الجزائر.. انتخابات تشريعية مبكرة وسط تحدي "المقاطعة"

time reading iconدقائق القراءة - 7
ناخبون يدلون بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية بالجزائر- 12 سبتمبر 2019 - REUTERS
ناخبون يدلون بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية بالجزائر- 12 سبتمبر 2019 - REUTERS
الجزائر - الشرق

تخوض الجزائر، السبت، انتخابات تشريعية مبكرة هي الأولى بعد الحراك الشعبي الذي استمر شهوراً وسقوط منظومة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، وتعديل الدستور.

وتصف السلطة الجزائرية الانتخابات بأنها موعد هام لمستقبل البلاد، وسط حالة من تباين المواقف بشأن المشاركة في الاستحقاق الانتخابي.

وشهدت ولاية بجاية وتيزي وزو، وبعض بلديات ولاية البويرة، تظاهرات رافضة للانتخابات التشريعية الجمعة، في وقت غابت المسيرات عن شوارع العاصمة ومدن أخرى بعدما فرضت وزارة الداخلية على منظمي مسيرات الحراك إلزامية التصريح بها مسبقاً.

وتواجه الانتخابات رفضاً من قبل جزء من المعارضة والحراك الشعبي المناهض للنظام. وتشكل نسبة المشاركة الرهان الرئيسي بعدما شهد الاستحقاقان الانتخابيان السابقان (الاقتراع الرئاسي في عام 2019 والاستفتاء الدستوري في عام 2020)، نسبة امتناع غير مسبوقة عن التصويت بلغت 60% و76% على التوالي.

وهيّأت السلطة المستقلة للانتخابات، التي تشرف بالكامل على الانتخابات التشريعية للمرة الأولى في تاريخ البلاد بعدما كانت الانتخابات تتم تحت إشراف وزارة الداخلية، 13 ألف مركز اقتراع ونحو 62 ألف مكتب تصويت.

وتمنع الإجراءات الأمنية التجمعات قرب المؤسسات المعنية بالاقتراع، مع الحرص على احترام إجراءات البروتوكول الصحي المتعلق بالوقاية من فيروس كورونا.

ودُعي قرابة 24 مليون ناخب لاختيار 407 نواب جُدد بمجلس الشعب الوطني لمدة 5 سنوات، وعليهم التصويت على نحو 1500 لائحة، أكثر من نصفها لمرشحين "مستقلين".

وانطلقت، الخميس، عملية تصويت الجالية الجزائرية في الخارج، بعد يوم من بدء تصويت البدو الرحل، وهم عائلات تتنقل باستمرار بين مناطق صحراء البلاد.

استعدادات أمنية

وفي ظل مخاوف السلطات من أي محاولات تشويش قد يمارسها رافضو الانتخابات على الناخبين لمنعهم من التصويت، تواترت مواقف للحكومة الجزائرية حذرت من "أي مخطط أو فعل يهدف إلى التشويش على سير العملية الانتخابية".

وأعلنت المديرية العامة للأمن الجزائري، في بيان الخميس، مجموعة تدابير لضمان أمن الانتخابات، تشمل وضع تشكيل خاص بحفظ أمن محيط مراكز ومكاتب التصويت الموجودة في قطاع اختصاص مصالح الشرطة، مع ضمان نقل وتأمين صناديق الاقتراع.

وأضافت أنه سيتم تطبيق تدابير منع وقوف المركبات وحظر التجمعات قرب المؤسسات المعنية بالعملية الانتخابية، "مع الحرص على احترام إجراءات البروتوكول الصحي المتعلق بالوقاية من كورونا".

وأوضحت أنها أسندت إلى فرق التشكيل مهمة تسهيل حركة المرور وتأمين مستخدمي الطريق العام أثناء الانتخابات.

ضمانات الحياد

وعشية الاستحقاق، أكد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أن المواطن هو "صاحب القرار السيد" لاختيار ممثليه في المجلس الشعبي الوطني المقبل، قائلاً إن "صندوق الاقتراع سيكون الفاصل في تحديد مَن سيختاره الشعب لتمثيله في البرلمان".

وأضاف تبون أن "عهد الكوطة (المحاصصة) قد ولّى في ظل احترام القوانين المنظمة للعملية الانتخابية وفقاً لما نص عليه الدستور والقانون العضوي الجديد للانتخابات، والتأسيس بذلك لمرحلة جديدة في الجزائر تطبيقاً للالتزامات".

وشدد الرئيس الجزائري على ضرورة "حماية صوت كل مواطن، لتجاوز الممارسات السابقة التي تمسّ بثقة المواطن في مؤسساته".

