إيران خططت لهجمات انتقامية ضد أميركا وإسرائيل في إفريقيا

time reading iconدقائق القراءة - 6
عناصر من الحرس الثوري الإيراني - REUTERS
عناصر من الحرس الثوري الإيراني - REUTERS
دبي-الشرقبالشراكة مع "نيويورك تايمز"

كشفت صحيفة "نيويورك تايمز"، أن النظام الإيراني كان يخطط لاستهداف سفارات ومقار دبلوماسية في دول إفريقية، في إطار حملة أوسع للبحث عن "أهداف سهلة"، للانتقام لخسائر كبيرة مؤلمة تكبدتها مؤخراً. 

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين (لم تسمهم)، أن الاستخبارات الإيرانية قامت بتنشيط خلية نائمة في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا الخريف الماضي، بهدف رئيسي يتمثل في جمع معلومات استخباراتية عن سفارتي أميركا وإسرائيل.

وأضافت في تقرير مفصّل، أن محاولة استهداف السفارة الإماراتية في أديس أبابا في فبراير الماضي، كانت من تدبير إيران، وتأتي في إطار حملة أوسع للبحث عن أهداف سهلة في دول إفريقية يمكن لإيران أن تنتقم بها لخسائر كبيرة مؤلمة، مثل مقتل العالم النووي محسن فخري زاده، وقائد "فيلق القدس"، اللواء قاسم سليماني في غارة بطائرة أميركية مسيرة في العراق، يناير 2020.

وأوضحت الصحيفة الأميركية، أنه عندما كشفت وكالة الاستخبارات الإثيوبية مؤخراً عن خلية مؤلفة من 15 شخصاً، كانت تراقب سفارة الإمارات إلى جانب مخبأ للأسلحة والمتفجرات، قالت إنها أحبطت هجوماً كبيراً كان من المحتمل أن ينشر الدمار في العاصمة، لكنها أغفلت ذكر إحدى التفاصيل الرئيسية بشأن من يقف وراء المؤامرة.

ووفقاً للصحيفة، قال الإثيوبيون إن الدليل الوحيد، كان هو اعتقال الشخص السادس عشر، الذي اتهم بأنه قائد الخلية، بعد القبض على أحمد إسماعيل في السويد بالتعاون مع "أجهزة استخبارات إفريقية وآسيوية وأوروبية صديقة".

بينما قالت الأدميرال هايدي بيرغ مديرة الاستخبارات في قيادة البنتاغون بإفريقيا استناداً إلى مصادر استخباراتية غربية، إن إيران هي التي تقف وراء الأشخاص الخمسة عشر الذين اعتقلوا في إثيوبيا، مضيفة أن "العقل المدبر لهذا المخطط الفاشل" هو إسماعيل الذي اعتقل في السويد.

ونقلت الصحيفة الأميركية عن بيان أصدرته بيرغ، أن "إثيوبيا والسويد تعاونتا على إحباط هذه المؤامرة".

نفي إيراني

في المقابل، نفت إيران الاتهامات، وقالت متحدثة باسم السفارة الإيرانية في أديس أبابا: "هذه ادعاءات لا أساس لها من الصحة، أثارتها فقط وسائل إعلام خبيثة تابعة للنظام الصهيوني"، في إشارة إلى إسرائيل، مضيفة: "لم تقل إثيوبيا ولا الإمارات أي شيء عن التدخل الإيراني في هذه القضايا".

عاصمة دبلوماسية لإفريقيا

بينما قال عدة دبلوماسيين إن إثيوبيا، بصفتها العاصمة الدبلوماسية لإفريقيا وموطن مقر الاتحاد الإفريقي، "تحاول تجنب التورط بشكل علني في قضايا حساسة تتعلق بقوى كبرى".

مع ذلك، قال جهاز الاستخبارات والأمن الوطني الإثيوبي، إن مجموعة ثانية من المتآمرين كانوا يستعدون لضرب السفارة الإماراتية في الخرطوم، فيما أكد مسؤول سوداني (اشترط عدم الكشف عن هويته) تلك الرواية.

