
بدأ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن زيارة إلى المغرب والجزائر، ينتظر أن تسيطر قضايا الغاز ونزاع الصحراء والحرب الأوكرانية على جدول أعمالها، ليتمحور في الجوهر حول مصادر لإمداد أوروبا بالغاز بعيداً عن الغاز الروسي.
ووصل بلينكن إلى المغرب، الاثنين، حيث ينتظر أن يلتقي رئيس الحكومة عزيز أخنوش ووزير الخارجية ناصر بوريطة، لبحث "القضايا السياسية الإقليمية والتعاون الثنائي"، بحسب وزارة الخارجية الأميركية.
وقال بلينكن في تغريدة على "تويتر" بعد وصوله إلى الرباط: "وصلت إلى المغرب للقاء أحد أصدقاء أميركا الأوائل، ومناقشة سبل تعزيز علاقتنا الثنائية، السياسية والاقتصادية والأمنية".
ويرى خبراء تحدثوا لـ"الشرق" أن جولة بلينكن، التي تشمل المغرب والجزائر، تأتي في سياق "حشد الدعم للقرارات الأميركية والأوروبية" في مواجهة الحرب الروسية على أوكرانيا، وكذلك البحث عن موارد جديدة للطاقة في ظل العقوبات المفروضة على روسيا، والتي تهدد إمدادات أوروبا من الغاز، فيما أشار مراقبون إلى إمكانية قيادة واشنطن وساطة لحل الأزمة الدبلوماسية بين الجزائر والمغرب.
إدانة روسيا
ويبحث بلينكن مع المسؤولين المغاربة "التعاون الثنائي والقضايا الإقليمية"، كما جاء في بيان الوزارة المغربية، إلا أن مراقبين يرون أن الموقف من الحرب الروسية على أوكرانيا سيكون على رأس أجندة بلينكن في المنطقة، خصوصاً بعدما تجنّب حلفاء واشنطن في المنطقة اتخاذ موقف واضح ضد روسيا.
ولم يشارك المغرب في التصويت على مشروع قرار عُرض في الجمعية العامة للأمم المتحدة لإدانة روسيا في غزو أوكرانيا، ولكنه أشار في بيان "ضرورة احترام وحدة وسيادة جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة"، ودعا إلى تسوية الخلافات "عبر وسائل سلمية".
وقال الدكتور الشرقاوي الروداني، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة محمد الخامس بالرباط، في حديث لـ"الشرق"، إن الولايات المتحدة "تبحث عن حشد الدعم للقرارات الأميركية والأوروبية في مواجهة روسيا"، مشيراً إلى "التحولات التي تعرفها جل السياسات الأوروبية على مستوى الطاقة والأمن الغذائي".
قضية الصحراء والموقف الأوروبي
وتبرز قضية نزاع الصحراء ضمن أجندة بلينكن في الرباط، فواشنطن كانت أولى العواصم الغربية التي اعترفت بسيادة المغرب على الصحراء المتنازع عليها مع جبهة البوليساريو، وذلك إثر إعلان وقعه الرئيس السابق دونالد ترمب.
وموقف إدارة الرئيس جو بايدن، وإن لم يؤكد اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء، إلا أنه يدعم موقف الرباط في النزاع، إذ يعتبر خطة المملكة بمنح الإقليم حكماً ذاتياً تحت سيادتها مقترحاً "جاداً وواقعياً وذا مصداقية"، وفق الخارجية الأميركية.
ويبسط المغرب سيطرته فعلياً على 80٪ من أقاليم الصحراء المتنازع عليها، بينما تطالب البوليساريو وتدعمها الجزائر، بتنظيم "استفتاء لتقرير المصير".
وفي حديث لـ"الشرق"، قال الدكتور حسن بلوان، المحلل السياسي والخبير في العلاقات الدولية، إنه في الوقت الذي تسعى فيه الولايات المتحدة إلى "توسيع دائرة المواقف الدولية المناهضة للحرب في أوكرانيا، يسعى المغرب إلى استثمار زيارة المسؤول الأميركي لإعلان مواقف أكثر وضوحاً في قضية الصحراء".
بدوره، قال الروداني إن زيارة بلينكن قد تحمل "ضمانات أميركية" لتقوية العلاقات المغربية الأوروبية، خصوصاً في ما يتعلق بالمواقف الأوروبية من نزاع الصحراء، إذ شهدت العلاقات بين الرباط وعواصم أوروبية توتراً العام الماضي، خصوصاً مع برلين ومدريد على خلفية هذا الملف.
وبعد أزمة دبلوماسية دامت قرابة سنة، أعلنت إسبانيا هذا الشهر دعمها لموقف المغرب في نزاع الصحراء، مؤكدة أن مبادرة الحكم الذاتي المقدمة من الرباط "هي الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية لحل هذا النزاع".
وأضاف الروداني أن الولايات المتحدة "تدعم سيادة المغرب على الصحراء، وأعتقد أن هناك حاجة ماسة لتذويب مجموعة من النقاط الخلافية في التعبير الجيوسياسي الأوروبي تجاه الحاجيات الاستراتيجية للرباط".
الغاز ووساطة مع الجزائر
ويرتقب أن يكون تأمين الغاز الطبيعي لأوروبا عبر المغرب محور محادثات بلينكن مع المسؤولين المغاربة وكذلك في الجزائر، المحطة التالية من زيارته، حيث يلتقي بالرئيس عبد المجيد تبون ووزير خارجيته رمطان العمامرة.
وتزوّد الجزائر أوروبا بالغاز الطبيعي، ويعوّل عليها لتكون بديلاً للغاز الروسي بعد الحرب على أوكرانيا، خصوصاً عبر الأنبوب المغاربي الأوروبي، الذي يمر عبر المغرب وتوقف العمل به نهاية العام الماضي، إثر توتر في العلاقات بين الرباط والجزائر، بلغ حد قطع العلاقات الدبلوماسية.
في هذا السياق، قال بلوان إن بلينكن قد يقود عملية "وساطة لرأب الصدع في العلاقات المغربية الجزائرية"، بحثاً عن تأمين الغاز الطبيعي لأوروبا عبر المغرب.
وبحسب الروداني فإن الجزائر كانت تمد أوروبا بـ12 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً، عبر الأنبوب المغاربي الأوروبي، الذي يمر عبر المغرب، "ولم تعد تساهم اليوم سوى بـ3.5٪ فقط من احتياجات السوق الأوروبية".
وأضاف الروداني أن الولايات المتحدة "ستفكر في الاستثمار في استخراج الغاز من الجزائر، لرفع حجم الصادرات وتعويض الإمدادات الروسية لأوروبا".
وإلى جانب تلك الملفات ينتظر أن يناقش الوزير الأميركي مع المسؤولين في المغرب والجزائر عدداً من القضايا الإقليمية، بما في ذلك الحرب على الإرهاب خاصة في منطقة الساحل، والأزمة الليبية.
اقرأ أيضاً: