Open toolbar

متطوعو مؤسسة "صناع الخير" يوزعوا مساعدات غذائية في مصر (الشرق) - الشرق

شارك القصة
Resize text
القاهرة_

"موائد الرحمن" هي إحدى الطقوس الرمضانية التي افقتدها المصريون هذا العام، نظرا للإجراءات الحكومية المتخذة لتقليل الازدحام حرصاً على الحد من انتشار فيروس "كورونا"، الأمر الذي دفع منظمات مجتمعية عدة في مصر للتفكير في إيجاد بدائل للموائد التي كانت تملأ شوارع المحروسة في ساعة الإفطار.

بعض المنظمات المجتمعية المصرية، بادرت إلى تقديم وجبات طعام مطهية للصائمين من الفقراء والمحتاجين وعابري السبيل، في مشهد عكس مظاهر التكافل الاجتماعي.

متطوعون كُثر اعتادوا المشاركة في حملات إفطار الصائمين في الشوارع سواء بالمساعدة في الطهي أو بتوزيع المشروبات الرمضانية "كالخروب والتمر والهندي وقمر الدين"على ضيوف المائدة. 

 

وتمتد خارطة طريق "موائد الرحمن"من شمال مصر إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها. ذلك أن الأجيال توارثت تلك العادة المصرية الأصيلة، التي تعد سمة أساسية من مظاهر وسمات الشهر الكريم. ففي القاهرة تنتشر الموائد في أحياء "الحسين، السيدة نفسية، السيدة عائشة " فضلاً عن الموائد التي تقام في حي الموسكي وميدان الدقي وحى شبرا مصر وغيرهم.

تاريخ "موائد الرحمن"

وقال الباحث في الآثار الإسلامية سامح الزهار في تصريح إلى"الشرق" أن "تاريخ ظهور الموائد الرمضانية يعود إلى العهد النبوي"، بينما أرجع تاريخ ظهور الموائد الرمضانية في مصر إلى العهد العباسي.

 لكن شهادة ميلاد "موائد الرحمن" في مصر بحسب الزهار، كُتبت بشكل رسمي في عهد الدولة الطولونية على يد أحمد بن طولون، وبالتحديد في السنة الرابعة من حكمه. وكان الهدف منها أن يجمع القادة العسكريين وكبار التجار في مصر، مع الفقراء والمحتاجين جنباً إلى جنب، ليذكرهم بأهمية الإحسان إلى الفقراء  والشعور بمعاناتهم وحاجتهم، لتحقيق الترابط المجتمعي .

ويؤكد الزهار أنه في عهد الفاطميين، كان الخليفة المعز لدين الله الفاطمي، حريصاً على إقامة "دار الفطرة"، التي كان فيها باب يسمى "باب الظفر" يوزع من خلاله اللحوم على الفقراء والمحتاجين، وذلك في منطقة القاهرة التاريخية، وبالتحديد في القطاع الشمالي من شارع المعز لدين الله الفاطمي. ووقتها أُطلق على موائد الرحمن اسم "سماط الخليفة". 

ويشير الزهار إلى أن العهدين المملوكي والعثماني شهدا إقامة تلك العادة الرمضانية، وإن كانت وتيرتها أقل من العصور السابقة، لكنها بقيت في مصر من دون انقطاع منذ اكثر من 1300 عام. وظلّت محافظة على شخصيتها ووظيفتها، حتى أصبحت من العادات المهمة التي كان منبعها مصر، ثم انتقلت بعد ذلك إلى دول عربية وإسلامية. 

موائد زيّنت شوارع المحروسة

في حي الحسين التاريخي في قلب القاهرة القديمة، تحرص الطريقة الأحمدية الإدريسية "إحدى الطرق الصوفية" على إقامة مائدة رحمن كل عام، لتستوعب أعداد كبيرة من المحتاجين، بالإضافة إلى زوار مسجد "الإمام الحسين" وعمال الورش والمحال المنتشرة في منطقة مصر القديمة.

تلك المائدة الشهيرة، التي يعود تاريخها إلى أكثر من ربع قرن، لاوجود لها اليوم، بحسب ما قال المشرف عليها منذ تأسيسها الشيخ أحمد المصري الذي أكد لـ"الشرق" أن "مائدة الرحمن التابعة للطريقة الأحمدية الإدريسية، تقام منذ عام 1994 في الساحة الإدريسية بجوار مسجد الحسين، وتقدم ما يقرب من 500 إلى 800 وجبة يومية في شهر رمضان الكريم".

 

وأضاف "المصري" أن الإجراءات الخاصة بوقف إقامة موائد الرحمن، دفعت إلى إلغاء المائدة لأول مرة، والتفكير في مشروع لتقديم وجبات جاهزة ومطهية  للفقراء وعابري السبيل، من دون الحاجة إلى التجمع في مكان واحد".

حلول بديلة

من جانبه، أكد رئيس مجلس أمناء مؤسسة "صناع الخير" مصطفى زمزم أن أعضاء المؤسسة يسعون إلى توزيع "كرتونة رمضان" التي تحتوي على مواد غذائية من بقوليات وزيت وسكر، على الفئات المتضررة من إلغاء الموائد الرمضانية في منازلهم. 

وأشار زمزم إلى أن مؤسسة "صناع الخير" تستهدف الوصول للفئات المتضررة من قرارات حظر التجول بمصر في المناطق المهمشة والحدودية. وأضاف: "لقد وزع متطوعو المؤسسة قرابة 800 طن من المواد الغذائية في محافظات عدة"، لافتاً إلى أن "الحملة بدأت من محافظات الوادي الجديد وحلايب وشلاتين، مروراً بمحافظات الدلتا ووجه بحري، وذلك بالتعاون مع مؤسسات حكومية وخاصة ساهمت في تمويل حملتهم التي ستستمر حتى بعد شهر رمضان الكريم". 

وفي سياق متصل، قالت أستاذة علم الاجتماع في "جامعة عين شمس" سامية خضر، أن "التأثير السلبي الذي تركته موائد الرحمن في مصر، لم يكن مادياً فحسب، فتجربة موائد الرحمن بالنسبة للمصريين تعد درجة عالية من درجات التكافل والترابط الاجتماعي".

وأشارت إلى أن إلغاء هذه الموائد "كان أمراً لا مفر منه" على خلفية أزمة فيروس "كورونا"، مؤكدة أن "هذا الظرف الاستثنائي، يجب أن تقابله أيضاً إجراءات استثنائية في تعويض المستفيدين من هذه الموائد، وأن تتولى المؤسسات الخيرية دورها في الوصول إلى الفئات المحتاجة، ودعمها بالسبل كافة".

Google News تابعوا أخبار الشرق عبر Google News

نستخدم في موقعنا ملف تعريف الارتباط (كوكيز)، لعدة أسباب، منها تقديم ما يهمك من مواضيع، وكذلك تأمين سلامة الموقع والأمان فيه، منحكم تجربة قريبة على ما اعدتم عليه في مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك تحليل طريقة استخدام موقعنا من قبل المستخدمين والقراء.