"أزمة الرقائق" تنذر بنقص في السلع خلال تنزيلات "بلاك فرايدي"

time reading iconدقائق القراءة - 7
متسوقون في أحد متاجر أوكسفورد ستريت في العاصمة البريطانية لندن. 23 نوفمبر 2018. - REUTERS
متسوقون في أحد متاجر أوكسفورد ستريت في العاصمة البريطانية لندن. 23 نوفمبر 2018. - REUTERS
القاهرة -ميّ هشام

كان الاتجاه للتسوق الإلكتروني هو العنوان الرئيسي لعطلة التسوق الأشهر "بلاك فرايداي" (الجمعة السوداء)، العام الماضي، وذلك على خلفية قيود الإغلاق العالمية، وما فرضه الخوف من العدوى من تغييرات على التسوق.

هذا العام، وفيما بدأت الحياة تعود تدريجياً إلى طبيعتها حول العالم بفضل اللقاحات، تفيد التوقعات أن "الجمعة السوداء" المقبلة قد تشهد اختلافات عن سابقاتها، لتؤثر بدورها على حجم استفادة المستهلكين من موسم التخفيضات السنوي.

"جمعة سوداء" رقمية

يرجع تاريخ "الجمعة السوداء" إلى القرن التاسع عشر، حين ولد حدث التسوق الشهير في أجواء من الركود الاقتصادي والتضخُم بالولايات المتحدة الأميركية، بالتحديد في عام 1869. ووفقاً لمنصة "History"، فإن النسخة الأولى من الجمعة السوداء كانت في سبتمبر.

غير أن ارتباط "الجمعة السوداء"بعطلة عيد الشكر أتى لاحقاً، في منتصف القرن التالي، حينما أصبحت الجمعة التالية على عيد الشكر مرادفاً لحالة تسوق ضارية، ينتظرها المستهلكون وأصحاب المتاجر، فيفتحون أبواب متاجرهم باكراً ويستعدون بقائمة تخفيضات لا تقاوم على كافة السلع، لتحفّز حالة الشراء والأرباح.

وبالرغم من أن "الجمعة السوداء" تاريخياً ارتبطت بالأرفف والمتاجر، إلا أن التسوق الإلكتروني انضم للمعادلة في السنوات الأخيرة، ليبلغ الاتجاه ذروته العام الماضي بسبب الجائحة.

ووفقاً للاتحاد الوطني للبيع بالتجزئة بالولايات المتحدة NRF، تجاوز عدد المتسوقين عبر الإنترنت يوم الجمعة السوداء العام الماضي 100 مليون، بحسب شبكة "إن بي سي".

هذا التجوه الجديد نحو التسوق عبر الإنترنت، جاء مدفوعاً بدعم المتاجر ذاتها، والتي أعطت للزبائن خيارات عديدة، منها التسوق عبر تطبيقاتها والاستفادة من خدمات التوصيل، أو حتى التسوق عبر الإنترنت، وتسلم المنتجات من المتاجر، وتتواصل خيارات التسوق هذا العام، وتشي بتشجيع المتاجر لاستمرارية التسوق الإلكتروني.

وفي حين يشهد العام عودة إمكانية التسوق من المتاجر هذا العام، وتشوق المستهلكين لاستعادة حالة التسوق غير الافتراضية، لاسيما في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، فإن استطلاع رأي  أجرته NRF على المستهلكين، كشف عن تفضيل 57% من المشاركين مواصلة التسوق عبر الإنترنت هذا العام أيضاً.

أزمة الرقائق

ويُعد تواصل أزمة الرقائق الإلكترونية العالمية، والتي تدخل في صناعة كل شيء بدءً من صناعة السيارات وصولاً للحواسيب والهواتف والأجهزة اللوحية، أحد أبرز الأزمات التي تُلقي بظلالها على بلاك فرايداي هذا العام ومبيعاته.

وفي حين تضافرت عوامل عديدة على مدار العام الماضي لتكريس أزمة نقص الرقائق الإلكترونية حول العالم، منها زيادة الطلب العالمي إبان الجائحة، وقرارات الولايات المتحدة ضد شركة هواوي الصينية، والصعوبات التي تواجه عملية الشحن ذاتها، وإغلاق بعض مصانع الرقائق في مناطق مختلفة، فإن حالة النقص الحرجة من المتوقع  ألا تنتهي قريباً.

وفيما يُتوقع استمرار الأزمة حتى 2023، فتصريحات أحد أبرز محللي بنك "جي بي مورجان" لشبكة "سي إن بي سي"، تطرح تصوراً متفائلاً، إذ يتوقع اتجاهها للحل بحلول منتصف 2022، في أفضل السيناريوهات.

ودفع النقص الحاد في الرقائق الإلكترونية بعض شركات التكنولوجيا لتخصيص المكونات المتاحة لديها لمنتجاتها ذات الأولوية، وتأجيل إنتاج بعض الطرز الأقل أهمية، كما فعلت "سامسونج" مع بعض أجهزتها، وكذلك "سوني" مع "بلاي ستيشن 5s"، وفقاً لوكالة بلومبرغ.

وبحسب موقع ذا فيرج، ليست "سوني" و"مايكروسوفت" و"آبل" فحسب المضطرون لتقليل أو تأخير الإنتاج، فالعديد من صانعي الألعاب حول العالم مضطرون لذلك؛ بما في ذلك الشركات الكبرى والشركات الصغيرة.

التسوق مُبكراً

ويُعد تحول بلاك فرايداي من يوم واحد فقط، إلى موسم طويل من التخفيضات والعروض التي قد تمتد على مدار شهر كامل، هو التحول الأبرز الذي طال عطلة التسوق الشهيرة في الأعوام الأخيرة، كما طال عطلات التسوق الأخرى مثل يوم العزاب، وغيره.

غير أن طول مدة العُروض والتخفيضات هذا العام، لا تعني بالضرورة أن المستهلك سيجد المنتج الذي يرغب في اقتنائه متاحاً.

ورصدت منصة ماشابل التقنية قائمة بالمنتجات المتوقع أن تكون أكثر شحاً في المتاجر، خلال الجمعة السوداء هذا العام، نظراً لأزمة سلاسل التوريد، ليعتلي القائمة جهاز "بلاي ستيشن 5s"، و"آيفون 13"، وساعة "آبل 7"، وماك بوك برو (14 و16 بوصة)، وأجهزة "نينتندو سويتش"، وجهاز "إكس بوكس سيرياس إكس".

ولتجنب الإحباط وخيبة الأمل هذا العام، إثر نفاد المنتجات التي ترغب في شرائها، يُعد التسوق مبكراً الحيلة الأبرز للاستفادة من العروض والتخفيضات هذا العام، ففي حين ستعطي الشركات الأولوية لتوفير منتجاتها الأعلى سعراً؛ على المستهلك أن يبادر لحجز منتجه ذو السعر المعقول بأسرع ما يمكن، قبل نفاد المخزون المتوقع.

تخفيضات حقيقية؟

وبعيداً عن أزمات التوفر وسلاسل التوريد، يتواصل هذا العام التساؤل المعتاد كل عام عما إذا كانت التخفيضات والعروض التي يجري الترويج لها في الجمعة السوداء حقيقية أم لا.

ونشرت بي بي سي تقريراً عن جمعية المستهلكين البريطانية "ويتش"، رصدت فيه أن 184 من أصل 201 قطعة من ستة تجار تجزئة، بينهم أمازون وجون لويس، كانوا مسعّرين بالسعر ذاته أو أرخص قبل الجمعة السوداء في عام 2020.

ووصفت الجمعية عرضاً على أحد غسالات الملابس بمتجر جون لويس بأنه أحد أسوأ الصفقات؛ نظراً لأن سعرها كان أرخص قبيل الجمعة السوداء بـ88 يوماً فحسب.

ويوصي خبراء التسوق المستهلكين بالتحري جيداً عن صفقات الجمعة السوداء، ومقارنة الأسعار في أوقات متباينة من العام، قبل المضي قدماً وتنفيذ قرارات الشراء؛ إذ أن بعض العروض قد لا تحمل تخفيضات حقيقية.