هونج كونج.. أول انتخابات محصورة بمرشحين "وطنيين" موالين للصين

time reading iconدقائق القراءة - 9
لافتات لمرشحين في انتخابات هونج كونج - 19 ديسمبر 2021 - AFP
لافتات لمرشحين في انتخابات هونج كونج - 19 ديسمبر 2021 - AFP
هونج كونج– وكالات

أدلى سكان هونج كونج بأصواتهم الأحد، في أول انتخابات تُنظّم بعدما أجرت الصين إصلاحاً يقلّص عدد النواب المُنتخبين مباشرة ويتيح ترشّح مَن تعتبرهم الحكومة "وطنيين"، إثر إقرار قانون الأمن القومي في المدينة.

وسيُنتخب 90 نائباً الأحد، مع تصويت السكان لعشرين منهم فقط. وسيتم اختيار 40 آخرين من لجنة مؤيّدة لبكين تضمّ 1448 عضواً، فيما أن مجموعات مهنية ستختار الثلاثين الباقين، كما أفادت وكالة "بلومبرغ".

وأشارت الوكالة إلى أن الاقتراع يبدو مختلفاً تماماً عن سابقيه في المستعمرة البريطانية السابقة، نتيجة سجن مؤيّدين للديمقراطية، أو إقامتهم في المنفى أو منعهم من خوض السباق، مضيفة أن جميع المرشحين خضعوا لتدقيق، من أجل إثبات ولائهم للحزب الشيوعي الصيني.

وأرجأت هونج كونج التصويت، الذي كان مقرراً في سبتمبر 2020، مبرّرة الأمر بأزمة فيروس كورونا المستجد، ممّا منع المعارضة من الاستفادة من زخم شعبي، بعد احتجاجات ضخمة مؤيّدة للديمقراطية شهدتها المدينة، في عام 2019، وفرض بكين قانوناً صارماً للأمن القومي، بحسب "بلومبرغ".

نسبة التصويت

وكالة "أسوشيتد برس" ذكرت أن المدينة شهدت احتجاجات مؤيّدة للديمقراطية، في عامَي 2014 و2019، "سحقتها" قوات الأمن، وأعقبها فرض قانون الأمن القومي الذي "أسكت معظم ناشطي المعارضة، ودفع آخرين إلى الفرار إلى الخارج".

وحضّ زعماء الحكومة في هونج كونج السكان على التصويت، معتبرين أن للاقتراع صفة تمثيلية. وشددوا على أن الإصلاح الانتخابي وقانون الأمن القومي، كانا مطلوبين لضمان الاستقرار بعد احتجاجات 2019، بحسب وكالة "رويترز".

وأشارت الوكالة إلى أن الإقبال على الانتخابات كان من أهم المسائل التي نوقشت خلال الحملات الانتخابية، مضيفة أن الحكومة أرسلت السبت رسائل نصية لكل سكان هونج كونج، تحضّهم على الإدلاء بأصواتهم، فيما دعا معارضون الناخبين إلى المقاطعة، احتجاجاً على التدابير المُتخذة في المدينة، علماً أن تحريض الناس على مقاطعة الانتخابات أو الإدلاء بصوت باطل، يُعتبر جريمة في هونج كونج.

ونقلت الوكالة عن شهود إن المؤشرات الأولية تفيد بأن نسبة المشاركة كانت أقلّ من الانتخابات التشريعية الأخيرة، في عام 2016. وبعد 5 ساعات على فتح مراكز الاقتراع، أظهرت أرقام حكومية أن 14.3٪ من الناخبين أدلوا بأصواتهم، مقارنة بـ18.88% في الوقت ذاته قبل 4 سنوات. وبلغت نسبة المشاركة في الانتخابات السابقة 58%، فيما أن نسبة 43.6% التي سُجّلت في عام 2000، كانت الأدنى منذ أعادت بريطانيا المدينة إلى الحكم الصيني، في عام 1997.

وأعربت الأكاديمية تام بو تشو (79 سنة) عن أملها بأن يستجيب البرلمان الجديد لتطلّعات السكان، فيما أعلن آخرون أنهم لن يصوّتوا، معتبرين أن التعديلات حوّلت الاقتراع إلى "اختيار" والمجلس التشريعي إلى "دمية". وقال بيتر (21 سنة)، وهو طالب جامعي: "رفضُ التصويت هو كما يبدو الطريقة الوحيدة لنا للتعبير عن مظالمنا".

وقال الناشط تشان بو يينغ لوكالة "فرانس برس" إن الرئيسة التنفيذية لهونج كونج، كاري لام، "تحدثت عن تحسين في النظام الانتخابي، لكنه في الواقع يحرم سكان هونج كونج من حقهم في التصويت".

"نظام انتخابي محسّن"

لام زارت مركزاً للاقتراع الأحد، وقالت إن "لا توقعات خاصة لديها" بشأن نسبة التصويت. وأضافت: "أودّ أن أقول إن الحكومة لم تحدّد أي هدف لمعدل إقبال الناخبين، لا لهذه الانتخابات، ولا للانتخابات السابقة، لأن هناك مجموعة من العوامل التي ستؤثر في نسبة إقبال الناخبين في أيّ انتخابات"، بحسب "أسوشيتد برس".

ونفت لام أن يكون التصويت عبارة عن انتخابات لمرشحين متشابهين، مشيرة إلى أن المرشحين الـ153 ينتمون إلى "خلفيات سياسية مختلفة"، علماً أن "بلومبرغ" أفادت بأن حكومة المدينة تريد من المواطنين المصادقة على النظام الجديد الذي فرضته بكين، من خلال تسجيل نسبة تصويت كافية، وتجنّب مهانة تقلّص الإقبال.

