مسلسل تلفزيوني يثير جدلاً عميقاً عن التوحّد في كوريا الجنوبية

time reading iconدقائق القراءة - 6
الممثلة الكورية الجنوبية بارك أون-بن في مسلسل "المحامية الاستثنائية وو" على "نتفليكس"- 1 سبتمبر 2022  - AFP
الممثلة الكورية الجنوبية بارك أون-بن في مسلسل "المحامية الاستثنائية وو" على "نتفليكس"- 1 سبتمبر 2022 - AFP
سول-أ ف ب

ساهم مسلسل كوري يركّز على محامية مصابة بالتوحّد، وتتمتع بمعدل ذكاء مرتفع، في تحريك قضية المصابين بالتوحد في كوريا الجنوبية، إذ يؤكّد هؤلاء أنّهم مهمّشون.

ومنذ أكثر من شهر، أصبح مسلسل الدراما الكورية "Extraordinary Attorney Woo" (المحامية الاستثنائية وو) أكثر مسلسل غير ناطق بالإنجليزية، يحصد مشاهدات في منصة "نتفليكس"، سائراً بذلك على خطى المسلسل الكوري الجنوبي "Squid Game" (لعبة الحبار) الذي تحوّل ظاهرة أيضاً.

وأصبح أعضاء فرقة الكيه-بوب الشهيرة "بي تي إس" من محبّي هذا العمل، لدرجة نشرهم مقطع فيديو حقق انتشاراً واسعاً على شبكات التواصل الاجتماعي، يؤدون فيه التحية الشهيرة بين شخصية يانج-وو، وصديقتها المفضلة.

ويتناول المسلسل المؤلف من 16 حلقة قصة محامية مبتدئة يساعدها مرض التوحد في تقديم حلول مذهلة لمسائل قانونية معقدة، لكنه يضعها في الوقت ذاته أمام مواقف اجتماعية يصعب عليها التعامل معها.

وأثار المسلسل الذي اعتُبر مؤثّراً جدلاً عميقاً بشأن مرض التوحد في كوريا الجنوبية. ويظهر جلياً ذكاء المحامية وو يونج-وو في العمل، وكذلك سمات التوحّد لديها من بينها الصداء اللفظي، وهو تكرار الكلمات أو الجمل بسياق غير منطقي. 
 
وتؤكد الممثلة بارك أون-بن (29 عاماً) التي حصدت آراء إيجابية عن تجسيدها هذه الشخصية، أنّها كانت بداية مترددة في قبول الدور، لإدراكها التأثير الذي قد يحمله المسلسل على النظرة العامة للمصابين بالتوحّد.

"مسؤولية أخلاقية"

وقالت أون-بن لوكالة "فرانس برس": "شعرت أنّ لديّ مسؤولية أخلاقية كوني ممثلة. كنت أعرف أن المسلسل سيؤثر حتمياً بالأشخاص المصابين بالتوحد وعائلاتهم"، مشيرة إلى أنها لم تكن واثقة من قدرتها على تجسيد هذه الشخصية المعقدة.

وأضافت: "عندما كنت أقرأ نص الدور شعرت بأنّها المرة الأولى التي لم يكن لدي فيها أدنى فكرة عمّا ينبغي القيام به، وكيفية التعامل مع الدور".

واعتبرت بعض الأسر التي تضم أفراداً يعانون التوحّد في كوريا الجنوبية، أنّ المسلسل هو مجرّد "فانتازيا"، وأنّ شخصية وو يونج-وو غير واقعية.

واعتبرت لي دونج-جو، وهي والدة طفل مصاب بالتوحّد، في حديث إلى وسيلة إعلامية محلية، أنّ النجاح بالنسبة إلى العديد ممن يعانون التوحّد على غرار شخصية المسلسل، هو بمثابة "طفل يفوز بميدالية أولمبية في ركوب الدراجات، وهو لم يتعلّم المشي بعد".

"لا يرونني"

وأشارت الأستاذة في الطب النفسي كيم إيوي-جونج من مستشفى "إيوا وومنز يونيفرسيتي موكدونج" إلى أنّ قصة يونج-وو، التي من الواضح أنها "شخصية خيالية صُممت لتحقيق أقصى قدر ممكن من التأثير الدرامي"، هي في الواقع حقيقية أكثر مما يعتقده عدد كبير من مواطني كوريا الجنوبية.

وأضافت أنّ نحو ثلث الأشخاص المصابين باضطراب طيف التوحد يتمتعون بمستوى ذكاء متوسط أو أعلى من المتوسط، وقد لا يظهرون عوارض واضحة للتوحد أو يدركون حتى أنّهم مصابون به.

وهذه هي حالة لي با-بين التي لم تُشخَّص إصابتها بالتوحّد في وقت مبكر.

وقالت با-بين إن "الناس لا يدركون بتاتاً أنواع التوحّد الخفيفة"، مضيفةً "أشعر وكأنهم لا يرونني".

وتملك لي سمات عدة مشتركة مع شخصية المحامية من بينها فرط الحساسية، والتميّز الأكاديمي رغم التنمر الذي كانت تتعرض له. ونشأت لي وهي تدرك أنها مختلفة عن الآخرين وتلوم نفسها لعدم قدرتها على الاندماج في المجتمع.

ولم تُشخّص بالتوحد إلا بعد تركها المدرسة، وبدئها علاجاً نفسياً نتيجة اكتئاب عانته، وبدأ حينها يتّضح السبب الكامن وراء علاقاتها السيئة مع الآخرين خلال فترة المراهقة.

وقالت لي: "لم أكن أنطق في تلك المرحلة أكثر من عشر كلمات يومياً. أمضيت حياتي بأكملها وأنا أعتقد أنني مجرد شخص غريب... وأنّني أتحمل مسؤولية عدم قدرتي على التواصل مع الآخرين".

فهم محدود

من جهتها، قالت كيم هي-جين، وهي أستاذة في الطب النفسي لدى المستشفى الجامعي تشونج-أنج في سول، إن "الوعي العام في شأن التوحد وفهمه بطريقة علمية محدودان جداً في كوريا الجنوبية".

ولفتت إلى أنّ عامة الناس يعتبرون أنّ التوحّد "اضطراب ينطوي على إعاقة ذهنية بالغة"، وهذه الفكرة تساهم في النسبة المحدودة لتشخيص المرض ومعالجته مبكراً.

وأوضحت أنّ متابعة المصابين بالتوحد في سن مبكرة تساعدهم على عدم "الشعور بالذنب في شأن الصعوبات التي يواجهونها (...) كتكوين صداقات والمحافظة عليها".

وتعتبر لي با-بين، أنّ تشخصيها بالتوحّد لو تمّ في مرحلة أبكر، لكان جنّبها الألم الكبير الذي عانته.

وتمكنت منذ أن شُخّصت بالتوحّد من استئناف دراستها التي تهدف من خلالها لأن تعمل في المجال الطبي.

وأوضحت لي أنّها تتمنى أن تعيش وهي تشعر بالاستقلالية، وأنّ تُنشئ علاقات مع الآخرين، على غرار المحامية وو يونج-وو، التي يبرز المسلسل بطريقة مؤثرة الصعوبات التي تعانيها في المواعدة، وحلمها في أنّ تعيش حياة مستقلة.

وأردفت: "أريد أنّ أكسب ما يكفي من المال لإعالة نفسي، ودفع تكاليف مسكني حيث يمكنني أنّ أعيش مع شخص أحبه".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات