المعارضة التركية تطالب بـ"انتخابات مبكرة".. و"العدالة والتنمية": تضر بالبلاد

time reading iconدقائق القراءة - 10
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال حضوره مؤتمر حزب العدالة والتنمية في أنقرة - 24 مارس 2021 - REUTERS
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال حضوره مؤتمر حزب العدالة والتنمية في أنقرة - 24 مارس 2021 - REUTERS
أنقرة- آلاء جول

جددت المعارضة التركية مطالبتها الرئيس رجب طيب أردوغان، بإجراء انتخابات مبكرة، بينما تتمسك الحكومة بالبقاء في السلطة حتى 2023.

وأكد نائب عن حزب "العدالة والتنمية" الحاكم لـ"الشرق"، أن الحكومة بقيادة أردوغان عازمة على إجراء الانتخابات في موعدها، مشيراً إلى أن الحزب لا يخشى صناديق الاقتراع، وأن الانتخابات المبكرة قد تلحق أضراراً اقتصادية أكبر بالبلاد.

أحمد داوود أوغلو، رئيس الوزراء التركي السابق المنشق عن حزب العدالة والتنمية الحاكم، ومؤسس حزب "المستقبل" المعارض، شدّد في مؤتمر صحافي عقده مؤخراً خلال زيارته ولاية صامصون شمالي تركيا، على ضرورة التوجه لانتخابات مبكرة.

وقال أوغلو: "إن الانتخابات أمر لا مفر منه في دولة تعاني الفقر، ومعدلات تضخم مرتفعة، وضغوط مالية، بسبب ارتفاع أسعار الفائدة، مثل تركيا".

ولفت رئيس الوزراء السابق إلى أن الأيام المقبلة "ستشهد نقاشات كثيرة بشأن إجراء انتخابات مبكرة في البلاد، يمكن إقامتها في حال وجّه الرئيس أردوغان بذلك، فمن الناحية القانونية، هو وحده من يملك هذه الصلاحية (نظراً لخضوع البلاد للنظام الرئاسي)".

"العفو والسماح"

وفاقمت قيود كورونا تداعيات تدهور الاقتصاد على الأتراك، وهو ما أقرّ به أردوغان منذ مايو الماضي، حين طلب"الصفح والعفو" من التجار، في معرض حديثه عن خطة تخفيف القيود التي فرضت لمواجهة "كورونا" وإنهاء الإغلاق العام.

وقال أردوغان حينها: "إن كان هناك مواطنين وتجار وبائعين واجهوا مصاعباً وتحديات خلال الحظر نطلب منهم جميعاً العفو والسماح".

ويقول معارضو الرئيس أردوغان إن تدخلاته كانت أيضاً من بين أسباب المصاعب الاقتصادية. فقد كان يوم 20 مارس هو اليوم الذي غيّر كل شيء، إذ أظهر قرار أردوغان إقالة محافظ البنك المركزي الصديق للسوق ساهاب كافجي أوغلو، بعد 4 أشهر فقط من العمل، عدم الارتياح لمفهوم استخدام معدلات فائدة أعلى لمكافحة التضخم وهو أحد أعراف الاقتصاد الحديث.

ومنذ ذلك الحين، تعرضت الأسواق التركية للكساد، وارتفعت معدلات التضخم في يونيو الماضي بشكل أسرع من كافة التقديرات، ما قلل من احتمالية خفض سعر الفائدة خلال الصيف، وهو الأمر الذي يسعى إليه رئيس البلاد.

ودفع  الواقع الاقتصادي المزيد من أحزاب المعارضة إلى المطالبة بإجراء انتخابات مبكرة، إذ كتب كمال كليجدار أوغلو، زعيم أكبر حزب معارض في تركيا "حزب الشعب الجمهوري"، في حسابه على تويتر: "بالطبع سنسامح (أردوغان)، ولكن ندعوكم لإجراء انتخابات لأجل تركيا.. انتخابات وعلى الفور".

وفي ذات السياق رأت ميرال أكشينار رئيسة حزب "الخير" المعارض، أن الحل الوحيد لقبول الشعب طلب الرئيس المسامحة يكون عبر الانتخابات.

وقالت أكشينار إن "السيد أردوغان ربما تكون قد نسيت، لكن الشعب يمكنه مسامحة السياسيين عبر صناديق الاقتراع وليس على المنابر. بما أنك تريد العفو هيا أحضر الصناديق، لكي يسامحك المزارعون والتجار والشباب العاطلين عن العمل والأمة بأكملها".

الحكومة تتمسك بالبقاء

تتمسك الحكومة التركية برئاسة أردوغان والحزب الحليف للحزب الحاكم "الحركة القومية"، بإجراء الانتخابات في موعدها المحدد خلال يونيو عام 2023، العام الذي يصادف الذكرى المئوية الأولى لتأسيس الجمهورية التركية.

وقال حسين شانفردي نائب عن حزب "العدالة والتنمية" الحاكم لـ"الشرق"، إن دعوات المعارضة التركية لإجراء انتخابات مبكرة "تزايدت" خلال الفترة الأخيرة.

وتابع: "لكن نحن كحزب العدالة والتنمية الحاكم تحت قيادة الرئيس رجب طيب أردوغان، نشدد على إجراء الانتخابات في موعدها المحدد في يونيو 2023".

ولفت شانفردي إلى أنه "تم إجراء انتخابات مبكرة في الماضي، لكنها ألحقت الضرر بالبلاد بدلاً من أن تحسن الوضع حينها، لذلك نحن نعتقد أن إجراء انتخابات مبكرة سيضر بوضع البلاد".

وشدد المتحدث على أن "حزب العدالة والتنمية مستعد دائماً للانتخابات في أي وقت، لأنه حزب الشعب، وحزب الأمة التركية، لدينا عدد جيد من الناخبين، ولذا نحن لا نخشى صناديق الاقتراع على الإطلاق".

بالمقابل، ذكر شافندري أن "حزب الشعب الجمهوري، وغيره من الأحزاب المعارضة، غير مستعدين لسباق انتخابي في مواجهة حزبنا، ولن يتمكنوا من فعل ذلك".

كليجدار مرشح لمواجهة أردوغان

وكان الرئيس أردوغان ودولت بهجلي، زعيم حزب الحركة القومية، الحليف، ومسؤولين موالين، أكدوا مراراً أن الانتخابات القادمة لن يتم إجراؤها قبل 2023.

كذلك سبق أن أعلن بهجلي متحدثاً باسم حزبه، أن مرشحهم لخوض الانتخابات الرئاسية سيكون "أردوغان".

بالمقابل، لم تعلن المعارضة التركية عن مرشحها للسباق الرئاسي المقبل، إلا أن التكهّنات ترجّح أن يكون "كليجدار أوغلو" مرشحاً يمثل المعارضة التركية. 

بولنت كوش أوغلو، نائب عم حزب الشعب الجمهوري، ذكر في أحد التصريحات الصحفية مؤخراً، أن  كليجدار  أوغلو هو الأجدر أن يكون مرشحاً عن المعارضة، لكن الأخير رفض الإعلان عن ذلك رسمياً، قبل التنسيق واستشارة الأحزاب المعارضة الأخرى عبر اجتماعات سيتم عقدها بهذا الخصوص، على حد قوله.

في غضون ذلك قدمت الحكومة مذكرة للجنة المشتركة في البرلمان التركي طالبت فيها برفع الحصانة عن 20 نائباً من المعارضة بتهم مختلفة، ضمنهم كمال كليجدار أوغلو.

وجاءت هذه الخطوة بمثابة محاولة ضغط من قبل الحكومة على أحزاب المعارضة، وذلك بالرغم من قرار المحكمة الدستورية في تركيا، تبرئة البرلماني السابق عن حزب الشعوب الديمقراطي المعارض ذو الأغلبية الكردية، عمر فاروق غرغرلي أوغلو، بعد حبسه لـ3 أشهر.

وفي 17 مارس الماضي، أسقط البرلمان التركي عضوية السياسي المعارض ورفع الحصانة عنه، على خلفية تصديق الدائرة الجنائية الـ 16 بمحكمة الاستئناف العليا في أنقرة الحكم النهائي بسجنه لمدة عامين و6 أشهر، بتهمة "الترويج لمنظمة إرهابية" في إشارة لحزب العمال الكردستاني الذي تدرجه أنقرة على قوائم الإرهاب.

كما يقود دولت بهجلي زعيم "حزب الحركة القومية" وحليف أردوغان، حملة لحل "حزب الشعوب" المعارض، بذريعة اتصاله ودعمه لحزب العمال الكردستاني .

وقبلت المحكمة الدستورية أواخر يونيو الماضي، لائحة الاتهام التي تطالب بفرض حظر على الحزب، ما يفتح الطريق أمام قضية لحله.

تحالفات جديدة

وفي ظل الصراع السياسي المحموم يتوقع مراقبون أن يعقد حزب "العدالة والتنمية" الحاكم تحالفات جديدة، والتخلي عن تحالفه الحالي مع القوميين.

يقول هشام جوناي وهو محلل سياسي لـ"الشرق"، إن "حزب العدالة والتنمية يحاول إعادة كسب ثقة الناخب الكردي، ربما سيكون هناك تجديد للتحالف مع الأكراد وهذا احتمال وارد جداً، مقابل التخلي عن التحالف مع حزب الحركة القومية".

وأوضح جوناي أن "هناك تأثير كبير من الحزب القومي على سياسيات حزب العدالة والتنمية الحاكم، وأعتقد أن المطالبة بإسقاط الحصانة عن 20 نائباً جاءت بتأثير القوميين".

واعتبر جوناي أن الانتخابات في حال تنظيمها مبكراً "لن تصب بصالح المعارضة، لأنها غير جاهزة لخوض الانتخابات. وحتى الآن لا يوجد مرشح متفق عليه من قبل كافة الأحزاب في المعارضة".

ويجمع بين حزبي العدالة والتنمية الحاكم، والحركة القومية، اتفاق سياسي داخلي يطلق عليه "تحالف الشعب"، تم الإعلان عنه رسمياً عام 2018، قبيل الانتخابات العامة التي أجريت منتصف العام ذاته.

وقبل الإعلان عن التحالف بشكل رسمي، ساهم اتفاق الحزبين في إدخال تعديلات مؤلفة من 18 مادة على الدستور التركي، عبر استفتاء أجري عام 2017، وكانت أبرزها الانتقال من النظام البرلماني، إلى النظام الرئاسي.

في المقابل، يضم "تحالف الأمة" كلًّا من "حزب الشعب الجمهوري"، وحزب"الخير"، وبحسب بعض التقارير الإعلامية، ربما تتوسع دائرة التحالف ليضمّ "حزب الشعوب الديمقراطي"، والأحزاب الجديدة من قبيل حزب "المستقبل" برئاسة أحمد داوود أوغلو، وحزب "الديمقراطية والتقدم"، برئاسة وزير الاقتصاد الأسبق المنشق عن الحزب الحاكم، علي باباجان.