رئيس الموساد السابق يكشف تفاصيل عمليات إسرائيلية استهدفت برنامج إيران النووي

time reading iconدقائق القراءة - 8
يوسي كوهين رئيس جهاز الاستخبارات الإسرائيلي "الموساد" السابق - AFP
يوسي كوهين رئيس جهاز الاستخبارات الإسرائيلي "الموساد" السابق - AFP
دبي -الشرق

كشف رئيس الموساد السابق يوسي كوهين، الذي تقاعد من عمله رئيساً للجهاز الاستخباراتي الإسرائيلي، الأسبوع الماضي، تفاصيل دقيقة عن عمليات الموساد الأخيرة ضد إيران، وعلاقاته مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وطبيعة مهنته السرية، وذلك عبر مقابلة في التليفزيون الإسرائيلي، مساء الخميس.

وبحسب ما نقلته صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" عن هذه المقابلة، ألمح كوهين إلى أن الموساد "قام بنسف منشأة إيرانية لأجهزة الطرد المركزي تحت الأرض في نطنز"، ووصف بدقة عملية 2018 التي سرق خلالها الموساد "الأرشيف النووي الإيراني من خزائن في مستودع بالعاصمة طهران".

وأكد الرئيس السابق للموساد أن العالم النووي الإيراني الكبير، محسن فخري زاده، الذي تم اغتياله "كان تحت نظر الموساد لسنوات"، وقال إن "النظام الإيراني بحاجة إلى أن يفهم أن إسرائيل تعني ما تقوله، عندما تتعهد بمنع إيران من الحصول على أسلحة نووية".

وفي ثنايا ما تبدو "المقابلة الأكثر كشفاً لرئيس للموساد أنهى خدمته مؤخراً"، كما وصفتها الصحيفة الإسرائيلية، قال كوهين، الذي عيَّنه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إنه "لا يستبعد أن يسعى لأن يكون رئيساً للوزراء ذات يوم"، على الرغم أنه "لا يفكر في الأمر في الوقت الحالي". 

وتفترض الصحيفة الإسرائيلية أن المقابلة حظيت بموافقة الجهات الرقابية العسكرية في إسرائيل، وأن كوهين "كان حذراً في العديد من المناسبات"، لكنه رغم ذلك تحدث عن عمله وفلسفته والعمليات الرئيسية "بانفتاح وإسهاب غير معتاد على الإطلاق من قادة التجسس، خاصة أولئك الذين انتهت خدمتهم مؤخراً".

اختراق المنشآت النووية الإيرانية

وفي وقت مبكر من المقابلة التي استمرت على مدى أكثر من ساعة مع الصحافية إيلان دايان عبر برنامجها الوثائقي "أوفدا" (الحقيقة) على القناة 12 الإسرائيلية، أشار كوهين إلى أنه "على دراية تامة" بالمواقع النووية الإيرانية المختلفة، وقال لدايان إنه "لو أتيحت لي الفرصة، فسأصطحبك إلى مخبأ نطنز القابع تحت الأرض"، حيث "تعمل أجهزة الطرد المركزي".

وبسؤاله عمَّا إذا كان هذا المخبأ "لم يعد سرياً فيما يبدو"، أجاب كوهين: "نعم، هذا صحيح"،  وعندما أردفت المحاورة: "ما لم يكونوا أصلحوه"، أصرَّ كوهين على أنَّ "الأمر لم يعد كما كان من قبل".

ولم يؤكد كوهين صراحة خلال المقابلة مسؤوليته عن الدمار الذي وقع في نطنز، لكنه قال بشكل عام، وفقاً لما نقلته الصحيفة الإسرائيلية: "نقول بوضوح [لإيران] إننا لن ندعكم تحصلون على أسلحة نووية. ما الذي لا تفهمونه في ذلك؟".

وأشارت دايان إلى أن تقارير أجنبية نسبت "انفجارين كبيرين وقعا في العام الماضي إلى الموساد"، وأوضحت أن "كمية كبيرة من المتفجرات" تمت زراعتها في منصة رخامية تستخدم لموازنة أجهزة الطرد.

وأضافت أنه "أصبح واضحاً أن الرجل المسؤول عن هذه التفجيرات حرص على تقديم الأساس الرخامي الذي ستوضع عليه أجهزة الطرد المركزي إلى الإيرانيين"، وأنه "عندما ركَّب الإيرانيون هذه القاعدة داخل منشأة نطنز، لم يكونوا يعلمون أنها تحتوي بالفعل على كمية ضخمة من المتفجرات".

محسن فخري زاده

وفيما يتعلق بالعالم النووي الإيراني محسن فخري زاده، الذي قالت عنه إسرائيل إنه "أبو برنامج الأسلحة النووية الإيراني المارق"، والذي قتل في كمين بالقرب من طهران في نوفمبر 2020، ونسبت عملية قتله على نطاق واسع إلى إسرائيل، قال كوهين إن الموساد "كان يراقب فخري زاده عن كثب منذ سنوات"، وأن الموساد كان "قريباً منه فعلياً قبل نوفمبر 2020".

وأوضح كوهين: "كان فخري زاده مزعجاً من منظور العلم والمعرفة"، وبناءً على ذلك "كان هدفاً لجمع المعلومات الاستخباراتية على مدى سنوات عديدة".