كما ربط مسؤول بارز بوزارة الدفاع الأميركية (طلب عدم ذكر اسمه)، الاعتقالات في إثيوبيا بالخطة الإيرانية الفاشلة لقتل سفير الولايات المتحدة في جنوب إفريقيا، وهو ما أوردته صحيفة "بوليتيكو" في سبتمبر الماضي.

ولفتت الصحيفة إلى أن الكثير من الأمور بشأن الاعتقالات الإثيوبية والدور الإيراني المزعوم، ظلت غامضة. ولم توجه الشرطة الإثيوبية بعد اتهامات رسمية للمشتبه بهم الخمسة عشر، ولم يتم التعرف إلا إلى اثنين منهم. 

لكن مسؤولين إسرائيليين يقولون إن ثلاثة منهم على الأقل "ربما يكونون عملاء إيرانيين فعليين، بينما تم القبض على الآخرين في إطار حملة التفتيش الإثيوبية".

ضغوط إضافية على بايدن

ووفقاً للصحيفة، تأتي الاعتقالات في إثيوبيا في وقت تتزايد فيه الحساسية السياسية بين إيران والولايات المتحدة، إذ تدرس إدارة الرئيس جو بايدن موقفها تجاه طهران، وما إذا كانت ستعيد إحياء الاتفاق النووي الذي أبرمته عام 2015، إدارة الرئيس السابق باراك أوباما مع إيران، وانسحب منه خلفه دونالد ترمب.

وما يزيد من الضغوط على الرئيس بايدن، اقتراح وزير الاستخبارات الإيراني الأسبوع الماضي أن بلاده قد تسعى للحصول على أسلحة نووية إذا لم تُرفع العقوبات الأميركية قريباً.

وبينما أكدت الأدميرال بيرغ عدة تفاصيل حول دور إيران في الاعتقالات في إثيوبيا، رفض مسؤولون عسكريون ودبلوماسيون آخرون في واشنطن مناقشة الأمر.

قال بروس ريدل، وهو موظف سابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه): "إفريقيا مكان سهل نسبياً للعمل، وإثيوبيا منشغلة بقضايا أخرى". 

لعبة "قط وفأر" بإفريقيا

ورجحت الصحيفة، أن الحادث الغامض في سبيله لأن يصبح الأحدث في سلسلة من حوادث "القط والفأر" بين عملاء إيرانيين وإسرائيليين على الأراضي الإفريقية في السنوات الأخيرة.

وفي أماكن أخرى بإفريقيا، يقول مسؤولو استخبارات إسرائيليون إنهم كثيراً ما يطلعون دولاً صديقة على أنشطة إيرانية مشتبه بها.

في كينيا، أوقفت السلطات إيرانيين اثنين عام 2012، ووجهت إليهما تهمة حيازة 15 كيلوغراماً من المتفجرات، وهما يقضيان الآن أحكاماً بالسجن لمدة 15 عاماً.

وقال مسؤولون كينيون، إن المتهمين عنصرين في "فيلق القدس" التابع لـ"الحرس الثوري الإيراني"، وقال محاموهم إن الاستخبارات الإسرائيلية استجوبتهما أثناء احتجازهما في كينيا.

وبعد أربع سنوات، في عام 2016، رحلت كينيا إيرانيين اثنين اعتقلتهما خارج السفارة الإسرائيلية بعد أن صورا لقطات فيديو للمنشأة. وقالت إيران آنذاك، إن الرجلين اللذين كانا يستقلان سيارة دبلوماسية إيرانية، "مدرسين جامعيين".

هجمات في آسيا وأوروبا

ووفقاً للصحيفة، يُشتبه في شن عملاء إيرانيين بهجمات، أو هجمات أحبطت في دول من بينها جورجيا وتايلاند والهند. 

في 4 فبراير، جردت محكمة بلجيكية مبعوثاً إيرانياً من وضعه الدبلوماسي، وحكمت عليه بالسجن لمدة 20 عاماً بتهمة تنسيق مؤامرة لتفجير تجمعاً للمعارضة الإيرانية في فرنسا عام 2018.

تلك المؤامرة الفاشلة، وأخرى في الدنمارك دفعت الاتحاد الأوروبي عام 2019 إلى فرض عقوبات على وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية، التي يقول مسؤولون إسرائيليون، إنها الوكالة التي دبرت العملية في إثيوبيا.

اقرأ أيضاً: