العلماء الصينيون في أميركا.. أحدث مظاهر التوتر بين واشنطن وبكين

time reading iconدقائق القراءة - 6
معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في كامبريدج. - REUTERS
معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في كامبريدج. - REUTERS
دبي-الشرق

تحوّلت الجامعات الأميركية إلى مظهر جديد من مظاهر التوتر بين واشنطن وبكين، في ظل ما وصف بحملة استهداف تقوم بها سلطات الولايات المتحدة ضد  العلماء والأكاديميين الصينيين المقيمين في البلاد، وفق تقرير لمجلة "ذي أتلاتنيك" الأميركية.

وحذرت الصحيفة من أن الحملة على العلماء الصينيين من شأنها تهديد الانفتاح العلمي الذي تتسم به جامعات الولايات المتحدة. 

وأضافت أنه في مشهد بات مألوفاً في مؤسسات التعليم العالي الأميركي، تم إلقاء القبض مؤخراً على عالم صيني المولد في جامعة رفيعة المستوى، بشبهة علاقاته بحكومة بكين.

وأضافت أنه منذ نحو شهر، وجهت هيئة محلفين كبرى لائحة اتهام إلى جانغ تشين، وهو مواطن صيني حاصل على الجنسية الأميركية، وأستاذ في الهندسة الميكانيكية، يحظى باحترام كبير في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، بتهمة "عدم الكشف عن العقود والتعيينات والجوائز من مختلف الكيانات في جمهورية الصين الشعبية". 

وتقول السلطات الأميركية إن تشين، الذي تلقى منحاً من وزارة الطاقة الأميركية لأبحاثه في مجال تكنولوجيا النانو، لم يخبر السلطات بشكل صحيح بالعقود التي حصل بموجبها على "مئات الآلاف من الدولارات في المدفوعات المباشرة" من كيانات في الصين. 

ورد محامو تشين على ذلك باتهام المدعي العام لولاية ماساتشوستس أندرو ليلينغ بالإدلاء بتعليقات "خاطئة ومثيرة للفتنة" شككت في "شخصية تشين وسمعته". 

ووافق معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا على تمويل دفاع تشين، ووقّع المئات من زملائه  خطاباً مفتوحاً يشهد على نزاهته. 

حملة ضد العلماء 

وأوردت "ذي أتلاتنيك" أن حالة تشين هي جزء من حملة أوسع نطاقاً للحكومة الأميركية ضد العلماء استهدفت المواطنين الصينيين والأميركيين من أصل صيني على حد سواء. 

وأشارت إلى أن المعارك التجارية بين واشنطن وبكين، وانتهاكات حقوق الإنسان في إقليم شينجيانغ، وعسكرة بحر الصين الجنوبي، هي الأمور التي تتبادر إلى الذهن عادة عندما يفكر الأميركيون في التوتر المتزايد مع بكين.

لكن ثمة جوانب أخرى لتلك الخلافات، إذ ترى الصحيفة أن الجامعات الأميركية تعد ساحة معركة أكثر إلحاحاً، لافتة إلى أن تلك الجامعات هي مراكز للبحوث الأساسية. ووفقاً لسياسة الحكومة الأميركية الحالية، فمن المفترض أن تظل هذه الأبحاث مفتوحة قدر الإمكان. 

ويتمثل قلق العديد من صانعي السياسة الأميركية في إمكانية أن تستخدم بكين ما يوصف بجمع المعلومات الاستخبارية غير التقليدية، في إشارة إلى الطلاب وأعضاء هيئة التدريس وغيرهم من الباحثين، لسرقة الأسرار من المختبرات الأميركية واكتساب ميزة تنافسية. 

طبيعة التعاون العلمي 

وباتت قضية جانج تشين وغيرها تثير مجموعة من الأسئلة حول طبيعة التعاون العلمي في الولايات المتحدة.

وبحسب "ذي أتلاتنيك"، أصبحت التساؤلات التي تطرح هي هل يجب على الجامعات الأميركية تعزيز التعاون العالمي واستقدام المواهب الأجنبية أم ينبغي أن تكون أميركية بشكل أكثر صراحة في توجهاتها؟ وهل يجب على العلماء الصينيين الاحتفاظ بعلاقات قوية ببكين أم عليهم أن يحاولوا الانفصال عنها؟ وكيف يمكن حماية الأبحاث المموّلة من قبل دافعي الضرائب الأميركيين من أي محاولات اختراق؟

وأشارت الصحيفة إلى أنه كان لدى إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب إجابات سهلة على مثل هذه الأسئلة، تمثلت في منع الطلاب الصينيين من القدوم إلى الولايات المتحدة في المقام الأول، وقمع الأفراد الذين لديهم علاقات غير مشروعة مع الصين. 

التجسس الاقتصادي

وذكرت "ذي أتلاتنيك" أنه في خريف عام 2018 أعلن المدعي العام آنذاك جيف سيشنز عن مبادرة بشأن الصين، وهي محاولة "تستهدف التجسس الاقتصادي الذي ترعاه بكين، وسرقة الأسرار التجارية في الشركات والجامعات الأميركية". 

كما اتخذت الإدارة السابقة خطوات لتقييد قدرة المواطنين الصينيين على الدراسة في الولايات المتحدة، بما في ذلك الإلغاء المفاجئ لتأشيرات الطلاب الصينيين الذين تربطهم روابط أكاديمية ببعض الجامعات والمؤسسات المرتبطة بالجيش الصيني. 

وبالنسبة لنهج الإدارة الحالية، قالت الصحيفة إن من المتوقع على نطاق واسع أن تُظهر الإدارة الجديدة مزيداً من المرونة بشأن مسائل الهجرة مقارنة بسابقتها المباشرة، لكن الرئيس جو بايدن كان أيضاً ينتقد الصين بشدة في كثير من الأحيان. 

وترى الصحيفة أنه في مواجهة التحديات التي تفرضها الصين الصاعدة، يجب على صانعي السياسة الأميركية أن يتذكروا أن قوة المشروع العلمي الأميركي لا تكمن فقط في عدد براءات الاختراع، ولكن في عدد الأشخاص اللامعين من كل بلد في العالم الذين يريدون المجيء إلى الولايات المتحدة لإجراء أبحاث، وفي الفرص التي توفرها البلاد للأشخاص بغض النظر عن بلدانهم الأصلية. 

وقالت إن على حكومة الولايات المتحدة أن "تقبل درجة ما من السرقة والانتحال وفقدان الملكية الفكرية"، معتبرة أن ذلك هو ثمن نهجها المنفتح.

وأشارت إلى أنه "يمكن أن تتم الإساءة أحياناً إلى هذا النموذج، ولكنه لا يزال يعمل بشكل أفضل بكثير من البديل الأكثر تقييداً". 

وختمت محذرة من أنه "إذا قام الأميركيون بتطويق مجتمعاتنا العلمية باسم الأمن، فسوف نضحي بأكبر ميزة لدينا وبجوهر ما نحن عليه".