واعتبر تبون أن هذا الاستحقاق يعدّ "فرصة أولى للشباب والمستضعفين مادياً ليكونوا ممثلين عن الشعب، لا سيما في ظل استبعاد المال الفاسد وغير الفاسد من العملية الانتخابية"، ما يجسد "تحقيق تمثيل حقيقي للمواطن"، وفق قوله.

ولفت في السياق ذاته إلى أنه شرع كمرحلة أولى في "تجديد المؤسسة التشريعية، لتتبعها قريباً انتخابات المجالس المحلية البلدية والولائية، وهي المؤسسات القريبة من الحياة اليومية للمواطن".

من جهتها، أكدت وزارة الدفاع الجزائرية أن الجيش "سيبقى جمهورياً بصفة لا رجعة فيها"، وأنه "ينأى بنفسه عن التدخل في أي مسار انتخابي، إلا إذا كان ذلك من أجل تأمينه".

وجاء في افتتاحية مجلة "الجيش" لعدد شهر يونيو الجاري، أن "المؤسسة العسكرية تصر على رفع كل لبس يعمد إليه البعض، وتذكّر مرة أخرى أصحاب الذاكرة الانتقائية بأن الجيش الوطني الشعبي جيش جمهوري، وسيبقى كذلك بصفة لا رجعة فيها.. جيش يتولى مهامه الدستورية، وفق ما تقتضيه قوانين الجمهورية بروح الالتزام، والاستعداد التام للدفاع عن سيادة الجزائر ووحدتها".

احتمالات مفتوحة

وتسود الجزائر حالة من الترقب لنتائج انتخابات يراها متابعون "مفتوحة على كل الاحتمالات" في ظل التغيرات التي تشهدها السياسة المحلية.

وتشمل هذه التغيرات بروز لوائح المرشحين المستقلين وأحزاب حديثة النشأة، وتراجع شعبية وحظوظ الأحزاب التقليدية المحسوبة على نظام الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة المستقيل تحت ضغط الحراك الشعبي في أبريل 2019، وأبرزها "حزب جبهة التحرير" الحزب الحاكم وحزب الغالبية في البرلمان السابق، في حين تقاطع قوى سياسية معارضة الموعد الانتخابي، أبرزها "حزب العمال"، وحزب "جبهة القوى الاشتراكية"، و"التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية".

وتأتي الانتخابات التشريعية ضمن سلسلة إصلاحات بدأها الرئيس تبون منذ انتخابه في ديسمبر 2019، أهمها التعديل الدستوري الذي جرى نوفمبر الماضي.

وينص التعديل على أن الحزب أو التكتل الفائز بغالبية المقاعد البرلمانية يملك الحق في قيادة الحكومة، ويكون له برنامجه إذا كانت الغالبية المذكورة لمصلحة المعارضة.

أما في حال كانت الغالبية النيابية لمصلحة القوى السياسية غير المعارضة، فإن للرئيس الحق في تعيين رئيس وزراء يطبق برنامجه.

قانون انتخابي جديد

وتقام هذه الانتخابات بقواعد انتخابية جديدة بعد تعديل قانون الانتخاب في مارس الماضي، بهدف وضع حد لمحاولات التلاعب بالأصوات التي طالت الانتخابات السابقة.

وينص القانون الانتخابي الجديد على اعتماد نظام اللائحة المفتوحة الذي يتيح للناخب التصويت لمن يريد من المرشحين داخل لائحة الحزب الذي يختاره، مع تطبيق قاعدة "الباقي الأقوى". 

وكان قانون الانتخاب السابق يعتمد نظام اللائحة المغلقة، بحيث يفوز من يكون في المراتب الأولى في اللائحة مع تطبيق قاعدة البقاء للأقوى، وهو ما سمح بعمليات شراء وبيع رؤوس اللوائح في انتخابات عام 2017 كشفتها محاكمات فساد طالت نواباً في البرلمان السابق.

ويشترط القانون الجديد على المرشح للانتخابات البرلمانية عدم وجود صلة له بأوساط "المال والأعمال المشبوهة" أو أن يُعرف عنه التأثير "بطريقة مباشرة أو غير مباشرة" في اختيارات الناخبين بواسطة المال.

وتمنع المادة نفسها النواب الذين مارسوا ولايتين برلمانيتين منفصلتين أو متتاليتين من الترشح للتشريعيات، في حين كانت عدد العهدات البرلمانية في القانون السابق مفتوحة.