أعرب وزير الخارجية المصري سامح شكري ونظيرته السودانية مريم صادق المهدي عن رفضهما القاطع لإعلان إثيوبيا البدء في عملية الملء الثاني، واعتبرا أن هذا الإعلان يمثل "مخالفة صريحة لأحكام اتفاق إعلان المبادئ" المبرم بين الدول الثلاث في 2015.
ولفت الوزيران في بيان إلى أن الإعلان الإثيوبي يشكل "انتهاكاً للقوانين والأعراف الدولية الحاكمة لاستغلال موارد الأنهار العابرة للحدود"، وأن هذه الخطوة تمثل "تصعيداً خطيراً يكشف عن سوء نية إثيوبيا ورغبتها في فرض الأمر الواقع على دولتي المصب، وعدم اكتراثها بالآثار السلبية والأضرار التي قد تتعرّض لها مصالحهما بسبب الملء الأحادي لسد النهضة".
وتأتي تصريحات شكري ونظيرته السودانية، بعد لقاء بينهما مساء الاثنين في نيويورك، في إطار التنسيق والتشاور القائم بين البلدين حول مستجدات ملف سد النهضة الإثيوبي، وفي إطار الإعداد لجلسة مجلس الأمن في الأمم المتحدة، المقرر عقدها الخميس، بناء على طلب من مصر والسودان.
واتفق الوزيران على "ضرورة الاستمرار في إجراء اتصالات ومشاورات مكثفة مع الدول الأعضاء في مجلس الأمن لحثهم على دعم موقف مصر والسودان، وتأييد دعوتهما بضرورة التوصل لاتفاق ملزم قانوناً حول ملء سد النهضة وتشغيله، بما يراعي مصالح الدول الثلاث، ويحفظ حقوق دولتي المصب من أضرار هذا المشروع على مصر والسودان"، وفقاً للبيان.
"غير ذي جدوى"
من جهتها ذكرت وزارة الخارجية السودانية الثلاثاء، أن السودان يرى أن إخطار إثيوبيا ببدء الملء الثاني لسد النهضة "غير ذي جدوى"، ما لم يتم التفاوض والاتفاق بشأن ملء وتشغيل السد.
ونقلت وكالة أنباء السودان عن وزارة الخارجية قولها في بيان: "يجدد السودان رفضه للملء الأحادي لسد النهضة للعام الثاني على التوالي من دون اتفاق، الأمر الذي يعد مخالفة صريحة للقانون الدولي واتفاق المبادئ والاتفاقيات والممارسة المستقرة المنظمة لتبادل المنافع للأنهار المشتركة".
خطاب أثيوبي
من جهتها، ذكرت وزارة الخارجية الإثيوبية الثلاثاء، أن الوزير ديمكي ميكونين أرسل خطاباً إلى مجلس الأمن للإعراب عن استياء أديس أبابا من تدخل الجامعة العربية في ملف سد النهضة.
وقالت الخارجية الإثيوبية في بيان، إن ميكونين أعرب في الخطاب المرسل أمس عن "خيبة أمل بلاده تجاه جامعة الدول العربية لمخاطبتها الأمم المتحدة في أمر لا يقع في نطاق اختصاصها".
وأشار الخطاب إلى أن نهج الجامعة العربية "يهدد بتقويض العلاقات الودية بين الاتحاد الإفريقي والجامعة"، مع سير المفاوضات الثلاثية بين مصر والسودان وإثيوبيا بشأن السد تحت رعاية الاتحاد الإفريقي.
وقال الخطاب إن جامعة الدول العربية تقدم دعماً "غير مقيد وغير مشروط لأي مطالبة قدمتها مصر بشأن قضية نهر النيل".
إخطار رسمي
وكانت وزارة الري المصرية أعلنت، الاثنين، أن الوزير محمد عبد العاطي تلقى إخطاراً رسمياً من نظيره الإثيوبي سيليشي بيكيلي لإبلاغه ببدء عملية الملء للعام الثاني لسد النهضة.
وأضاف البيان أن وزير الري المصري رد بخطاب رسمي على نظيره الإثيوبي لـ"إخطاره برفض مصر القاطع لهذا الإجراء الأحادي الذي يعد خرقاً صريحاً وخطيراً لإتفاق إعلان المبادئ".
وذكر البيان أن وزارة الخارجية المصرية أرسلت نسخة من خطاب وزير الموارد المائية لنظيره الإثيوبي إلى رئيس مجلس الأمن الدولي لإحاطته بـ"التطور الخطير الذي يكشف مجدداً عن سوء نية إثيوبيا وإصرارها على اتخاذ إجراءات أحادية لفرض الأمر الواقع وملء وتشغيل سد النهضة، من دون اتفاق يراعي مصالح الدول الثلاث ويحد من أضرار السد على دولتي المصب".
واعتبر البيان أن هذا الأمر "سيزيد من حالة التأزم والتوتر في المنطقة، وسيؤدي إلى خلق وضع يهدد الأمن والسلم على الصعيدين الإقليمي والدولي".
"تهديد الأمن والسلم الإقليميين"
من جانبه، قال وزير الري السوداني ياسر عباس، الاثنين، في تغريدة على "تويتر"، إن الملء الأحادي لسد النهضة يمثل " تهديداً للأمن والسلم الإقليميينِ".
وجاء في التغريدة أن "استجابة مجلس الأمن لطلب السودان بعقد جلسة خاصة بملف سد النهضة نجاح للدبلوماسية السودانية، وتأكيد واضح على حجة السودان بأن الملء الأحادي يمثل تهديداً للأمن والسلم الإقليميينِ".
مشروع قرار مشترك
وكانت القاهرة والخرطوم اقترحتا مشروع قرار بشأن سد النهضة، تدعمه الجامعة العربية، وقدمته تونس باعتبارها العضو العربي في مجلس الأمن، وذلك في أعقاب الاتفاق على عقد اجتماع لبحث الأزمة في الـ8 من يوليو المقبل.
وقال السفير ماجد عبد الفتاح، رئيس بعثة الجامعة العربية في الأمم المتحدة، في تصريحات سابقة لـ"الشرق"، إن المشروع يدعو مصر والسودان وإثيوبيا إلى الاستمرار في التفاوض لمدة 6 أشهر من أجل التوصل إلى اتفاق ملزم بشأن قواعد ملء وتشغيل السد، على أن يكفل الاتفاق قدرة إثيوبيا على توليد الطاقة الكهربائية، وعدم إلحاق ضرر جسيم بدولتي المصب مصر والسودان.
وأضاف رئيس بعثة جامعة الدول العربية بالأمم المتحدة أن البند الثاني من المشروع يحض المراقبين الذين شاركوا في المفاوضات التي تمت خلال العام الأخير، أو أي مراقبين آخرين تدعوهم مصر والسودان وإثيوبيا، على المشاركة بفاعلية في عملية التفاوض والمساعدة في التوصل إلى اتفاق بشأن القضايا الفنية التي قد تعوق ذلك، خلال المدة المتفق عليها.
وينص البند الثالث على "التوقف عن إصدار البيانات والتصريحات، واتخاذ أي إجراءات أحادية"، كما سيحض مجلس الأمن، وفق ما ورد في مشروع القرار، إثيوبيا على "وقف الملء الثاني المقرر في يوليو، لحين التوصل إلى الاتفاق المنشود".