وجّه الرئيس الصيني، شي جين بينغ، تحذيراً إلى مواطنيه الأكثر ثراءً، بعدما طرح مخططاً لـ"الرخاء المشترك"، يتضمّن تنظيم الدخل وإعادة توزيعه، كما أفادت وكالة "بلومبرغ".
ومنذ تولّى شي جين بينغ منصبه، في عام 2012، حدّد الحزب الشيوعي الحاكم أولوياته بالقضاء على الفقر وبناء مجتمع مزدهر باعتدال، وهذه أهداف يعتبر الحزب أنها أساسية لتعزيز الرفاهية وتعزيز حكمه، علماً أن التفاوت في الدخل واسع في الصين، إذ يكسب أغنى 20% من مواطنيها أكثر من 10 أضعاف من أفقر 20% منهم، وهذا الرقم ثابت منذ عام 2015.
وبذلت بكين جهوداً ضخمة للحدّ من الفقر، لا سيّما في المناطق الريفية. واستهدفت أخيراً الطبقة المخملية، إذ شنّت حملة على قطاع التكنولوجيا، الذي أتاح ظهور مليارديرات، وانتقدت تجاوزات ثقافة المشاهير.
وفصّلت الحكومة استراتيجيات جديدة لاستهداف الطبقات العليا، خلال اجتماع عقدته اللجنة المركزية للشؤون المالية والاقتصادية في الحزب الشيوعي. وأفادت وكالة أنباء الصين الجديدة الرسمية (شينخوا) بأن مسؤولين تعهدوا بـ"تعزيز تنظيم الدخل المرتفع وضبطه، وحماية الدخل القانوني، وتعديل الدخل الزائد بشكل معقول، وتشجيع الفئات والشركات ذات الدخل المرتفع على ردّ الجميل للمجتمع".
في الوقت ذاته، تعهد المسؤولون أيضاً بتوسيع حجم ذوي الدخل المتوسط، وزيادة الإيرادات للفئات ذات الدخل المنخفض، وحظر الدخل غير المشروع لتعزيز الإنصاف الاجتماعي والعدالة. كذلك أعادوا التأكيد على كلمات شهيرة للزعيم الصيني الراحل، دينغ شياو بينغ، تفيد بوجوب "السماح للبعض بالثراء أولاً"، مشيراً إلى تشكيل بيئة تتيح لمزيد من الناس أن يصبحوا أثرياء.
ضرائب جديدة
واعتبر اقتصاديون أن هذه التحرّكات تشير إلى أن بكين ربما تقترب أكثر من فرض ضرائب على الممتلكات والميراث، علماً أن السلطات تحدثت منذ فترة طويلة عن ضريبة الأملاك، واختبرت فرض ضرائب على الممتلكات السكنية في شنغهاي وتشونغتشينغ، منذ عام 2011. وأشار اجتماع على مستوى بارز، عُقد في مايو الماضي، إلى أن المسؤولين قد يبذلون جهوداً متجددة لتنفيذ ذلك.
ونقلت "بلومبرغ" عن لاري هو، مسؤول قسم الاقتصاد المرتبط بـ"الصين الكبرى" في Macquarie Group بهونغ كونغ، قوله: "تفاقم التفاوت في الثروة والدخل في الصين إلى مستوى خطر، لدرجة أن لا خيار أمام صنّاع السياسة سوى مواجهته وجعل معالجته أولوية". وأضاف أن الاجتماع الذي ترأسه شي جين بينغ "رفع الملف إلى أعلى مستوى"، في إشارة مهمة لاتجاه السياسة مستقبلاً.
أما كارول لياو، وهي خبيرة في الاقتصاد الصيني بمؤسسة Pimco Asia Ltd، فلفتت إلى خيار فرض ضرائب على أرباح رأس المال، إضافة إلى تدابير أخرى لتحسين توزيع الدخل، مثل تعزيز برامج الضمان الاجتماعي، وتقديم حوافز للأعمال الخيرية، ومزيد من التحويلات المالية الحكومية إلى المناطق الأقلّ نمواً.
وذكّر شي تشينغوين، أستاذ قانون الضرائب في جامعة الصين للعلوم السياسية والقانون، بأن الدولة لا تفرض ضريبة على الميراث، مرجّحاً أن يؤدي تطبيقها إلى تأثير تنظيمي مهم على توزيع الثروة.
تعزيز المساواة
وخلال الاجتماع الذي ترأسه شي جين بينغ، تعهد المسؤولون بتأمين ظروف تمكّن المواطنين من تعزيز تعليمهم والارتقاء في سلّم الدخل. ودعوا أيضاً إلى تعزيز المساواة في الحصول على الخدمات العامة، من خلال تحسين المعروض من المساكن، ورعاية المسنّين والنظام الطبي.
كذلك أبرز الاجتماع الحاجة إلى الحدّ من الأخطار المالية. وأفادت "شينخوا" بوجوب بذل جهود لتحقيق توازن بين ضمان النموّ الاقتصادي المستقر ومنع الأخطار المالية.
وحدّدت الحكومة مقاطعة تشجيانغ شرق الصين، مقرّ مجموعة "علي بابا"، والمعروفة بقطاعها الخاص القوي، كمنطقة تجريبية للمبادرات الجديدة. ونشرت هذه المقاطعة في الشهر الماضي خططاً مفصّلة لزيادة الدخل المتاح للفرد، إلى 75000 يوان (11563 دولاراً أميركياً) بحلول عام 2025، في ما يمثّل زيادة نسبتها 45% في غضون 5 سنوات. كذلك تريد المقاطعة أن تشكّل الأجور أكثر من نصف إجمالي ناتجها المحلي.
ولتحقيق هذه الأهداف، ستشجّع حكومة المقاطعة العمال على أن يساوموا بشكل جماعي بشأن أجورهم، والشركات المدرجة في سوق الأسهم على زيادة الأرباح النقدية للمساهمين، والمزارعين على متابعة استراتيجيات ريادة الأعمال. كذلك ستروّج لتطوير المنتجات المالية لمصلحة السكان.
وأشارت "بلومبرغ" إلى أن "خريطة الطريق" هذه أفادت أيضاً بأن الحكومة ستحمي بشكل أفضل حقوق الذين يعملون في وظائف جديدة، بينهم عمال التوصيل والسائقون العاملون في شركات نقل الركاب، وتطبيق مزايا ضريبية للتبرّعات الخيرية.