنت مجموعة البنك الدولي تعليق المناقشات مؤقتاً مع تونس حول إطار الشراكة على المدى المتوسط بين 2023 و2027، بسبب أزمة المهاجرين الأفارقة. 

وجاءت الخطوة لتزيد من تعقيد جهود الحكومة للحصول على تمويلات دولية لمجابهة الأزمة الاقتصادية والمالية المستفحلة، كما تهدد الأزمة مساعي تونس لفتح أسواق جديدة في البلدان الإفريقية، بحثاً عن موطئ قدم جديد لصادراتها، في وقت تسعى لزيادة مبادلاتها التجارية مع بلدان إفريقيا جنوب الصحراء إلى 5 % عام 2025 من نحو 3% في 2022.

وقال أنيس الجزيري رئيس مجلس الأعمال التونسي الإفريقي: "للأزمة آثار سلبية على الصعيد الاقتصادي. انطلقت حملات لمقاطعة المنتجات التونسية، كما تأجل بدء أشغال شركات تونسية في بلدان إفريقية"، ولكنه أعرب عن قدرة تونس على تجاوز الأزمة قائلاً: "نستطيع الخروج من هذه الوضعية والتأثيرات السلبية باحتواء الأزمة سياسياً ودبلوماسياً".

واعتبر الجزيري أن ما حدث "تضخيم" لتصريحات سعيّد، مضيفاً: "هناك استياء كبير من التصريحات، ويجب القيام بتحركات دبلوماسية كبيرة على أعلى مستوى لاحتواء الأزمة عبر التواصل مع الاتحاد الإفريقي وزعماء البلدان الإفريقية".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات