شدّد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب قبضته على الحزب الجمهوري، بعد إقصاء النائبة ليز تشيني من منصبها كرئيسة لمؤتمر الحزب في مجلس النواب، إثر رفضها تشكيكه بنتيجة انتخابات الرئاسة التي نُظمت العام الماضي. لكن تشيني تحوّلت في الوقت ذاته إلى زعيمة للمعارضة المناهضة لترمب داخل الحزب.
وأفادت وكالة "بلومبرغ"، بأن تصويت النواب الجمهوريين الـ 212 على إقصاء تشيني، أنهى "دراما طال أمدها"، معتبرة أن القرار بإطاحتها "يؤكد القبضة الحازمة التي لا يزال ترمب يمارسها على كثيرين من النواب الجمهوريين، الذين يرون أن دعمه ضروري لاستعادة مجلس النواب في عام 2022"، في إشارة إلى انتخابات التجديد النصفي للكونغرس العام المقبل.
أما وكالة "أسوشيتد برس" فأفادت بأن "ترمب بات أكثر جرأة من أي وقت، إثر تصويت الجمهوريين في مجلس النواب الأربعاء، على إقالة تشيني، عقب 6 أشهر على خسارته" أمام الرئيس جو بايدن.
واعتبرت الأمر "أحدث مؤشر على مدى قوة ترمب في إحكام قبضته على حزب جمهوري لا يتيح الآن مساحة كبيرة للذين يجرؤون على مواجهة أوهامه الانتخابية".
"مسار محرج"
وأضافت الوكالة أن موقف الرئيس السابق "يدفع بعض الجمهوريين إلى مسار محرج، في التعهد بالولاء لترمب مع الاعتراف برئاسة" بايدن.
وأقرّ زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس النواب كيفن مكارثي، الذي تقرّب من ترمب وقاد الحملة المناهضة لتشيني، بعد عزلها الأربعاء، بشرعية انتخاب بايدن، قائلاً: "أعتقد بأن أحداً لا يشكك بشرعية انتخابات الرئاسة".
ولفتت "أسوشيتد برس"، إلى أن ترمب كثّف خلال الأسابيع الأخيرة هجماته على نتيجة الانتخابات، مصدراً بيانات تندّد بما يسمّيه "انتخابات رئاسية مزيفة".
وأضاف في بيان أصدره هذا الأسبوع: "إذا سرق لص كل الماسات (انتخابات 2020) في محلّ مجوهرات، فيجب إعادة الماس".
ونقلت الوكالة عن الرئيس الجمهوري السابق لمجلس النواب، نيوت غينغريتش، وهو صديق قديم لترمب ومستشار غير رسمي له قوله: "بصرف النظر عمّا تعتقده بقية البلاد، أو أياً كان ما يعتقده خصومه في وسائل الإعلام، فهو (ترمب) يعتقد بأنه خسر البيت الأبيض بشكل غير شرعي، وهذه ضغينة كبيرة جداً، لذلك أعتقد بأنه لن يتخلّى بسهولة عن هذا الشعور بالظلم".
وأردف غينغريتش: "أعتقد بأنه سيكون هناك تركيز جديد على ملفات تساعد (الجمهوريين) على الفوز بالأغلبية. هناك مسائل أكثر من كافية للقتال من أجلها، وأعتقد بأن (الجمهوريين) سينجذبون أكثر فأكثر لمواجهة بايدن".
تكلفة إقصاء تشيني
أما السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، فقال لشبكة "فوكس نيوز": "يستحيل على الحزب أن يمضي قدماً من دون أن يكون الرئيس ترمب زعيمه، لأن المحافظين اختاروه زعيماً لهم".
لكن آخرين يحذرون من أن إقصاء تشيني قد يزيد من وتيرة ابتعاد ناخبين عن الحزب، خصوصاً أولئك في الضواحي الذين تركوا الحزب بأعداد ضخمة خلال عهد الرئيس السابق.
وقالت النائبة السابقة ميا لوف، المرأة الوحيدة من أصل إفريقي التي دخلت الكونغرس ممثلة للجمهوريين، إن على قادة الحزب "معرفة ما سيفعلونه بشأن نساء الضواحي، لأن ذلك لا يضعنا في الاتجاه الصحيح في ما يتعلّق بكسب أصواتهن".
وزادت: "ثمة تكلفة لكل شيء، وآمل بأن يكونوا مستعدين لتفهّم تكلفة ذلك. إذا كانت تكلفة ترؤس (تشيني) مؤتمر (الحزب) مرتفعة جداً، آمل بأن يدركوا أنهم سيدفعون في مقابل ذلك، بطريقة أو بأخرى".
تباين جمهوري
وأشارت "بلومبرغ" إلى أن إقصاء تشيني لم يُسوِّ الخلاف الحزبي بالكامل، إذ يذكر أعضاء جمهوريون محافظون في مجلس النواب، بقيادة النائب تشيب روي، أنهم ليسوا مقتنعين بعد باختيار إليز ستيفانيك للمنصب، علماً أنها انتُخبت نائبة بوصفها معتدلة، وصوّتت ضد برامج جمهورية أكثر من تشيني، قبل أن تصبح من أشد مؤيّدي ترمب.
وقال النائب بوب غود: "أعتقد بوجوب حصول تنافس جدي، وليس تتويجاً فعلياً لخليفة مختار بعناية". أما النائب كين باك فطالب بمرشّح آخر لمنصب رئيس مؤتمر الجمهوريين، لتمكين "الذين لا يريدون التصويت لإليز ستيفانيك" من اختيار "شخص آخر يصوّتون له".
ونبّه النائب آدم كينزينغر إلى أن إقصاء تشيني قد يؤذي الحزب، قائلاً: "ما حدث كان محزناً. أؤيّد الوحدة والحقيقة، وأعتقد بأن هذا ما كانت ليز تقوله".
واعتبرت "بلومبرغ"، أن الجمهوريين "لم يتخلّصوا" من تشيني، ولو بعد إقصائها من منصبها. وأضافت أنها أدّت "دوراً مهماً، بوصفها زعيمة جديدة للمعارضة المناهضة لترمب"، علماً أنها كانت مرشّحة قبل أشهر لرئاسة مجلس النواب مستقبلاً.
تشيني التي لا تزال الممثل الوحيد لولاية وايومنغ في المجلس، قالت بعد دقائق على عزلها: "لا يمكننا أن نتبنّى الكذبة الكبرى (تزوير الانتخابات) ونلتزم بالدستور في الوقت ذاته. سأفعل كل ما في وسعي لضمان عدم اقتراب الرئيس السابق مرة أخرى من المكتب البيضاوي".
وتابعت: "يجب أن نمضي قدماً على أساس الحقيقة. الأمّة بحاجة إلى حزب يستند إلى المبادئ الأساسية (للتيار) المحافظ".