وقبل أن تدلي لام بتصريحها، نظم متظاهرون من "رابطة الديمقراطيين الاجتماعيين" المعارضة، احتجاجاً قرب مركز الاقتراع، مرددين "نريد اقتراعاً عاماً حقيقياً"، كما رفعوا لافتة كُتب عليها "مُرغمون على الصمت... روح الحرية، صوّتوا بضميركم".

وكانت لام قالت لصحيفة "جلوبال تايمز" الرسمية الصينية، في 7 ديسمبر: "تقع على عاتقنا مسؤولية شرح خصائص النظام الانتخابي المحسّن في هونج كونج وتشجيع كل ناخب مسجّل على ممارسة حقوقه المدنية". واعتبرت أن "نسبة الإقبال لا تعني شيئاً". وتابعت: "عندما تحقق الحكومة أموراً جيدة وتكون صدقيتها قوية، تصبح مشكلة الناخبين أقلّ لأن الناس لا يشعرون فعلياً بالحاجة إلى اختيار ممثلين جدد".

استبعاد "خونة" من الاقتراع

وشدّدت السلطات الاجراءات الأمنية في المدينة، إذ نشرت 10 آلاف شرطي وحوالى 40 ألف عامل حكومي في الانتخابات. وأدرج قائد الشرطة، ريموند سيو، هذا الانتشار في إطار ضمان تصويت آمن وسلس في مئات من مراكز الاقتراع.، فيما حضّ مسؤول الأمن في المدينة، جون لي، وهو قائد سابق للشرطة، السكان على التصويت، واصفاً المستبعدين من الانتخابات بأنهم "خونة" أرادوا إفشال الاقتراع، بحسب "رويترز".

وعشية الانتخابات، اعتقلت السلطات أكثر من 10 أشخاص، بزعم تحريض السكان على الإدلاء بأوراق بيضاء في الاقتراع.

وستكون المواصلات العامة مجانية الأحد، لتشجيع التصويت، في خطوة تُعتبر سابقة. وللمرة الأولى في المدينة، ستتيح مراكز اقتراع على الحدود، أن يصوّت أكثر من 18 ألف شخص من سكان هونج كونج، يقيمون في الصين القارية وسجّلوا أسماءهم للاقتراع.

وحذر وزير الشؤون الدستورية والبرّ الرئيس، إريك تسانج، من أن قوى أجنبية قد تحاول تقويض الانتخابات، بعدما دعا ناشطون مقيمون في الخارج إلى مقاطعة التصويت.

وتنصّ قوانين الانتخابات الجديدة، على أن التحريض على المقاطعة والإدلاء بأصوات باطلة قد يؤديان إلى السجن لثلاث سنوات وغرامة مقدارها 200 ألف دولار هونج كونجي (26500 دولار)، بحسب "أسوشيتد برس".

وأظهر استطلاع أعدّه "معهد هونج كونج لأبحاث الرأي العام"، أن 39٪ من السكان رجّحوا ألا يصوتوا، علماً أن ثمة 4.4 مليون ناخب. لكن "الحزب الديمقراطي"، أبرز قوى المعارضة، لم يقدّم أي مرشّح، بعدما حققت المعارضة نصراً ساحقاً في انتخابات مجلس المقاطعة عام 2019، وسيطرت على البرلمان.

تعزيز الموالين لبكين

ونقلت "بلومبرغ" عن إيفان تشوي، وهو محاضر بارز في جامعة هونج كونج الصينية، قوله: "تخلّت الحكومة الصينية عن أحزاب المعارضة، إذ تعتقد بأنها لم تكن مفيدة بل ضارّة بالنسبة إلى هونج كونج". وأضاف أن بكين تريد من الحكومة والمجلس التشريعي الجديد العمل معاً لتمرير مشاريع القوانين، بسهولة و"من دون معارضة".

واعتبر أن "فرصة كاري لام في إعادة انتخابها ستكون أقلّ بكثير"، خلال التصويت على الرئيس التنفيذي المقبل للمدينة، في 27 مارس 2022، "إن لم تسر الأمور كما هو مخطط لها في يوم الاقتراع".

وأشارت "أسوشيتد برس" إلى أن البرلمان الصيني أقرّ، في مارس الماضي، قراراً لتغيير قانون الانتخابات في هونج كونج، اعتبر كثيرون أنه ينهي عملياً مفهوم "دولة واحدة بنظامين" الذي بموجبه تحتفظ المدينة بمؤسساتها القانونية والسياسية والمالية، لنصف قرن بعدما استعادتها بكين من لندن، في عام 1997.

ومنح البرلمان لجنة مؤيّدة للصين، سلطة تعيين مزيد من النواب في هونج كونج، وتقليص نسبة أولئك المنتخبين مباشرة، والسماح بترشّح للموالين لبكين فقط.

هذه الخطوة وسّعت حجم البرلمان في المدينة، من 70 إلى 90 مقعداً، بما في ذلك 40 مخصّصة لأعضاء في "لجنة الانتخابات"، وهي هيئة مؤيّدة بشدة لبكين وتنتخب الرئيس التنفيذي. وتنتخب مجموعات أعمال 30 مقعداً آخر، فيما قُلّص عدد الممثلين المنتخبين مباشرة، من 35 إلى 20.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات