أطلق المغرب إجراءات قانونية في ثلاث دول أوروبية، هي: فرنسا وألمانيا وإسبانيا، على خلفية اتهامه بـ"التجسس غير القانوني باستخدام برنامج بيجاسوس"، الذي طورته شركة "إن إس أو" الإسرائيلية.
وكانت منظمة "فوربيدن ستوريز" غير الحكومية ومقرها باريس، ومنظمة العفو الدولية، ذكرتا في يوليو الماضي، أنهما تملكان قائمة بأرقام هواتف تم اختراقها من قبل أجهزة أمنية مغربية، وأشارتا في تقرير نشرته وسائل إعلام عالمية، على غرار "لوموند"، إلى أن "المغرب تجسس على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس حكومته و14 عضواً فيها، بالإضافة إلى صحافيين ونشطاء". كما ذكر التقرير أنه تم التجسس على عشرات المسؤولين الجزائريين، وآخرين في إسبانيا.
وأفادت وكالة الأنباء المغربية بأن الرباط ستباشر من خلال مكتب المحاماة "إيرنيستو دياث-باستين إي أبوجادوس" (في إسبانيا)، إجراءات قانونية أمام المحاكم الإسبانية، على خلفية ما قالت إنه "النشر والبث المتكرر على التراب الإسباني لافتراءات كاذبة، مغرضة ومضللة ضد المملكة، وذلك ارتباطاً بالتجسس غير القانوني المزعوم على مواطنين إسبان".
وأشار مكتب المحاماة إلى أنه "لم يسبق للمملكة المغربية الحصول على البرنامج المسمى بيجاسوس أو استعماله. والمعلومات الأخيرة المنشورة حول هذا الموضوع كاذبة ومغرضة"، مضيفاً أن "أولئك الذين يدّعون عكس ذلك، سيتعين عليهم الرد أمام المحكمة".
متابعات في فرنسا
وأفادت الوكالة المغربية بأن الإجراءات الجديدة في إسبانيا، تأتي "بعد تلك المتعلقة بالتشهير التي سبق مباشرتها (من قبل المغرب) في فرنسا ضد منظمة العفو الدولية، ومنظمة فوربيدن ستوريز، وصحيفة لوموند، وموقع ميديا بارت، وراديو فرانس، وفي ألمانيا ضد شركة زود دويتشه تسايتونج للنشر".
وكشف محامي المغرب أوليفييه باراتيلي أنه رفع "أربع دعاوى قضائية خاصة بتهمة التشهير".
وذكرت وكالة "فرانس برس" أن جلسة إجرائية أولى ستعقد في 15 أكتوبر أمام الغرفة المتخصصة بقانون الصحافة، لكن في حال تمت مباشرة دعوى، وهو ما يستغرق قرابة عامين اثنين، فإنها قد تصطدم بحكم صدر أخيراً عن محكمة التمييز، بعدما تم رد شكاوى عدة قدمتها المملكة.
تجدر الإشارة إلى أن المحكمة الفرنسية، حكمت في عام 2019، بأنه لا يمكن لدولة مباشرة ملاحقات بتهمة التشهير العلني، لكونها ليست "جهة خاصة" بحسب تعريف القانون حول حرية الصحافة. لكن باراتيلي يرى أنه "يمكن قبول شكاوى الدولة المغربية إذا كانت تتصرف نيابة عن إداراتها وأجهزتها".
وفي 20 يوليو الماضي، فتحت النيابة العامة في باريس تحقيقاً حول "التجسس على صحافيين فرنسيين"، بعدما كشفت التقارير أن "أجهزة الاستخبارات المغربية تجسست على 30 صحافياً ومسؤولاً في مؤسسات إعلامية فرنسية". ووصفت الحكومة الفرنسية ذلك بـ"وقائع صادمة للغاية" إذا تم تأكيدها.
وعقد الرئيس الفرنسي اجتماعاً "استثنائياً" في 22 يوليو بشأن القضية، وأعلن الإليزيه أن تحقيقاً بدأ، بعد الكشف عن أن هاتف ماكرون كان هدفاً لاختراق محتمل".
دعوى في ألمانيا
وفي 2 أغسطس الجاري، قدم المغرب، ممثلاً بسفيرته في ألمانيا زهور العلوي، طلباً للتدخل القضائي في حق شركة نشر الصحف "زودويتشه تسايتونج"، على خلفية ما وصفه بـ"المزاعم الكاذبة التي عرضت في إطار ريبورتاج حول الاستخدام المزعوم لبرامج التجسس بيجاسوس من قبل المملكة المغربية".
وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، في 22 يوليو الماضي، إن "من الواجب تعزيز القيود الدولية المفروضة على بيع برامج التجسس".
وتشهد العلاقة بين المغرب وألمانيا مرحلة صعبة، بعد استدعاء الرباط سفيرها في برلين، على خلفية "موقف السلطات الألمانية بشأن الصحراء"، بالإضافة إلى قضايا أخرى.
وكانت ألمانيا عارضت اعتراف الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب بسيادة المغرب على الصحراء، التي تتنازع الرباط عليها مع جبهة البوليساريو.
الجزائر تفتح تحقيقاً
وفي 22 يوليو، أعلنت النيابة العامة الجزائرية فتح تحقيق بشأن "معلومات حول عمليات تجسس طالت شخصيات محلية باستعمال برنامج بيجاسوس".
وقالت صحيفة "لوموند"، وموقع "كل شيء عن الجزائر" الناطق بالفرنسية، إن تحقيقاً لمنظمتي "فوربيدن ستوريز" والعفو الدولية، أظهر أن آلافاً من أرقام الهواتف الجزائرية، يعود بعضها إلى مسؤولين سياسيين وعسكريين كباراً، حددت على أنها أهداف محتملة لبرنامج بيجاسوس.
وأفاد بيان النيابة الجزائرية بأنه "على ضوء ما تناولته بعض وسائل الإعلام الوطنية والدولية وتقارير واردة عن حكومات بعض الدول، حول عمليات تجسس وتنصت طولت مواطنين وشخصيات جزائرية عن طريق برامج تجسس مصممة لهذا الغرض، فإن النيابة العامة أمرت بفتح تحقيق ابتدائي للتحري حول هذه الوقائع".
وتابع بيان النائب العام أن "هذه الوقائع، إن ثبتت، تشكل جرائم يعاقب عليها القانون الجزائري" بسبب "جناية جمع معلومات بغرض تسليمها لدولة أجنبية، يؤدي جمعها واستغلالها للإضرار بمصالح الدفاع الوطني"، و"جنحة الدخول عن طريق الغشّ أو بطرق غير مشروعة في منظومة للمعالجة الآلية للمعطيات"، وكذلك "جنحة انتهاك سرّية الاتصالات".
وفي اليوم ذاته، أعربت الخارجية الجزائرية عن "قلقها العميق"، ونددت في بيان بـ"قيام سلطات بعض الدول، وعلى وجه الخصوص المملكة المغربية، باستخدام واسع النطاق لبرنامج التجسس المسمى بيجاسوس ضد مسؤولين ومواطنين جزائريين".
وكان وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، أكد في حوار مع المجلة الباريسية "جون أفريك"، أن "كل شخص أو هيئة وجهت اتهامات للمغرب عليها تقديم الدليل أو تحمل تبعات افترائها الكاذب أمام القضاء"، مضيفاً أن "المغرب اختار وضع ثقته في العدالة، داخلياً وعلى المستوى الدولي، وذلك ارتباطاً بالحملة الإعلامية المستمرة".