
بدأ الكولومبيون الأحد التصويت لاختيار رئيسهم الجديد بين المعارض اليساري غوستافو بيترو ورجل الأعمال المستقل رودولفو هيرنانديس، فيما يتعهّد المرشحان كل على طريقته، إحلال تغيير جذري في بلد يمر بأزمة.
وعنونت صحيفة يومية محلية صباح الأحد "أيّاً كان الفائز في الانتخابات، ستشهد البلاد تغييراً كبيراً" بعد هذا "اليوم التاريخي".
وفي الصباح، صوّت الرئيس المحافظ المنتهية ولايته إيفان دوكي في مكان قريب من مقر الرئاسة، إيذاناً ببدء الانتخابات رسمياً.
وأفادت وكالة "فرانس برس"، بأن هيرنانديس صوّت في معقله بمدينة بوكارامانغا الشمالية الكبرى.
ودعي نحو 39 مليون ناخب للاقتراع بين 8 صباحاً و 4 بعد الظهر بالتوقيت المحلي (13:00 و21:00 بتوقيت جرينتش) في 12 ألفاً و500 مركز اقتراع للاختيار بين مرشحين معارضين للمنظومة القائمة.
ويعمل حوالى 320 ألف شرطي وعسكري للحفاظ على أمن الانتخابات التي تجري بإشراف عدد من المراقبين الدوليين. ومن المتوقّع أن تعلن النتائج في المساء.
وخلال الأيام الأخيرة، أثارت فرضية النتيجة المتقاربة للغاية قلقاً ومخاوف من حدوث تجاوزات محتملة، فضلاً عن اتهامات بالتزوير، بينما أعرب بيترو عن شكوكه في البرنامج المستخدم في عملية الفرز بعد تسجيل أخطاء في الانتخابات التشريعية في مارس، علماً بأن معسكره فاز فيها.
وكشفت آخر استطلاعات الرأي، التي نُشرت منذ أسبوع في نهاية حملة شهدت أجواء مقيتة، عن نتائج متقاربة جداً بين المرشحيَن النهائيين.
تغيير مهم
ويجسد المرشحان، للمرة الأولى، "تغييراً سياسياً هاماً"، بحسب القاضية كارولينا خيمينيس، مديرة قسم العلوم السياسية بالجامعة الوطنية في كولومبيا.
وربما يصبح، مساء الأحد، السيناتور بيترو أول رئيس يساري في تاريخ كولومبيا، وهو مقاتل سابق في الحرب الأهلية استحال ديمقراطياً اجتماعياً، ورئيس بلدية بوغوتا السابق.
كذلك قد يقود البلاد المليونير هيرنانديس، وهو رئيس بلدية سابق لمدينة بوكارامانجا في شمال البلاد، وقد شكل مفاجأة عندما أقصى اليمين من السباق في الدورة الأولى، واعداً بالتخلّص من "اللصوص" و"البيروقراطية".
حملة سيئة
تصدّر بيترو (62 عاماً) الدورة الأولى من الانتخابات في 29 مايو مع حصوله على 40% من الأصوات فيما حصل هيرنانديس (77 عاماً) على 28%، وبلغت نسبة المشاركة 55%.
وهزم المرشحان النخب المحافظة والليبرالية التي احتكرت السلطة لقرنين من الزمن، لكن هيرنانديس تلقى على الفور دعم اليمين التقليدي بشخص الرئيس السابق ألفارو أوريبي (2002-2010).
وفي الأسابيع الثلاثة الأخيرة من الحملة الانتخابية التي وصفتها الصحافة بأنها "سلة مهملات"، طغت على الأجواء تهديدات واتهامات شتى ومعلومات مضللة وعمليات تجسس، وسط سباق محتدم خاضه الجانبان لإظهار أنهما "قريبان من الناس"، عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
بين عجوز أو تقدمي
وتعهد هيرنانديس في نهاية الأسبوع قائلاً: "ستجدون في شخصي مصارعاً". وكتب على تويتر: "سأضع حداً للفساد واستبدل الموظفين العاجزين والفاسدين الذين عينتهم الحكومات السابقة. سيتوقف تبديد أموال الكولومبيين".
ويعتد هيرنانديس "بقول الأشياء بصراحة" ويلقب بـ"ملك تيك توك" أو "العجوز"، كما يحب أن يُطلق عليه.
وأعلن عن سلسلة طويلة من الإجراءات، وبعضها مفاجئ، بدءاً من إلغاء السيارات الرسمية للبرلمانيين، وتخفيض الضريبة على القيمة المضافة، وتشريع الماريجوانا.
ويَعدُ خصمه اليساري من جهته، ببرنامج "تقدمي" لصالح "الحياة"، مع دولة أقوى، وفرض المزيد من الضرائب على الأثرياء، وتحقيق تحوّل في مجال الطاقة.
وكرر، السبت، أن "البلاد بحاجة إلى العدالة الاجتماعية لتكون قادرة على بناء السلام (...) أي فقر أقل، وجوع أقل، وعدم مساواة أقل، ومزيد من الحقوق".
وتذكر القاضية كارولينا خيمينيس، مديرة قسم العلوم السياسية بالجامعة الوطنية في كولومبيا، أن الانتخابات تجري "بعد تمرد اجتماعي وفي خضم أزمة اقتصادية عميقة وأزمة كبرى لشرعية المؤسسات".
ولم تشهد السنوات الأربع، التي أمضاها الرئيس المحافظ الحالي إيفان دوكي، الذي لا يمكنه الترشح من جديد، سوى القليل من الإصلاح الجوهري، بل هيمن عليها الوباء وركود حاد واحتجاجات حاشدة مناهضة للحكومة تم قمعها بالقوة، وزيادة في عنف الكثير من الجماعات المسلحة التي تنشط في الريف وتتنافس على تهريب المخدرات.
وعلى الرغم من تعطش البلاد للتغيير، إلا أن المرشحيَن يُقلقان جزءاً من الناخبين.
عدم اليقين
ويقول مايكل شيفتر من مركز "ثينك تانك انترأميركان" للحوار، إن "هناك مجموعة كبيرة من الناخبين لا تحب حالة عدم اليقين الكبيرة، التي يمثلها كل من بترو وهيرنانديث".
وتشير أستاذة العلوم السياسية بجامعة خافريانا، باتريسيا إينيس مونيوس، إلى أن لهيرنانديس "خبرة قليلة على المستوى الوطني، ولم يتحدث كثيراً عن الطريقة التي سيحكم بها، وليس لديه ممثل في الكونجرس".
وتضيف أن القلق على صعيد بترو "يأتي من تجربة الحكومات اليسارية في المنطقة"، ولا سيما في فنزويلا المجاورة.
نصف البلاد
وتابعت: "إنه يثير الكثير من الخوف لدى بعض المواطنين، لكن أيضاً لدى الشركات وبعض القطاعات الاقتصادية".
وأكدت مونيوس أن "المهمة الأولى" للرئيس المقبل ستكون "إعادة توحيد هذا المجتمع الممزق. لن يتمكن أي منهما من الحكم بمفرده من دون مراعاة النصف الآخر من البلاد وأولئك الذين لم يصوتوا".
وسيؤمن نحو 320 ألف شرطي وجندي عملية الاقتراع، بإشراف الكثير من المراقبين الدوليين. وكما في الجولة الأولى التي جرت بهدوء من المتوقع أن تصدر النتائج مساء.
اقرأ أيضاً: