"الشرق" تنقل حكايات مهاجرين عالقين على معبر الكركرات

time reading iconدقائق القراءة - 7
مهاجرون عالقون أمام المعبر الحدودي بالكركارات - الشرق
مهاجرون عالقون أمام المعبر الحدودي بالكركارات - الشرق
الكركارات-عزيز عليلو

عشرات المهاجرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء عالقون أمام المعبر البري الوحيد بين المغرب ودول غرب إفريقيا، والذي أُغلق أمام المسافرين، في ظل استمرار التوتر في المنطقة العازلة بالكركرات، ينتظرون انتهاء الأزمة أو موافقة بلدانهم على ترحيلهم.

كانت السلطات المغربية تسمح استثنائياً للمهاجرين بالمرور من معبر الكركرات نحو موريتانيا، بعد موافقة بلدانهم على ترحيلهم، لكن إجراءات الترحيل أصبحت أكثر تعقيداً بعد اندلاع أزمة المعبر أواخر أكتوبر الماضي، حين قطعت عناصر تابعة لجبهة "البوليساريو" الطريق البري بالمنطقة العازلة في الكركرات.

وأعاد المغرب فتح الطريق في المنطقة العازلة في 13 نوفمبر بتدخل عسكري، ومنذ ذلك الحين، تم استئناف مرور شاحنات نقل البضائع عبر الطريق الذي يمرّ من الكركرات، لكن عمليات الترحيل بقيت متوقفة.

"نريد العودة"

أيلو وايغو، شاب سنغالي عالق على المعبر الحدودي مع آخرين، يقول لـ"الشرق": "نحن 30 شخصاً من السنغال، نريد أن نعود إلى وطننا، ولكننا عالقون هنا منذ شهر وبضعة أيام. اتصلنا بسفير السنغال لدى الرباط، فقال إنه اتخذ كل الإجراءات اللازمة للسماح لنا استثنائياً بالعبور إلى السنغال، غير أن الأمر يتطلب بعض الصبر حتى تسمح لنا السلطات المغربية بالمرور".

وايغو كان يقطن برفقة زوجته وطفله في مدينة الدار البيضاء المغربية، ولكنه فقد وظيفته بسبب تداعيات جائحة كورونا، فقرر العودة إلى وطنه مع أسرته الصغيرة. 

حكاية وايغو مشابهة لباقي المهاجرين العالقين عند المعبر، كلهم كانوا يقيمون في المغرب وفقدوا وظائفهم، بعد نفاد كل مدخراتهم خلال فترة الإغلاق.

يضيف وايغو: "نحن مرهقون جداً، أمضينا أياماً عديدة هنا، معنا نساء وأطفال، ولم يعد بحوزتنا المال الكافي للإقامة في فندق أو شراء الطعام. خلال الأيام الـ20 الأولى كنا ننزل في فندق، لكن الآن ليس بحوزتنا أي شيء. نحن الرجال ننام في الشارع، بينما ينام الأطفال والنساء في السيارات".

أوضاع قاسية

عائشة موسى، مواطنة سنغالية، تقول لـ"الشرق" إنها كانت تعيش في مدينة الداخلة منذ عام 2014، حيث كانت تعمل في أحد الفنادق، ولكنها فقدت وظيفتها في مارس الماضي بسبب تداعيات جائحة كورونا.

وأضافت: "طيلة تسعة أشهر، لم أستطع العثور على وظيفة جديدة، ونفدت كل مدخراتي، لم يعد أمامي خيار سوى العودة إلى عائلتي في السنغال. ليس لدي المال الكافي لشراء تذكرة سفر بالطائرة. الطريق الوحيد هو عبر الكركرات ولكنه مغلق الآن".

وتابعت عائشة أن البقاء لفترة طويلة في المنطقة الحدودية يشكل خطراً على صحتهم: "لا توجد مستشفيات أو صيدليات هنا، كما أننا ننام في الشارع، ونأكل مرة واحدة في اليوم حين يحالفنا الحظ، لأننا نتسوّل المال أو الغذاء من سائقي الشاحنات والعاملين في النقطة الحدودية".

حدود مغلقة

مسؤول في شرطة الحدود المغربية في الكركرات، رفض الكشف عن اسمه، يقول لـ"الشرق" إن الطريق مغلق أيضاً أمام العشرات من المهاجرين على المقلب الآخر من المعبر، أي موريتانيا، حيث يتم منعهم من الدخول نحو المنطقة العازلة والعبور إلى المغرب.

وأضاف: "الحدود مغلقة أمام المسافرين بقرار مشترك بين المغرب وموريتانيا منذ مارس الماضي، فلا يُسمح لهم بالمرور إلا بعد حصولهم على موافقة بلدانهم على عودتهم من المعبر. المهاجرون في الجانب المغربي لم تستكمل سلطات بلدانهم إجراءات ترحيلهم. حين يتم ذلك، سنفتح الحدود أمامهم للعبور".

نفى المتحدث ذاته لـ"الشرق" أن قرار منعهم من المرور راجع لأسباب أمنية بسبب التوتر في المنطقة العازلة، ولكنه أقرّ بأن السلطات المغربية بعد تدخلها العسكري الأخير "حوّلت المنطقة العازلة في الكركرات إلى منطقة شبه عسكرية".

"منطقة شبه عسكرية"

بموجب اتفاق لوقف إطلاق النار وقعه كل من المغرب وجبهة البوليساريو مع بعثة الأمم المتحدة إلى الصحراء "مينورسو" عام 1991، أصبحت الكركرات "منطقة عازلة"، لا تخضع لسلطات المغرب ولا موريتانيا، بينما تراقب الوضع داخلها القوات الأممية.

صارت المنطقة ساحة للتصعيد خلال السنوات الأخيرة، إذ شرعت جبهة البوليساريو عدة مرات في قطع الطريق التجاري الذي يمر منها، والذي تعتبره الجبهة طريقاً "غير شرعي" لأنه لم يكن موجوداً حين تم التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار، ولم يتم افتتاحه إلا في عام 2001.

وكان آخر تصعيد يوم 21 أكتوبر الماضي، حين أقامت البوليساريو حواجز في الكركرات وأغلقت الطريق، ما دفع السلطات المغربية إلى التدخل عسكرياً لفتحه وإزالة العوائق، بحسب بيان الجيش المغرب، في 13 نوفمبر.

إثر ذلك، أعلنت جبهة البوليساريو انسحابها من اتفاق وقف إطلاق النار كما أعلنت حالة الحرب مع المغرب، بينما أقامت السلطات المغربية جداراً أمنياً على طول حدود المنطقة العازلة مع موريتانيا، يحرسه عشرات الجنود من الجيش المغربي.