وقالت المحاورة عن مقتل فخري زاده: "لا يستطيع كوهين تحمل مسؤولية هذا العمل، لكن العملية بأكملها تحمل توقيعه الشخصي". 

الوثائق النووية الإيرانية

ووصف كوهين، خلال المقابلة، كيف خطط الموساد لسرقة الأرشيف الضخم للوثائق النووية الإيرانية من مستودع في طهران مساء الـ31 من يناير 2018، وهي العملية التي أعلنت إسرائيل مسؤوليتها عنها. 

وقال كوهين إنه أدار العملية "من مركز قيادة الموساد في تل أبيب"، وأن الموساد كان قد بدأ العمل على ذلك قبل عامين "بناءً على تعليماته".

وأضاف: "فهمنا أنهم يخزنون أسرارهم النووية، الأشياء التي لم نكن نعرفها، في هذا المكان، فقررت أننا يجب أن نرى ما يخططه لنا الإيرانيون، وأخبرت رجالي أن عليهم الاستعداد لإحضار هذه الوثائق إلى تل أبيب"، لأنها قد تكشف "الصورة الكبرى" للبرنامج الإيراني. 

وقالت دايان إن "20 من عملاء الموساد شاركوا في هذه العملية لم يكن أي منهم مواطناً إسرائيلياً"، فيما كشف كوهين أن "الموساد أنشأ نسخة مطابقة للموقع، وعلم كل شيء عن الخزائن التي تحتوي على الوثائق، وكيف يتم ترتيبها". 

وأشار كوهين إلى أنهم عرفوا أن لديهم 7 ساعات كحد أقصى داخل الموقع، و"بعد ذلك، ستصل الشاحنات والحراس والعمال"، وعندئذ "لا يمكنك القفز من فوق الأسوار أو الاندفاع من خلال الجدران".

وقام الفريق بتعطيل أجراس الإنذار، وإزالة أبواب المستودع، وفتح 32 خزنة تحتوي على الوثائق. ولم يستغرق فتح خزائن كهذه "أكثر من دقائق لكل خزنة"، بحسب وصف رئيس الموساد السابق. 

وعندما تم فحص صور الوثائق الفارسية والمواد الأخرى الموجودة في الخزائن في مركز القيادة في تل أبيب في نفس الوقت، و"أدركنا أن ما كنا نريده صار تحت أيدينا، وأننا أمام برنامج إيران النووي العسكري، انتابتنا جميعاً حالة من الإثارة لا يمكن وصفها"، كما قال كوهين. 

وأشارت دايان إلى أن الموساد كان لديه العديد من "الشاحنات التمويهية" التي كانت تتحرك في جميع أنحاء طهران "لصرف الإيرانيين عن الشاحنة الوحيدة" التي كانت تحمل "50 ألف وثيقة، و163 أسطوانة" إلى خارج إيران "عن طريق البر"، وهو ما لم ينكره كوهين. 

وكشف نتنياهو النقاب عن هذه العملية في مؤتمر صحافي عقد في أبريل 2018، حيث وصف العملية بأنها "أحد أكبر الإنجازات الاستخباراتية في تاريخ إسرائيل"، وأنها دليل على أن إيران "كانت تكذب" عندما ادعت أنها "لا تسعى لامتلاك أسلحة نووية"، على حد تعبيره.

العلاقة مع نتنياهو

بعد تعرضه لانتقادات على خلفية قربه من نتنياهو، وسماحه لرئيس الوزراء الإسرائيلي باستخدام عمليات الموساد لإحراز نقاط سياسية، أوضح كوهين أن كل ما فعله نتنياهو في المؤتمر الصحافي الذي عقد في أبريل 2018 هو "مناقشة المواد، دون مناقشة العملية". 

وقال إن جميع القادة الأمنيين في إسرائيل ناقشوا مع نتنياهو إيجابيات وسلبيات الكشف عن العملية"، مؤكداً أنه "لم يعترض على ذلك أحد". 

وبتذكيره بأن سلفه تامير باردو انتقد بشدة ما أسماه "إذلال العدو"، أصرَّ كوهين على أن "الكشف عن هذه المواد الاستخباراتية" كان هو "القرار الصائب"، وأن نتنياهو تعامل "بنزاهة احترافية" في هذا الأمر وغيره، على حد تعبيره. 

الموقف من غزة

وقال كوهين إنه "كان مخطئاً" في "دعمه ومساعدته بشكل شخصي" في ترتيب "تدفق مئات الملايين من الدولارات من قطر على غزة" في السنوات الأخيرة، لافتاً إلى أنَّ هذه الأموال لم يكن الهدف منها حفر الأنفاق أو بناء الصواريخ وإنما "مساعدة المدنيين في غزة". 

وأشار إلى أنه كان يعتقد أنه إذا تحسنت حياة المدنيين في غزة، فإن "دوافع اختلاق الأزمات وشن الحروب ستتراجع"، وقال: "لقد كنت مخطئاً".

وبسؤاله، في هذا السياق، عما إذا كان يأمل في أن يصبح يوماً "رئيساً للوزراء"، أجاب كوهين: "ليس الآن"، وعندما سألته دايان: "لكنك لا تستبعد ذلك"، أجابها كوهين: "بالفعل". 

اقرأ أيضاً: